استبق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مثوله أمام المحكمة الفيدرالية في العاصمة واشنطن، وزعم عبر حسابه على «تروث سوشيال» أنه سيكون من المستحيل أن يحصل على محاكمة عادلة في واشنطن في الاتهامات الموجهة إليه بتهمة التآمر ضد الولايات المتحدة والتآمر ضد حقوق المواطنين المدنية ومحاولة عرقلة الإجراءات الرسمية، ما أدى إلى الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.
ويتكبد ترمب ملايين الدولارات في معاركه القانونية التي تهدد مساعيه للفوز بالانتخابات الرئاسية، وقد تنضب بعض مصادر التمويل بشكل سريع.
وقال ترمب إن القاضية الفيدرالية التي تتهمه بمحاولة إلغاء خسارته في انتخابات عام 2020 بشكل غير قانوني يجب أن تنتقل من العاصمة واشنطن لأنها مدينة «مناهضة لترمب» إلى مكان محايد، مطالباً بنقل المحاكمة إلى ولاية فيرجينيا الغربية، التي وصفها بأنها غير منحازة سياسياً. وهاجم على وسائل التواصل الاجتماعي المستشار الخاص جاك سميث، قائلاً إنه «دعا إلى استيلاء فيدرالي على عاصمة البلاد لعرقلة إعادة العظمة إلى العاصمة».
وكتب ترمب: «من المستحيل الحصول على محاكمة عادلة في واشنطن العاصمة، وهناك ما يزيد على 95 في المائة ضد ترمب، وقد دعوت إلى اتخاذ قرار فيدرالي من أجل إعادة عاصمتنا إلى العظمة… إنها الآن جريمة كبيرة، إحراج لأمتنا، بل العالم في الواقع، إن لائحة الاتهام هذه تدور حول التدخل في الانتخابات!!».
ونفى ترمب ارتكاب أي مخالفات في ما يتعلق بلائحة اتهام المحقق الخاص جاك سميث، واستشهد بالتعديل الأول في الدستور، المتعلق بحرية التعبير. وكتب: «يريد اليسار الراديكالي تجريم حرية التعبير». وهي الحجة التي يدفع بها محامو الرئيس السابق دفاعاً عن تصريحات لمناصريه بالذهاب إلى مبنى الكابيتول.
وجاءت تغريدات ترمب عبر موقع «تروث سوشيال» قبل ساعات فقط من موعد مثوله أمام المحكمة في الرابعة مساء أمام قاضية المحكمة موكسيلا أوباهيايا، حيث ستتم تلاوة لائحة الاتهامات الفيدرالية، التي من المرجح بشدة أن ينفي ترمب ارتكابه لكل تهمة من هذه التهم. وسوف يطير الرئيس السابق على متن طائرته الخاصة من نادي الغولف الخاص به في بيدمينستر نيوجيرسي. ومن المتوقع أن يصل بين الساعة 3 و4 عصراً إلى مبنى محكمة إي باريت بريتيمان، وهو المكان الذي شهد عشرات المحاكمات المتعلقة بالهجوم على مبنى الكابيتول.
وليس معروفاً إلى الآن ما إذا كان سيتم تصوير ترمب أو أخذ بصماته، لكن القواعد الفيدرالية تملي هذه الإجراءات في كل ولاية قضائية يواجه فيها التهم، لذلك ربما سيتعين على ترمب أخذ بصمات أصابعه للمرة الثانية باستخدام جهاز مسح إلكتروني. ومن المتوقع أيضاً أن يجيب على سلسلة من أسئلة الاستلام التي تتضمن تفاصيل شخصية، مثل اسمه وعمره ومحل سكنه.
