كيف تحول شمس الدين جبار من أب قدوة ومخضرم عسكري إلى إرهابي؟
شمس الدين جبار، البالغ من العمر 42 عامًا، الذي نفذ الهجوم المروع ليلة رأس السنة في نيو أورلينز، لم يكن دائمًا شخصًا متطرفًا أو مهيأً للعنف. فقد كان في الماضي جنديًا في الجيش الأمريكي، ووكيل عقارات ناجحًا، ومستشارًا في كبرى الشركات العالمية مثل Deloitte. إلا أن سلسلة من الأحداث الشخصية والمهنية غيرت مسار حياته بشكل جذري، مما أدى إلى وقوعه في هاوية التطرف والإرهاب.
بداية حياة واعدة
وُلد شمس الدين جبار في مدينة بومونت، تكساس، لأبوين مستقرين، عبد الجبار وزوجته هرما. نشأ في بيئة أسرية مستقرة مع شقيقيه والتحق بمدرسة “سنترال سينيور هاي سكول”. بعد فترة قصيرة في البحرية الأمريكية عام 2004، انضم جبار إلى الجيش الأمريكي في عام 2007، حيث خدم لمدة عشر سنوات كمتخصص في الموارد البشرية وتقنية المعلومات، وقام بمهمة في أفغانستان بين عامي 2009 و2010.
خلال هذه الفترة، حصل على شهادة جامعية في علوم الكمبيوتر من كلية تكساس المركزية. وتمت ترقيته إلى رتبة رقيب، كما التحق بالاحتياط في الجيش في عام 2015، واستمر في تعزيز مسيرته المهنية بحصوله على شهادة في إدارة الأعمال من جامعة ولاية جورجيا.
مسيرة مهنية ناجحة
بعد تخرجه، عمل جبار في شركات مرموقة مثل Accenture وErnst & Young وDeloitte، حيث ساهم في مشاريع تحول رقمي لشركات ضمن قائمة Fortune 100. كما أسس شركة “بلو ميدو بروبرتيز” عام 2017، وهي شركة عقارات وصفت بأنها مملوكة لقدامى المحاربين.
كان جبار يتميز بشخصية ملتزمة ومنضبطة، مما جعله يبرز في مجاله. لكنه بدأ يواجه صعوبات مالية أدت إلى توقف رخصته العقارية عام 2023، مما دفعه إلى اتخاذ قرارات جذرية.
الأزمة الشخصية والمالية
في عام 2022، شهدت حياة جبار تحولات درامية بعد طلاقه من زوجته الثانية، شنين جبار. خلال القضية، تعرض لضغوط مالية خانقة، بما في ذلك ديون تجاوزت 43,000 دولار، ما اضطره لبيع منزله لتسديد التزاماته. وبحسب وثائق المحكمة، أرجعت زوجته مشاكله المالية إلى إنفاقه المفرط على الهدايا وسلوكيات غير مسؤولة.
خلال هذه الفترة، بدأ جبار يُظهر تغييرات جذرية في سلوكه. وفقًا لتقارير أحد أفراد عائلته، بدأ يتبنى أفكارًا متطرفة واعتنق الإسلام مؤخرًا، مما أثار قلق أفراد عائلته السابقين.
الانهيار والتحول للتطرف
بعد طلاقه، انتقل جبار للعيش في مقطورة متنقلة في منطقة ريفية بمدينة هيوستن، حيث عاش في عزلة نسبية. تشير التقارير إلى أنه قضى 10 أيام في مصر العام الماضي، وهو ما قد يكون نقطة تحول أساسية في تبنيه للتطرف.
مع تدهور حالته النفسية والاجتماعية، قرر الانتقال إلى نيو أورلينز، حيث خطط ونفذ الهجوم المروع الذي أودى بحياة 15 شخصًا وأصاب 25 آخرين بجروح.
الأثر والصدمة
أثار الهجوم صدمة واسعة في المجتمع الأمريكي، حيث وصفته السلطات بأنه عمل إرهابي مستوحى من تنظيم داعش. تسعى التحقيقات لتحديد كيفية وصول جبار إلى هذا المستوى من التطرف، ودراسة أي علاقات محتملة له مع شبكات إرهابية.
قصة شمس الدين جبار هي تحذير مؤلم من مخاطر الانزلاق نحو التطرف، خاصة عند تقاطع الأزمات الشخصية مع العوامل الخارجية المحفزة. إنها دعوة للمجتمع لمراجعة كيفية التعامل مع قدامى المحاربين ودعمهم في مواجهة التحديات التي قد تعصف بحياتهم بعد الخدمة العسكرية.