التطورات الأمنية بين إيران وإسرائيل: عمليات الاغتيال والاختطاف الإيرانية في الغرب
في خضم الصراع المستمر والمتصاعد بين إيران وإسرائيل، تشهد العلاقات بين البلدين تصعيدًا جديدًا مع تفاقم المحاولات الإيرانية لتنفيذ عمليات اغتيال واختطاف ضد أهداف في أوروبا والولايات المتحدة. منذ عام 2020، سُجلت على الأقل 33 محاولة اغتيال أو اختطاف في الغرب، والتي تعتقد السلطات المحلية والإسرائيلية أن إيران متورطة فيها. هذه العمليات تمثل جزءًا من الصراع الطويل الأمد بين إيران وإسرائيل، والذي يتجاوز حدود الشرق الأوسط ليصل إلى العواصم الغربية.
استهداف مراكز يهودية في الغرب
في الآونة الأخيرة، تم الكشف عن محاولة استهداف مركز يهودي ومطعم “كوشير” في وسط العاصمة اليونانية أثينا. وفقًا لتحقيقات الشرطة اليونانية والمستندات القضائية، قاد مواطن باكستاني يُدعى سيد فخر عباس تلك العملية من إيران. عباس، الذي يُزعم أنه يعمل لصالح جهة إيرانية، قام بتجنيد شخص آخر يقيم في اليونان لتنفيذ الهجوم. الهدف كان واضحًا: تنفيذ الهجوم بأي وسيلة ممكنة، سواء باستخدام المتفجرات أو الحرق، على أن يتلقى منفذ العملية مكافأة قدرها 15 ألف يورو عن كل عملية قتل.
المراسلات بين عباس ومنفذ الهجوم المزعوم تشير إلى أن عباس كان يوجه بدقة كيفية تنفيذ العملية وتقديم الأدلة على وقوع ضحايا. بالرغم من أن المنفذين نفوا التورط الفعلي في العملية، إلا أن السلطات اليونانية تتهمهم بالانتماء لشبكة إرهابية مدعومة من الخارج.
دور الموساد في إحباط العمليات الإيرانية
يعتبر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد” جزءًا أساسيًا في عمليات إحباط تلك المخططات الإيرانية. الموساد، الذي تعاون مع السلطات اليونانية في هذه القضية، اتهم إيران بتنسيق تلك الهجمات كجزء من شبكة دولية تُدار من طهران. وعلى الرغم من نفي إيران لأي صلة لها بهذه العمليات، إلا أن التحقيقات الأمنية تشير إلى وجود نمط متكرر في العمليات الإيرانية، يتضمن استخدام مرتزقة غير إيرانيين لتنفيذ المهام القذرة.
ومن اللافت للنظر أن بعض هذه العمليات تورط فيها أشخاص من باكستان، حيث تكرر ظهور مواطنين باكستانيين في عدة محاولات اغتيال إيرانية مزعومة.
تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل
تأتي هذه التطورات في وقت يتصاعد فيه الصراع العسكري المباشر بين إيران وإسرائيل. في خطوة انتقامية، قامت إيران بإطلاق صواريخ على إسرائيل ردًا على هجوم إسرائيلي أودى بحياة قادة من حزب الله، من بينهم حسن نصر الله. هذا التصعيد يعكس تعمق الصراع الإقليمي والدولي بين الطرفين، حيث تستخدم إيران وكلاءها في المنطقة وخارجها لتهديد المصالح الإسرائيلية والغربية.
كما أشارت السلطات الأمريكية إلى تصاعد العمليات الإيرانية التي تستهدف شخصيات معارضة للنظام الإيراني في الغرب، بمن فيهم صحفيون ونشطاء بارزون. بعض هذه العمليات استهدفت حتى مسؤولين حكوميين أمريكيين، بما في ذلك محاولة مزعومة لاغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
تداعيات الصراع على الغرب
إن تصاعد العمليات الإيرانية في الغرب يمثل تهديدًا متزايدًا للأمن في الدول الأوروبية والولايات المتحدة. تعتمد إيران على أساليب متنوعة في تنفيذ هجماتها، بما في ذلك توظيف عصابات الجريمة المنظمة وعناصر من خارج إيران لتنفيذ المهام القذرة، مما يُعقد جهود الكشف عن المتورطين. هذه الأساليب تساعد إيران في إخفاء أي علاقة مباشرة لها بالهجمات وتفادي التداعيات الدبلوماسية.
ووفقًا لعدة تقارير، من المحتمل أن تكون هناك العديد من العمليات الأخرى التي لم يُكشف عنها بسبب حساسية الوضع الدبلوماسي بين إيران والدول الغربية. تعمد بعض الحكومات إلى عدم اتهام إيران بشكل مباشر حفاظًا على العلاقات الدبلوماسية الهشة.
في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، تتجه إيران نحو تنفيذ عمليات سرية في الغرب تستهدف من خلالها مصالح إسرائيلية ويهودية، بالإضافة إلى شخصيات معارضة. وعلى الرغم من محاولات إيران لنفي تورطها في هذه العمليات، تشير الأدلة إلى تورطها العميق في تلك المخططات عبر شبكات دولية من المرتزقة والعملاء غير الإيرانيين.
ما بين العمليات العسكرية المباشرة في الشرق الأوسط وتلك السرية في الغرب، يظهر أن الصراع الإيراني-الإسرائيلي يدخل مرحلة جديدة وأكثر خطورة، حيث تتجه إيران إلى تنفيذ عمليات انتقامية عبر وكلائها في مختلف أنحاء العالم. هذا التوجه يضع الغرب أمام تحديات أمنية جديدة قد تزداد تعقيدًا في المستقبل القريب.