هادي البحرة ولد في دمشق عام 1959 وهو رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية

الثورة السورية وتقدمها السريع: معركة حلب وتحولات المشهد السياسي

مع دخول الثورة السورية مرحلة جديدة من تطوراتها، يشكل استيلاء قوات المعارضة على مدينة حلب وأجزاء من محافظة إدلب تطورًا جريئًا في تاريخ الصراع السوري. هذا التقدم المفاجئ ليس فقط عسكريًا، ولكنه يعكس تغيرات استراتيجية إقليمية ودولية أثرت بشكل كبير على ديناميكيات الصراع.

التحضيرات الطويلة لعملية حلب

بدأت المعارضة السورية استعداداتها للاستيلاء على حلب قبل عام، وفقًا لهادي البحرة، رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. إلا أن العملية تأخرت بسبب الحروب في غزة ولبنان، ولم تُطلق إلا بعد أن دخلت هدنة بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.

وأشار البحرة إلى أن تأخر العملية جاء نتيجة لتجنب التعقيدات السياسية التي قد تنجم عن شن عمليات عسكرية في سوريا بالتزامن مع تصعيد عسكري في لبنان.

“عندما أُعلن وقف إطلاق النار في لبنان، وجدوا الفرصة المناسبة للبدء”، قال البحرة.

دور العوامل الإقليمية في التقدم

ساهم انشغال حزب الله والقوات المدعومة من إيران بالصراع مع إسرائيل في تسهيل تقدم قوات المعارضة. في الوقت ذاته، أظهرت القوات التركية، التي تربطها علاقات مع بعض الفصائل المعارضة، دورًا غير مباشر في العملية من خلال المراقبة والدعم اللوجستي دون التدخل المباشر.

هذا التقدم يُعد أكبر تحدٍّ للرئيس السوري بشار الأسد منذ سنوات، خاصة أن الخطوط الأمامية في الحرب السورية ظلت مجمدة إلى حد كبير منذ عام 2020.

التحولات في ميزان القوى الإقليمي

يشير البحرة إلى أن هناك عوامل عديدة ساعدت في تراجع الدعم لقوات النظام السوري، منها:

  1. انشغال حزب الله بالصراع مع إسرائيل.
  2. تقليص الدعم الإيراني نتيجة للضغوط الاقتصادية.
  3. تراجع الغطاء الجوي الروسي بسبب انشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا.

تداعيات العملية على المشهد الإنساني والسياسي

يشكل استيلاء المعارضة على حلب بداية جديدة لآلاف السوريين النازحين، إذ يفتح الباب لعودة الكثيرين إلى ديارهم. ومع ذلك، فإن الهجمات المضادة التي يشنها النظام السوري والقوات الروسية تمثل تهديدًا خطيرًا على المدنيين.

وأكد البحرة أن المعارضة ركزت في تقدمها الأخير على تقليل الخسائر بين المدنيين، في خطوة تهدف إلى كسب تأييد محلي ودولي.

تعقيدات دولية ومحلية

بينما لم يصدر أي تعليق من دمشق حول هذه التطورات، أظهرت إيران التزامها بدعم النظام السوري. وأكدت مصادر سورية وعراقية أن مئات المقاتلين من الميليشيات المدعومة من إيران عبروا إلى سوريا لمواجهة تقدم المعارضة.

الفصائل المشاركة في العملية

تشكلت قوات المعارضة من تحالف فصائل تدعمه تركيا، بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS) وفصائل أخرى مثل الجيش الوطني السوري. في حين أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي لا يشمل HTS، يقود المفاوضات الدبلوماسية مع الأمم المتحدة والدول الكبرى لدعم المعارضة سياسيًا.

معركة حلب: علامة فارقة

يمثل الاستيلاء على حلب خطوة حاسمة في تاريخ الثورة السورية. فهو لا يعكس فقط قوة المعارضة، ولكنه يكشف أيضًا عن ضعف النظام وحلفائه. ومع استمرار التحديات، تظل العملية اختبارًا لمدى قدرة المعارضة على تحقيق مكاسب طويلة الأمد على الأرض، وتحويلها إلى مكاسب سياسية تخدم تطلعات الشعب السوري.

التقدم السريع للمعارضة في حلب يوضح كيف يمكن للاستراتيجيات العسكرية أن تتأثر بتعقيدات الجغرافيا السياسية الإقليمية. ومع أن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق سلام مستدام في سوريا، فإن هذه المرحلة تمثل نقطة تحول في الصراع، تفتح آفاقًا جديدة للتحول السياسي والعسكري في المنطقة.

Join Whatsapp