المشهد السوري: تطورات متسارعة وتحولات مصيرية
وكالة أسنا للأخبار ASNA – شهدت سوريا في الأيام الأخيرة تطورات سياسية وعسكرية واجتماعية متسارعة، تعكس حجم التعقيدات التي تواجه البلاد في مسارها نحو الاستقرار. تأتي هذه التطورات وسط استمرار النزاع المستمر منذ أكثر من عقد، مع تعاظم التحديات الإنسانية والاقتصادية التي تلقي بظلالها على مختلف جوانب الحياة في سوريا.
إلغاء التجنيد الإلزامي ودعوات إعادة الإعمار
أعلن أحمد الشرع، أحد الشخصيات السياسية البارزة في سوريا، عن قرار بإلغاء التجنيد الإلزامي في الجيش السوري باستثناء بعض الاختصاصات ولفترات قصيرة. هذه الخطوة التي تُعتبر غير مسبوقة في سياق الأزمة السورية تهدف إلى تقليل العبء على الشباب السوري وتشجيعهم على البقاء داخل البلاد. كما شدد الشرع على أن إعادة المهجرين إلى سوريا وبناء المنازل المدمرة هي من أولويات المرحلة المقبلة، داعيًا السوريين في الخارج إلى العودة والمشاركة في بناء “سوريا جديدة” والاستفادة من خبراتهم في إعادة الإعمار.
التفاوض على مستقبل سياسي جديد
هيئة التفاوض السورية أكدت أهمية بناء دولة مدنية ديمقراطية قائمة على أسس القرار الأممي 2254، الذي يدعو إلى حل سياسي يشمل انتقالًا سلميًا للسلطة. وأشارت الهيئة إلى أن الحوار يهدف إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية تمثل جميع أطياف الشعب السوري، وتكون قادرة على قيادة المرحلة الانتقالية بسلاسة، مع توفير بيئة آمنة للاجئين الراغبين في العودة.
مساعدات دولية ودور بريطاني بارز
أعلنت بريطانيا عن تقديم مساعدات بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني لدعم اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى تمويل جديد لأنشطة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا. الخارجية البريطانية أكدت أن أكثر من 16 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مما يبرز حجم الأزمة الإنسانية المستمرة.
التصعيد العسكري والغارات الإسرائيلية
على الصعيد العسكري، شهدت مناطق مختلفة من سوريا تصعيدًا خطيرًا، أبرزها الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في الساحل السوري ومطار دير الزور العسكري، التي أسفرت عن انفجارات قوية في ريفي طرطوس واللاذقية. وتزامن ذلك مع تحليق طيران مجهول في المنطقة، مما أثار تساؤلات حول مستقبل الوضع الأمني في البلاد.
الدعم الإيراني والعودة القطرية
من جهة أخرى، أبدت إيران اهتمامها بتعزيز علاقاتها مع دمشق، حيث أعلن السفير الإيراني عن أمله في استئناف عمل السفارة الإيرانية قريبًا. كما أعلنت قطر عن استئناف عمل سفارتها في دمشق، في خطوة تعكس تغيرًا تدريجيًا في موقف بعض الدول العربية تجاه الحكومة السورية.
الاستيطان الإسرائيلي في الجولان
في سياق منفصل، صادقت الحكومة الإسرائيلية على خطة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمضاعفة عدد المستوطنين في هضبة الجولان السورية المحتلة بتكلفة 40 مليون شيكل. الخطوة قوبلت بإدانة مصرية شديدة، واعتبرتها انتهاكًا للقانون الدولي وإصرارًا إسرائيليًا على فرض سياسة الأمر الواقع.
الأموال السورية المنقولة إلى موسكو
وفقًا لتقرير فايننشيال تايمز، قام النظام السوري بنقل مبالغ نقدية تُقدر بطنين من العملة الصعبة (دولار ويورو) إلى موسكو، حيث تم تسليمها للبنك المركزي الروسي. هذه الخطوة أثارت انتقادات دولية، حيث يرى البعض أنها محاولة للحفاظ على الدعم الروسي للنظام في ظل العقوبات الغربية المفروضة.
أفق المرحلة المقبلة
مع استمرار التعقيدات السياسية والعسكرية والاقتصادية، يبقى مستقبل سوريا رهينًا بقدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى تسوية شاملة تُنهي سنوات الصراع. ومع الجهود الدولية الداعمة للحل السياسي وإعادة الإعمار، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوافق الداخلي وضمان عودة ملايين اللاجئين إلى وطنهم ضمن بيئة آمنة ومستقرة.