دور تركيا في الصراع السوري
وكالة أسنا للأخبار ASNA – برزت تركيا كواحدة من أهم اللاعبين الإقليميين في الحرب السورية، حيث دعمت المعارضة المسلحة ضد نظام بشار الأسد منذ بدايات الصراع. لعبت أنقرة دورًا محوريًا في تشكيل التحالفات داخل المعارضة المسلحة واستخدامها كأداة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في سوريا.
التحالف مع المعارضة المسلحة
قدمت تركيا دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للفصائل المتمردة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى، لتعزيز نفوذها في شمال سوريا. كانت أنقرة تسعى من خلال هذا الدعم إلى تحقيق أهداف متعددة، أهمها منع النظام السوري من استعادة السيطرة الكاملة على المناطق الشمالية.
احتواء الأكراد
من أبرز أولويات تركيا في سوريا كبح جماح الميليشيات الكردية المتمثلة في “وحدات حماية الشعب” (YPG)، التي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المحظور داخل تركيا. استخدمت أنقرة الفصائل المتمردة المدعومة منها لاحتواء توسع القوات الكردية، خصوصًا في المناطق الحدودية.
السيطرة على مناطق استراتيجية
نشرت تركيا قواتها في عدة مناطق شمال سوريا عبر عمليات عسكرية كبرى مثل “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام”. تهدف هذه العمليات إلى إنشاء “منطقة آمنة” على طول الحدود السورية التركية لمنع تدفق اللاجئين السوريين وضمان أمنها القومي.
دور تركيا في إدلب
في إدلب، آخر معاقل المعارضة، تلعب تركيا دورًا رئيسيًا في منع هجوم شامل للنظام السوري بدعم روسي على المنطقة. اتفقت تركيا مع روسيا على اتفاقيات وقف إطلاق النار منذ 2020، وهو ما حال دون انهيار المعارضة بالكامل. ومع ذلك، تشير التحليلات إلى أن أنقرة تدعم الهجوم الأخير للمتمردين كوسيلة للضغط على النظام السوري، خصوصًا في ظل مخاوف تركيا من تدفق موجات جديدة من اللاجئين في حال شن النظام هجومًا كبيرًا على إدلب.
التصعيد الأخير وعلاقته بتركيا
تشير التقديرات إلى أن الدعم التركي للهجوم الأخير الذي قادته هيئة تحرير الشام يهدف إلى تحقيق عدة أهداف:
- الضغط على النظام السوري: لإجباره على تقديم تنازلات سياسية أو وقف التصعيد في مناطق أخرى.
- الحد من النفوذ الروسي والإيراني: عبر تعزيز مواقع المتمردين وضمان استمرار الاضطرابات التي تمنع استقرار النظام.
- منع تدفق اللاجئين: عبر الحفاظ على خطوط التماس الحالية ومنع توسع النظام نحو إدلب والمناطق الشمالية.
التوازن التركي الروسي
رغم تعاون تركيا وروسيا في قضايا متعددة مثل اتفاقيات وقف إطلاق النار، إلا أن العلاقة بينهما في سوريا معقدة وتشوبها توترات متكررة. بينما تسعى روسيا لدعم النظام واستعادة سيطرته على كامل الأراضي السورية، تعمل تركيا على إبقاء المعارضة المسلحة قوية للحفاظ على نفوذها في المنطقة.
تلعب تركيا دورًا مزدوجًا في الصراع السوري، حيث تدعم المتمردين كوسيلة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، وفي الوقت نفسه تحاول منع تصعيد يؤدي إلى موجات لجوء جديدة. يبقى دورها في الهجوم الأخير مؤشرًا على استمرار الصراع الإقليمي والدولي حول سوريا، مما يجعل الحل السياسي أكثر صعوبة.