هيئة تحرير الشام أمام قلعة حلب

تطورات جديدة في الحرب السورية: لماذا يحاول المتمردون الإطاحة بالأسد الآن؟

وكالة أسنا للأخبار ASNA – شهدت سوريا خلال الأيام الماضية عودة مشهد الحرب الشرسة إلى الواجهة مع انطلاق أول هجوم كبير للمتمردين منذ أربع سنوات. قامت فصائل متمردة بقيادة “هيئة تحرير الشام” (HTS) بشن هجوم واسع النطاق في المناطق الغربية من مدينة حلب، وتمكنت من السيطرة على عدة قرى وقاعدة عسكرية رئيسية، مما تسبب في اشتعال القتال بعد سنوات من الجمود.

تفاصيل الهجوم

في اليوم الأول من القتال، تمكن المتمردون من التقدم حوالي أربعة أميال نحو مدينة حلب، وهو أقرب اقتراب من المدينة منذ سنوات. جاء الرد سريعًا من قوات النظام السوري وحلفائه الروس بشن ضربات جوية على المناطق التي استولت عليها هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى مناطق أخرى تحت سيطرة المتمردين.

ووفقًا لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن الاشتباكات خلال أول 24 ساعة أسفرت عن مقتل أكثر من 130 مقاتلًا من الطرفين، بينهم 65 من مقاتلي هيئة تحرير الشام و49 من قوات النظام.

لماذا الآن؟

منذ توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في مارس 2020 بين روسيا وتركيا، بقيت خطوط القتال في شمال غرب سوريا مجمدة إلى حد كبير. ومع ذلك، تزايدت الانتهاكات للاتفاق في الأشهر الأخيرة، حيث كثف النظام السوري وحلفاؤه هجماتهم على معاقل المتمردين.

من جهة أخرى، يُعتقد أن التوترات الإقليمية تلعب دورًا في إشعال التصعيد. فقد دفعت الضربات الإسرائيلية المتزايدة ضد إيران وحزب الله إلى تعزيز النظام السوري هجماته في محاولة لردع المتمردين واستغلال الانشغال الدولي.

من هم المتمردون؟

يُعتبر المتمردون السوريون نتاجًا لثورة 2011 ضد نظام بشار الأسد، والتي بدأت باحتجاجات سلمية في درعا قبل أن تتحول إلى حرب شاملة. ومع تصاعد العنف، تشكلت مئات الميليشيات المسلحة، بما في ذلك الجماعات الجهادية مثل “القاعدة” و”داعش”.

تُعد هيئة تحرير الشام الآن الفصيل الرئيسي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمال غرب سوريا. وعلى الرغم من انشقاقها عن القاعدة في عام 2016، لا تزال الهيئة تُصنف كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

دور القوى الإقليمية والدولية

روسيا وإيران

شكلت إيران وروسيا العمود الفقري لدعم نظام الأسد منذ بداية الصراع. قدمت إيران مليارات الدولارات والأسلحة والمقاتلين، بما في ذلك ميليشيات مثل حزب الله، لدعم الأسد. أما روسيا، فقد تدخلت عسكريًا في 2015 وقلبت موازين الحرب لصالح النظام من خلال دعم جوي وبري قوي.

تركيا

على الجانب الآخر، دعمت تركيا فصائل المعارضة المسلحة واستخدمتها كوسيلة للضغط على الأسد واحتواء الميليشيات الكردية. كما قامت أنقرة بنشر قوات على الحدود السورية الشمالية لمنع موجة جديدة من اللاجئين ودعمت الهجوم الأخير كوسيلة لتعزيز نفوذها.

ما الذي يحدث في حلب؟

تاريخيًا، كانت حلب أحد أبرز ساحات القتال في الحرب السورية. في عام 2016، تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على المدينة بعد سنوات من الحصار والمعارك الطاحنة. رغم ذلك، لا تزال المناطق المحيطة بها ساحة صراع بين قوات النظام والمتمردين.

من يسيطر على سوريا الآن؟

يسيطر نظام الأسد، بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، على المدن الكبرى ومعظم المناطق الرئيسية. في المقابل، تسيطر هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على أجزاء من إدلب والمناطق المحيطة بها. أما المناطق الشرقية والشمالية، فتخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (SDF) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تركز على مكافحة بقايا تنظيم داعش.

تداعيات التصعيد الأخير

يهدد الهجوم الأخير بتفجير الوضع الهش في سوريا وإعادة الحرب إلى الواجهة بعد سنوات من الجمود النسبي. كما يعكس التصعيد التوترات الإقليمية بين تركيا وروسيا وإيران، مما يجعل مستقبل سوريا أكثر غموضًا وتعقيدًا.

هل سيؤدي هذا الهجوم إلى تغيير جذري في المعادلة السورية؟ أم أنه مجرد فصل آخر من صراع طويل الأمد؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.

Join Whatsapp