وقد صوّرت لائحة الاتهام الموجهة لترمب الهجمات على الكابيتول باعتباره هجوماً على الديمقراطية الأميركية، وصاغ المحقق الخاص القضية ضد ترمب على أنها تتعلق بوظيفة أساسية للديمقراطية يقوم بها الرئيس الذي خسر الانتخابات، وهي النقل السلمي للسلطة، واتهمه بمحاولة عرقلة دور الكونغرس في التصديق على نتيجة الهيئة الانتخابية. وجادل المحامي الخاص بأن ترمب كان يعلم أن مزاعمه حول سرقة الانتخابات كانت خاطئة، وكذب في ادعاءاته بسرقة وتزوير الانتخابات. وهي نقطة إذا ثبتت يمكن أن تكون مهمة لإقناع هيئة المحلفين بإدانته.
وتضم لائحة الاتهام 6 متآمرين، من دون ذكر أسمائهم أو توجيه الاتهام إليهم. استناداً إلى الأوصاف المقدمة، تتطابق مع الملفات الشخصية لمحامي ترمب ومستشاريه. ومن غير الواضح ما إذا كان سيتم توجيه الاتهام إلى هؤلاء في الجلسة نفسها.
حتى وقت متأخر من يوم الأربعاء، لم تكن هناك تهديدات بأعمال شغب من جهة أنصار ترمب، وفقاً لمسؤول كبير في إنفاذ القانون الفيدرالي، على الرغم من أن المسؤولين قالوا إنهم يتوقعون مظاهرات مؤيدة لترمب، ويبحثون عن أفراد أو مجموعات صغيرة قد تتصرف بعنف.
وقال مسؤولون إن مستويات التشديد الأمني خارج المبنى وداخله من المرجح أن تكون من بين أشد المستويات التي تم نشرها على الإطلاق في محكمة اتحادية بين وكالات إنفاذ القانون الفيدرالية بالتنسيق مع إدارة شرطة العاصمة في المدينة لحراسة المبنى وإغلاق بعض الشوارع المحيطة. وستكون قاعة المحكمة نفسها مليئة بالأمن.
يتكبد ترمب ملايين الدولارات في معاركه القانونية التي تهدد مساعيه للفوز بالانتخابات الرئاسية، وقد تنضب بعض مصادر التمويل بشكل سريع.
وتقول وكالة الصحافة الفرنسية إن ترمب لا يفتقر للسيولة، فلجنته المشتركة لجمع التبرعات حصلت على 54 مليون دولار في النصف الأول من 2023، أي أكثر من أي منافس جمهوري رئيسي في الانتخابات المنتظرة العام المقبل.
غير أن منتقدين يقولون إن المستندات المالية الجديدة تظهر كيف أن متاعبه القانونية المتلاحقة تحدث فجوة في خزائنه، في حين أنها يمكن أن تخصص للدعاية التلفزيونية أو المهرجانات وغيرها من فعاليات حملته للفوز بولاية رئاسية ثانية.
وكشفت لجنة العمل السياسي «سايف أميركا» (أنقذوا أميركا)، التي أسسها ترمب هذا الأسبوع، أنها وصلت إلى آخر 4 ملايين دولار بنهاية يونيو (حزيران)، وهو مبلغ يعد طفيفاً من الناحية المالية للحملات الانتخابية، بعد إنفاق أكثر من 20 مليون دولار على الرسوم القانونية.
ولترمب مساحة واسعة لإنفاق مبالغ كبيرة من المال على أتعاب المحامين، وهذا لا يمثل مخالفات جنائية، لكن المراقبين في دوائر واشنطن يتساءلون ما إذا كان يمكن توقع أن يقوم متبرعو الحملات بتسديد تلك المبالغ.
وستشكل الاتهامات الأخيرة الموجهة لترمب على خلفية مساعيه لقلب نتائج الانتخابات ضغطاً إضافياً على الموارد، مع فواتير قانونية جديدة هي الكبرى على عاتق لجنة العمل السياسي، في وقت وجّهت للملياردير اتهامات في فلوريدا ونيويورك وواشنطن.