تقرير يقارن بين علي خامنئي وفيدل كاسترو:
وكالة أسنا للأخبار ASNA – يعد علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، وفيدل كاسترو، الزعيم الكوبي، من أبرز القادة السياسيين في القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. ورغم اختلاف الثقافة والنظام السياسي في إيران وكوبا، فقد أثّرت قيادتهما على مسار بلديهما. يمكن مقارنة خامنئي وكاسترو من عدة زوايا، تشمل الخلفية الشخصية، الأيديولوجية، دورهما في الثورات، ونظام الحكم الذي رسماه.
- الخلفية الشخصية والمسيرة السياسية:
علي خامنئي: وُلد خامنئي في عام 1939 لعائلة دينية شيعية في مدينة مشهد بإيران. التحق بالحوزات الدينية وتخصص في الفقه الشيعي، وشهد الثورة الإيرانية التي أطاحت بشاه إيران عام 1979. مع وصول آية الله الخميني إلى السلطة، تبوأ خامنئي مناصب متعددة في النظام الجديد، حتى تولّى منصب المرشد الأعلى بعد وفاة الخميني عام 1989.
فيدل كاسترو: ولد كاسترو عام 1926 لعائلة من مزارعين أثرياء في كوبا، ودرس القانون بجامعة هافانا. تأثر كاسترو بالأفكار الاشتراكية ومعاداة الإمبريالية، وانضم إلى حركة ثورية مسلحة ضد الرئيس باتيستا المدعوم من الولايات المتحدة. بعد انتصار الثورة الكوبية عام 1959، أصبح كاسترو القائد الأعلى للبلاد وحوّل كوبا إلى دولة شيوعية.
- الأيديولوجية والدور في الثورة:
علي خامنئي: خامنئي زعيم ديني ذو توجّه إسلامي شيعي، يتبنّى رؤية سياسية قائمة على “ولاية الفقيه”، حيث يرى أن الفقيه الديني يجب أن يكون هو الحاكم في الدولة الإسلامية. لعب دوراً في تشكيل الجمهورية الإسلامية وتثبيت قواعدها بعد الثورة، وعمل على إضفاء طابع ديني على النظام السياسي في إيران.
فيدل كاسترو: كان كاسترو اشتراكياً ماركسياً، وسعى إلى إقامة دولة خالية من التبعية الإمبريالية، مروّجًا لأفكار العدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية. أسس كاسترو نظامًا قائماً على الشيوعية والتحالف مع الاتحاد السوفيتي، وأثّر على دول أمريكا اللاتينية من خلال دعمه حركات التحرر.
- نظام الحكم والسيطرة على السلطة:
علي خامنئي: بعد توليه منصب المرشد الأعلى، ركّز خامنئي على تعزيز سلطته كأعلى سلطة دينية وسياسية في إيران، وله صلاحيات واسعة تشمل تعيين رؤساء القضاء والحرس الثوري والسيطرة على الإعلام. استخدم خامنئي أجهزة أمنية مثل الحرس الثوري والباسيج لضمان الاستقرار الداخلي، ومنع المعارضين السياسيين من زعزعة النظام.
فيدل كاسترو: حكم كاسترو كوبا بأسلوب مركزي قوي، ولم يسمح بوجود أي معارضة سياسية، حيث اعتمد على الجيش الكوبي والاستخبارات لضبط الوضع الداخلي. تميزت فترة حكمه بالسيطرة على وسائل الإعلام وفرض قيود شديدة على حرية التعبير لضمان الحفاظ على النظام الشيوعي.
- السياسات الخارجية:
علي خامنئي: تتميز سياسة خامنئي الخارجية بالمواقف المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل، وبدعم الجماعات المسلحة في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، بهدف تعزيز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط. يرى خامنئي أن إيران يجب أن تتبنى سياسة مقاومة تجاه القوى الغربية، ويعتبر دعم حلفاء طهران أساسيًا للحفاظ على الأمن القومي الإيراني.
فيدل كاسترو: اتبع كاسترو سياسة عدائية تجاه الولايات المتحدة، وحوّل كوبا إلى قاعدة للنفوذ السوفيتي في نصف الكرة الغربي، ما أدى إلى أزمة الصواريخ الكوبية في 1962. قدم الدعم للعديد من حركات التحرر في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، واعتبر نفسه نصيرًا للشعوب المستضعفة التي تقاوم الإمبريالية.
- التأثير والإرث:
علي خامنئي: يعد خامنئي زعيمًا محافظًا ساهم في تشكيل إيران كدولة إسلامية شيعية بعمق أيديولوجي قوي، وجعلها لاعبًا مؤثرًا في الشرق الأوسط. يُنظر إليه على أنه قائد حريص على حماية النظام الديني وتوسيع نفوذ إيران الإقليمي، وقد ساهم في استقرار النظام السياسي رغم تحديات داخلية وخارجية.
فيدل كاسترو: كاسترو من الزعماء الذين حققوا استقلال كوبا عن التأثير الأمريكي، وأثّر بعمق في الأيديولوجيا السياسية لأمريكا اللاتينية. ومع ذلك، أدت سياسته الاشتراكية إلى تدهور الاقتصاد الكوبي، لكنه ظل رمزًا للثورة والمقاومة. إرثه يبقى مثيرًا للجدل، حيث يعتبره البعض زعيمًا بطلًا، بينما يراه آخرون ديكتاتورًا.
على الرغم من الاختلافات الثقافية والدينية بين خامنئي وكاسترو، فإنهما يشتركان في عدة جوانب، مثل معاداة النفوذ الغربي، والتمسك بسلطة مركزية قوية، والسيطرة على المجتمع من خلال أيديولوجيات محكمة. يعد كلاهما نموذجين في التأثير على بلديهما بطرق عميقة، إذ خلقا أنظمة سياسية كانت تعبر عن رؤى فكرية خاصة بكل منهما، وإن كانت تلك الأنظمة أيضًا قوبلت بانتقادات واسعة من قبل المجتمع الدولي.