إيران تعرض التفاوض لوقف النار في لبنان: هل تنجح الوساطة الفرنسية في تهدئة الصراع؟

وكالة أسنا للأخبار ASNA – في تطور لافت ضمن الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، صرّح رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، بأن إيران مستعدة للتفاوض مع إسرائيل، وأنها قد تقبل بوساطة فرنسية من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان. تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، ووسط اشتباكات متكررة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، مما يعزز الحاجة إلى مبادرات دبلوماسية لتهدئة الوضع.

  1. إيران ومحور المقاومة: محاولة لعب دور الوسيط
    تقليديًا، كانت إيران الداعم الرئيسي لحزب الله، وهو ما منحها نفوذًا كبيرًا في لبنان وداخل محور المقاومة ضد إسرائيل. ورغم ذلك، يبدو أن تصريحات قاليباف تعكس رغبة جديدة في خفض التصعيد، مما يثير تساؤلات حول استراتيجيات إيران الإقليمية. قد يكون لهذا التغيير في اللهجة دافعًا متعدد الأبعاد.

تخفيف الضغط الدولي: قد تسعى إيران إلى خفض التصعيد في وقت تواجه فيه ضغوطًا دولية متزايدة بسبب برنامجها النووي، واستمرار العقوبات الأمريكية.

تحسين صورتها الدبلوماسية: بقبولها التفاوض، تحاول إيران تحسين صورتها كطرف يمكنه الانخراط في الحلول السلمية، خاصة وأن المنطقة تشهد موجات عنف متصاعدة تؤثر على الاستقرار الإقليمي.

إدارة العلاقات مع فرنسا: اختيار فرنسا كوسيط يعكس الأهمية المتزايدة للعلاقات الإيرانية-الفرنسية، خاصة في ظل تعثر المفاوضات النووية، حيث يمكن لإيران استخدام فرنسا كلاعب رئيسي في مفاوضات أوسع مع الغرب.

  1. فرنسا كوسيط: الدور الأوروبي في الصراعات الشرق أوسطية
    فرنسا لعبت دائمًا دورًا نشطًا في الشؤون اللبنانية، خاصة بفضل علاقاتها التاريخية القوية مع لبنان ودورها كعضو دائم في مجلس الأمن. قبول إيران بالوساطة الفرنسية يعكس ثقة في الدور الذي يمكن لفرنسا أن تلعبه في هذه الأزمة. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أبدى سابقًا اهتمامًا كبيرًا بأزمة لبنان، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه البلاد. هذه المبادرة قد تعزز مكانة فرنسا كلاعب دبلوماسي رئيسي في الشرق الأوسط.
  2. لبنان بين المقاومة والتفاوض
    بالنسبة للبنان، يبقى التفاوض ووقف إطلاق النار أمرًا معقدًا، نظرًا للتداخل الكبير بين حزب الله، كقوة سياسية وعسكرية داخل البلاد، وإيران كداعم رئيسي له. يواجه لبنان اليوم تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، ومع استمرار الاشتباكات على الحدود الجنوبية، يعاني المدنيون من تداعيات هذه التوترات. ولذلك، أي جهد لوقف إطلاق النار سيعود بالنفع على لبنان من خلال الحد من التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة.

حزب الله وإيران:

رغم أن حزب الله يعتبر أحد الأذرع العسكرية الرئيسية لإيران في المنطقة، إلا أن رغبة إيران في التفاوض قد تشكل عامل ضغط على الحزب لتخفيف التصعيد.

الحكومة اللبنانية: تصريحات رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي حول ضرورة الحفاظ على سيادة لبنان تشير إلى محاولة الحكومة اللبنانية إيجاد مخرج سياسي للأزمة دون الانزلاق إلى صراع أوسع. ومع ذلك، تظل قدرة الحكومة اللبنانية على التأثير محدودة بسبب النفوذ الكبير لحزب الله في السياسة اللبنانية.

  1. إسرائيل والرد المحتمل
    بالنسبة لإسرائيل، يمكن أن تكون فكرة التفاوض عبر فرنسا خطوة مرحب بها إذا أدت إلى خفض التوترات على الحدود مع لبنان. ومع ذلك، فإن أي تحرك نحو وقف إطلاق النار سيتوقف على مدى التزام حزب الله بالاتفاقات الدولية مثل قرار مجلس الأمن 1701، الذي ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية ووقف العمليات العسكرية في جنوب لبنان.

موقف إسرائيل:

إسرائيل قد تتعامل مع هذا العرض الإيراني بحذر، نظرًا لتاريخ طويل من العداء مع إيران وحزب الله. لكن في الوقت نفسه، يمكن أن تجد إسرائيل في هذا العرض فرصة لتجنب تصعيد أوسع، خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي تعيشها.

  1. قرار مجلس الأمن 1701: الاتفاق الهش
    القرار 1701، الذي أنهى حرب لبنان عام 2006، ينص على وجود قوات الأمم المتحدة في الجنوب اللبناني لضمان عدم حدوث أي تصعيد عسكري، لكنه لم يكن فعالًا بشكل كامل في منع الاشتباكات المتقطعة بين حزب الله وإسرائيل. وفي حال تم تفعيل التفاوض على أساس هذا القرار، قد يتم إحياء الاتفاق بشكل أفضل لضمان استدامة وقف إطلاق النار.

التصريح الإيراني الأخير يمثل خطوة جديدة في تعامل طهران مع الصراع اللبناني-الإسرائيلي. استعداد إيران للتفاوض عبر وساطة فرنسية قد يعكس تحولات في الاستراتيجيات الإيرانية الإقليمية ويقدم فرصة لخفض التوترات على الحدود اللبنانية. لكن النجاح في تحقيق وقف إطلاق النار سيتطلب التزامًا جادًا من جميع الأطراف، بما في ذلك حزب الله وإسرائيل، في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها لبنان.

Join Whatsapp