محور المقاومة في ميزان الأحداث: رؤية إيرانية جديدة
شهدت الأسابيع الأخيرة تطورات كبرى في الشرق الأوسط، دفعت بقوة محور المقاومة الذي تقوده إيران إلى واجهة الأحداث. في خطاب لافت، نفى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، أن تكون الجماعات المسلحة في المنطقة تعمل كوكلاء لإيران، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات تتحرك بناءً على إيمانها وقناعاتها الذاتية. جاءت تصريحاته في أعقاب خسائر كبيرة لحماس في غزة وحزب الله في لبنان خلال مواجهاتهم مع إسرائيل، وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الوثيق لطهران.
إعادة تعريف دور إيران في المنطقة
أكد خامنئي أن إيران لا تعتمد على قوات بالوكالة لتنفيذ أجندتها، مشددًا:
“إذا أردنا التحرك يومًا، فلن نحتاج إلى وكلاء.”
هذه التصريحات تمثل تحولًا في الخطاب الإيراني، الذي كان يُنظر إليه في الغرب كداعم رئيسي للجماعات المسلحة مثل حزب الله وحماس. خامنئي أرجع تحركات هذه الجماعات إلى دوافع إيمانية بحتة، قائلاً:
“حماس والجهاد الإسلامي يقاتلان لأن عقيدتهما تحثهما على ذلك، وليس لأنهما وكلاء لنا.”
تداعيات سقوط الأسد
يمثل سقوط نظام بشار الأسد علامة فارقة في المشهد السياسي الإقليمي، حيث كان يُعتبر حليفًا استراتيجيًا لإيران ضمن ما يُعرف بـ”محور المقاومة”. الدور الذي لعبه الأسد كان جوهريًا في تسهيل وصول الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، وتعزيز قدرات المقاومة الفلسطينية.
مع ذلك، يرى خامنئي أن الأزمة السورية يمكن أن تؤدي إلى ظهور قوى جديدة ذات طابع مقاوم:
“الشباب السوري، الذي يعاني من غياب الأمان وفقدان الحياة الطبيعية، سيقف بقوة في وجه من صمم ونفذ هذا الوضع.”
التحديات الإقليمية والدولية
تشهد المنطقة تحديات متزايدة لمحور المقاومة، خاصة مع تزايد الضغوط على الحوثيين في اليمن، الذين أطلقوا هجمات على ممرات الشحن في البحر الأحمر تضامنًا مع غزة. هذه الهجمات أدت إلى تدخلات عسكرية من الولايات المتحدة وبريطانيا، مما زاد من تعقيد الوضع الإقليمي.
إلى جانب ذلك، اتهم خامنئي الولايات المتحدة بمحاولة خلق الفوضى داخل إيران نفسها، قائلاً:
“الأمة الإيرانية ستسحق كل من يقبل أن يكون مرتزقًا لأمريكا.”
قراءة في مستقبل محور المقاومة
تظل التساؤلات قائمة حول قدرة محور المقاومة على التكيف مع هذه التغيرات الجذرية في الساحة الإقليمية. خسارة حلفاء مثل الأسد، والضغوط المتزايدة على الجماعات المرتبطة بإيران، تضع تحديات استراتيجية أمام طهران. مع ذلك، يبدو أن القيادة الإيرانية تراهن على قدرة هذه الجماعات على إعادة تنظيم صفوفها بناءً على إيمانها الذاتي، وليس فقط على الدعم الإيراني.
يمثل خطاب خامنئي محاولة لإعادة صياغة دور إيران في المنطقة، بعيدًا عن فكرة الاعتماد على الوكلاء، ليؤكد على أن محور المقاومة يقوم على أيديولوجيا عميقة تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن لمحور المقاومة الاستمرار بنفس القوة في ظل هذه التغيرات الدراماتيكية؟