أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها تتعقب منطاد تجسس صينياً يحلق على ارتفاع عالٍ فوق الولايات المتحدة، بالتزامن مع إعلان كندا، اليوم (الجمعة)، أنها تعمل مع الولايات المتحدة على تعقب منطاد تجسس يحلق على ارتفاع عالٍ، وتتابع «حادثاً ثانياً محتملاً».
وأوضح مسؤول أميركي أن المنطاد حلق فوق شمال غربي الولايات المتحدة، حيث توجَد قواعد جوية حساسة وصواريخ نووية استراتيجية في منشآت تحت الأرض، حسبما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقالت وزارة الدفاع الوطني الكندية في بيان: «رُصِد منطاد تجسس على ارتفاع عالٍ ونتعقب تحركاته بنشاط». وأوضحت الوزارة: «الكنديون في أمان، وتتخذ كندا التدابير لضمان أمن مجالها الجوي، بما يشمل تتبع حادث ثانٍ محتمل».
وأضاف البيان الذي أحجم عن ذكر الصين: «وكالات الاستخبارات الكندية تعمل مع شركائها الأميركيين، وتواصل اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية كندا من تهديدات تجسس أجنبي».
من جانبه، نصح مسؤولون كبار الرئيس الأميركي جو بايدن بعدم إسقاطه خوفاً من أن يشكل الحطام تهديداً لسلامة المواطنين. وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، البريجادير جنرال باتريك رايدر، للصحافيين بأن «حكومة الولايات المتحدة اكتشفت وتتابع بالون مراقبة يحلق على ارتفاع شاهق فوق الولايات المتحدة حالياً»، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وأضاف: «يتحرك البالون حالياً على ارتفاع أعلى بكثير من حركة الملاحة الجوية التجارية، ولا يمثل تهديداً عسكرياً أو مادياً للناس على الأرض».
* ضغط على العلاقات
وقال السيناتور الأميركي، ماركو روبيو، كبير الجمهوريين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إن بالون التجسس مقلق، ولكنه ليس مفاجئاً. وأضاف روبيو على «تويتر»: «مستوى التجسس الموجَّه من بكين لبلدنا نما نمواً كبيراً، وبشكل أكثر (حدة ووقاحة) على مدى السنوات الخمس الماضية».
وأشارت وكالة «أسوشيتد برس» إلى أن اكتشاف البالون يضع مزيداً من الضغط على العلاقات الأميركية – الصينية في وقت تصاعدت فيه التوترات.
وتصاعد التوتر بين بكين وواشنطن في الآونة الأخيرة، في ظل خلافات حول تايوان، وسجلّ الصين في مجال حقوق الإنسان، ونشاطها العسكري في بحر الصين الجنوبي.
يأتي ذلك في الوقت الذي من المقرَّر أن يزور فيه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الصين، في الأيام المقبلة. ولم يتضح على الفور ما إذا كان اكتشاف البالون سيؤثر على خطط بلينكن للسفر.
وعقد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أثناء زيارة إلى الفلبين، اجتماعاً لكبار مسؤولي «البنتاغون»، أول من أمس، لمناقشة حادث البالون.
وقال مسؤول كبير في الإدارة، لم يكن مخولاً أيضاً مناقشة المعلومات الحساسة علناً، إنه تم إطلاع الرئيس جو بايدن، وطلب من الجيش تقديم خيارات. ونصح وزير الدفاع والجنرال بالجيش مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بعدم اتخاذ «إجراء حركي»، بسبب المخاطر على سلامة الناس على الأرض، وقبل بايدن هذه التوصية، حسبما أفادت به «أسوشيتد برس».
* مخاطر الحطام
وقال مسؤول دفاعي رفيع المستوى للصحافيين، مشترطاً عدم نشر هويته، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الولايات المتحدة تراقب المنطاد الذي دخل المجال الجوي الأميركي قبل يومين بطائرات عسكرية.
وتابع المسؤول للصحافيين أن قادة عسكريين أميركيين درسوا إسقاط البالون فوق مونتانا، أول من أمس (الأربعاء)، لكنهم نصحوا بايدن في نهاية المطاف بعدم إسقاطه، بسبب مخاطر الحطام المتساقط.
وأضاف أن مسار الرحلة الحالي للبالون سيجعله يحلق فوق عدد من المواقع الحساسة، لكنه لم يذكر تفاصيل. وتوجد في مونتانا قاعدة مالمستروم الجوية التي تضم 150 مستودعاً للصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤول دفاعي كبير أن الولايات المتحدة «لديها ثقة عالية جداً» بأن المنطاد الصيني يحلق فوق مواقع حساسة لجمع المعلومات. وقال المسؤول الدفاعي: «في الوقت الحالي، نقدر أن البالون له قيمة محدودة بالنسبة لجمع المعلومات الاستخباراتية، لكننا نتخذ خطوات لمنع جمع الاستخبارات الأجنبية معلومات حساسة».
وقال المسؤول الدفاعي الكبير إن الولايات المتحدة حصلت بالفعل على طائرات مقاتلة، بما في ذلك طائرات «إف – 22»، لتكون جاهزة لإسقاط البالون إذا أمر البيت الأبيض بذلك. وقد أوصى «البنتاغون»، في النهاية، بعدم القيام بذلك، مشيراً إلى أنه حتى عندما كان المنطاد فوق منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في مونتانا، فإن حجمه سيخلق حقل حطام كبيراً بما يكفي، لدرجة أنه يمكن أن يعرّض الناس للخطر.
في خطاب أُرسل، أمس (الخميس)، إلى وزير الدفاع الأميركي، كتب السيناتور الجمهوري، ستيف داينز، من مونتانا: «حقيقة أن هذا البالون كان يحتل المجال الجوي لمونتانا تثير قلقاً كبيراً من أن قاعدة مالمستروم الجوية وحقول الصواريخ الباليستية العابرة للقارات للولايات المتحدة هي الهدف من مهمة جمع المعلومات الاستخباراتية هذه»، وتابع في الخطاب الذي نقلته وكالة «أسوشيتد برس»: «من الأهمية بمكان تحديد مسار رحلة هذا البالون، وأي أصول للأمن القومي الأميركي معرضة للخطر، وجميع الاتصالات أو البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات على الأرض داخل الولايات المتحدة التي كان بالون التجسس يستخدمها».
* الصين «تتحقق»
يُذكر أن بالونات التجسس حلقت فوق الولايات المتحدة عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكن يبدو أن هذا البالون سيحلق لفترة أطول من الحالات السابقة، في الوقت الذي أثار فيه المسؤولون الأميركيون الأمر مع نظرائهم الصينيين عبر القنوات الدبلوماسية. وقال المسؤول الدفاعي الأميركي: «أبلغناهم بالجدية التي نتعامل بها مع المسألة».
ومن جهتها، أكدت الصين، اليوم (الجمعة)، أنها «تتحقق» من تقارير أميركية حول تحليق منطاد تجسس صيني فوق الولايات المتحدة، محذرة من أي «مغالاة» بهذا الخصوص.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نيغ، خلال مؤتمر صحافي: «نتحقق من ذلك»، مضيفة: «إلى حين اتضاح الوقائع، لن تفيد الاستنتاجات المجتزأة والمغالاة في حل الأمر بطريقة سليمة».
وأضافت ماو نيغ أنّ «الصين دولة مسؤولة، وتلتزم دائماً بدقّة القانون الدولي. ليست لدينا أي نية لانتهاك الأراضي أو المجال الجوي لأي دولة ذات سيادة». وتابعت: «نأمل أن يتعامل الجانبان (مع الوضع) بهدوء وحذر متبادلين».