دانييل تواف تحدى وقتل

وكالة أسنا للأخبار ASNA – تحدى المقاومة في غزة ولقي مصرعه في كمين محكم

في يوم 18 سبتمبر/أيلول 2024، قُتل النقيب دانييل ميمون تواف، 23 عامًا، من بلدة موريش، إلى جانب ثلاثة جنود آخرين من لواء “جفعاتي” في جيش الدفاع الإسرائيلي، إثر انفجار عبوة ناسفة في حي تل السلطان برفح، جنوبي غزة. العملية، التي نفذتها حركات المقاومة الفلسطينية، جاءت بعد ساعات قليلة من تصريحات أدلى بها تواف وصف فيها عناصر المقاومة بـ”الجبناء”.

تواف، الذي كان يشغل منصب نائب قائد سرية في كتيبة “شاكيد”، تحدث في مقابلة نُشرت في مارس/آذار 2024، عن الروح المعنوية العالية لجنوده، قائلاً إنهم “يريدون النصر، ويريدون قتل العدو”. واعتبر أن العدو الفلسطيني “مرتعش” و”جبان”، بينما كانت ثقته بقدرات جنوده لا حدود لها، مؤكداً أنهم سيعودون إلى منازلهم بسلام بعد إتمام مهامهم.

لكن تلك الثقة لم تنعكس على أرض الواقع. بعد دخوله مع جنوده إلى مبنى مفخخ في رفح، انفجرت العبوة الناسفة التي كانت مخبأة داخل المبنى، ما أسفر عن مقتله ومقتل زميلته الرقيب أغام نعيم، والرقيب دوتان شمعون. الحادثة أثارت صدمة كبيرة في إسرائيل، ليس فقط بسبب الخسائر في الأرواح، بل لأنها جاءت بعد تصريحات تواف التحديّة.

تظهر هذه الصورة المركبة (من اليسار إلى اليمين) الجنود الإسرائيليون الرقيب دوتان شمعون؛ والرقيب أغام نعيم؛ والرقيب عميت بكري؛ والنقيب دانييل ميمون تواف، الذين قُتلوا أثناء القتال في جنوب غزة في 17 سبتمبر، 2024. (Israel Defense Forces)
تظهر هذه الصورة المركبة (من اليسار إلى اليمين) الجنود الإسرائيليون الرقيب دوتان شمعون؛ والرقيب أغام نعيم؛ والرقيب عميت بكري؛ والنقيب دانييل ميمون تواف، الذين قُتلوا أثناء القتال في جنوب غزة في 17 سبتمبر، 2024. (Israel Defense Forces)

من الخطاب إلى الحقيقة المريرة

في مقابلته الإعلامية، التي وجه فيها الشكر إلى شعب إسرائيل على دعمه لجيش الدفاع، عبّر تواف عن ثقته الكاملة في قدرة الجيش على الانتصار. لكن مقتله كشف عن مدى تعقيد الحرب في غزة، حيث المقاومة الفلسطينية أثبتت قدرتها على مواجهة القوات الإسرائيلية باستخدام تكتيكات مثل الألغام والكمائن التي تصعب على الجيش التعامل معها.

عملية تل السلطان ليست فقط ضربة موجعة لجيش الدفاع الإسرائيلي من الناحية الميدانية، بل هي ضربة معنوية كبرى. تواف، الذي وصف المقاومين بأنهم “ثلة من الجبناء”، وجد نفسه ضحيةً لتلك المقاومة نفسها، التي تمكنت من إحكام كمين مُحكم وقاتل ضد القوة العسكرية التي كان يقودها.

تصعيد مستمر

الهجوم جاء في خضم التصعيد المستمر بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية في غزة، التي تخوض حربًا طويلة الأمد منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تسبب في دمار واسع النطاق، مع سقوط أكثر من 140 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط دمار شامل للبنية التحتية في القطاع ومجاعة تلوح في الأفق.

ورغم الدمار الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بغزة، إلا أن مقتل تواف وزملائه يُظهر أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تحتفظ بقدرات قتالية مؤثرة، وقادرة على توجيه ضربات مؤلمة للجيش الإسرائيلي. تل أبيب تجد نفسها في موقف صعب، حيث تصعّد من هجماتها لكن دون تحقيق نصر حاسم على الأرض.

الدرس القاسي لإسرائيل

حادثة مقتل النقيب تواف تحمل دروسًا قاسية للجيش الإسرائيلي، فالثقة الزائدة والافتراض بأن العدو “خائف” أو “مرتعش” قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على أرض المعركة. القوة التي دخلت المبنى المفخخ فشلت في اكتشاف الألغام، رغم استخدام أجهزة كشف المتفجرات، وهو ما يطرح تساؤلات حول جاهزية الجيش للتعامل مع هذه التكتيكات.

ما حدث في رفح هو تذكير بأن الحرب في غزة ليست مجرد مواجهة عسكرية تقليدية، بل هي حرب استنزاف تعتمد على الذكاء التكتيكي من الجانبين. وبينما تستمر الخسائر في صفوف الطرفين، يبقى السؤال عن مدى قدرة إسرائيل على تحقيق نصر حاسم في هذا الصراع المستمر، خاصة في ظل قدرات المقاومة الفلسطينية التي تزداد تطورًا مع مرور الوقت.

Join Whatsapp