منذ دخول حزب الله المباشر على جبهة الإسناد لغزة، وجد لبنان نفسه في صلب الصراع الإقليمي مع إسرائيل. هذا التدخل جاء كجزء من استراتيجية حزب الله للضغط على حكومة نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة، مما وسّع دائرة المواجهة لتشمل الأراضي اللبنانية. رغم أن هذا التدخل يعكس التضامن مع المقاومة الفلسطينية، إلا أنه جلب تداعيات خطيرة على لبنان، حيث أصبح البلد ساحة مفتوحة لردود الفعل الإسرائيلية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الأمنية وتزايد المخاطر على المدنيين والبنية التحتية. قيادة حزب الله، بإصرارها على خوض هذه الحرب، وضعت لبنان في مواجهة لا يمكنه تحمل تبعاتها، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد.
الضحايا اللبنانيين منذ دخول حزب الله الحرب
منذ تورط حزب الله في صراعات إقليمية، ولا سيما في الحرب السورية وفي مواجهات مع إسرائيل، شهد لبنان سقوط العديد من الضحايا المدنيين. حزب الله، الذي يحظى بدعم واسع من إيران، استمر في تصعيد المواجهات مع إسرائيل، وهو ما جرّ لبنان إلى صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل. أدى هذا إلى تزايد التوترات العسكرية على الحدود الجنوبية وتعرض البلدات والقرى اللبنانية للقصف الإسرائيلي كرد على أنشطة حزب الله.
دمار البلدات والقرى اللبنانية
الحرب بين حزب الله وإسرائيل لم تقتصر على المعارك العسكرية المباشرة؛ فقد تعرضت العديد من البلدات والقرى اللبنانية للقصف المتكرر، مما أدى إلى دمار واسع في المناطق الريفية والمدنية. البنية التحتية اللبنانية الهشة لم تصمد أمام هذا الدمار، حيث تضررت المنازل والطرق والمراكز التجارية، ما جعل الحياة اليومية لسكان هذه المناطق شبه مستحيلة.
دمار الضاحية الجنوبية في بيروت
الضاحية الجنوبية لبيروت، التي كانت تُعتبر المربع الأمني المحصّن والأكثر أمانًا بالنسبة لقيادة حزب الله، تحولت إلى مسرح دمار شبه كامل بعد الضربات الجوية الإسرائيلية الدقيقة. هذه المنطقة، التي لطالما احتضنت القيادة العليا لحزب الله، بما في ذلك الأمين العام السيد حسن نصرالله، تم استهدافها بشكل مكثف بعد أن تمكنت إسرائيل من خرق المنظومة الأمنية للحزب.
قيادة حزب الله كانت قد تحصنت تحت الشوارع والبنى التحتية، داخل خنادق معقدة تم حفرها تحت الأرض لضمان سرية مواقعهم وتجنب الاستهداف. إلا أن إسرائيل نجحت في تحديد هذه المخابئ بعد اختراق أمني كبير، حيث استطاعت تحديد مواقع تواجد القادة واحدًا تلو الآخر. العمليات الجوية الإسرائيلية، التي استهدفت هذه الخنادق، أدت إلى تصفية العديد من قياديي الصف الأول في الحزب، وصولاً إلى اغتيال السيد حسن نصرالله نفسه وخليته المقربة.
الضربات لم تتوقف عند استهداف القادة فقط؛ بل تسببت بدمار شامل للضاحية الجنوبية، التي كانت تعتبر لسنوات طويلة معقلًا منيعًا لا يمكن لإسرائيل التجرؤ على استهدافه. هذا التدمير لم يكن متوقعًا بالنسبة للكثيرين، خاصة بعد التهديدات المتكررة من نصرالله، الذي حذر مرارًا من أن أي استهداف للضاحية سيُقابل بعواقب وخيمة على إسرائيل. ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث وجدت القيادة نفسها عاجزة عن ردع هذه الهجمات، وانهارت الحصون التي كانت تظن أنها منيعة.
نتيجة لهذه الأحداث، باتت الضاحية الجنوبية في حالة دمار شبه كامل، حيث سقطت الأبنية وتضررت المرافق الحيوية، مما أسفر عن معاناة كبيرة للسكان المحليين الذين كانوا يعتمدون على حماية حزب الله. هذه الضربة وجهت رسالة واضحة مفادها أن إسرائيل، رغم كل التهديدات، استطاعت أن تخترق الحصن الأمني الأكثر تشديدًا للحزب، وأنهت وجود قيادته العليا.
نزوح سكان جنوب لبنان وبيروت
مع تصاعد العنف، اضطر آلاف من سكان جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت إلى النزوح نحو مناطق أكثر أمانًا. هذا النزوح الجماعي أدى إلى أزمات سكانية في مناطق أخرى من لبنان، حيث تكدست العائلات في الشوارع أو في مساكن مؤقتة. مع اقتراب موسم الشتاء، يتزايد الخوف من تدهور أوضاع هؤلاء النازحين، حيث يعانون من نقص في الموارد الأساسية والمأوى المناسب.
الأبعاد السياسية وتدخل إيران
إلى جانب هذه التداعيات الإنسانية، جاء قرار تعيين الجنرال محمد رضا فلاح زادة، المسؤول الإيراني البارز في فيلق القدس، للإشراف على حزب الله في لبنان. هذا التعيين يعكس إصرار إيران على الاستمرار في مواجهة إسرائيل، حتى لو كان ذلك على حساب حياة المدنيين اللبنانيين. وفي الوقت الذي ينتقد فيه الكثير من اللبنانيين هذا التدخل الإيراني المباشر في شؤون بلادهم، يبقى الصوت الرسمي اللبناني صامتًا، حيث يرفض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتخاذ خطوات جدية لوقف تدخل إيران وزج لبنان في حرب إقليمية لا علاقة له بها.
أزمة سكانية مع اقتراب الشتاء
في ظل النزوح المستمر من المناطق المتضررة، فإن الأزمة السكانية تزداد تعقيدًا مع اقتراب موسم الشتاء. العديد من النازحين يواجهون نقصًا حادًا في الموارد، بما في ذلك الغذاء والمأوى المناسب. إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لتقديم الدعم اللازم لهؤلاء النازحين، فإن الأزمة قد تتفاقم، مما يهدد باستمرار معاناة آلاف العائلات اللبنانية.