في الوقت الذي تُدَّك فيه غزة ليل نهار ويعاني الشعب الفلسطيني أسوأ معاناة؛ وفي الوقت الذي يلجأ فيه حزب الله إلى أسلوب التنقيرات على الحدود الجنوبية الذي يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يجرّ إلى ما لا تحمد عقباه؛
وفي الوقت الذي يعاني فيه المواطن اللبناني الأمرّين، من جراء أوضاعه المعيشيّة الصعبة والمالية المأسوية؛ وفي الوقت الذي يتخوّف فيه الشعب اللبناني من فقدان العمود الأخير للاستقرار في لبنان، بسبب إقحام الجيش في تجاذبات سياسية على خلفيات مصلحية، نرى النائب جبران باسيل يفعل المستحيل، متخطيًّا كل الخطوط الحمراء، مطيحًا بكل المسلماّت ومتجاوزًا كل الحدود الدستورية والعرفية، ليس في سبيل كل ما ذكرناه أعلاه، بل بغية التخلص من العماد جوزف عون في قيادة الجيش لاعتبارات شخصية انتهازية بحتة.
وتبعًا للمعلومات المتوافرة، فهو يجهد ليل نهار من أجل تعيين قائد جديد للجيش، مع احترامنا لكل الأسماء المطروحة لهذا المنصب، ضاربًا بعرض الحائط كل ما كان سبق وصرّح به، لجهة عدم قبوله بالمراسيم الوزارية التي كانت تصدر منذ سنة حتى الآن كونها تشكّل انتقاصًا من صلاحيات رئيس الجمهورية، إلى اعتباره أن أي تعيينات بغياب الرئيس تنتقص أيضًا من صلاحيات الرئاسة الأولى، إلى إصراره على ضرورة توقيع 24 وزيرًا على كل مرسوم في ظلّ الشغور الرئاسي، الى جانب أن يكون للأكثرية المسيحية الرأي الوازن في أي تعيينات مسيحية، وإلى لا تنتهي…
إن ما يقوم به النائب باسيل في هذا السياق، هو عار بحقّ البلد والشعب ورئاسة الجمهورية وقيادة الجيش والمسيحيين، ويضاف هذا العار إلى سلوكه الذي يجعل منه عار السياسة اللبنانية بامتياز.
ومع هذا التوجُّه الذي يقوده النائب باسيل لحسابات شخصية وأغراض مصلحية، تسقط للمرة الألف بدعة المزايدات بحقوق المسيحيين وتضرب إحدى امتيازات رئيس الجمهورية التي بالعرف، بعد اتفاق الطائف، توافق الجميع على أن يكون لرئيس الجمهورية اليد الطولى في تعيين قائد الجيش، ومحاولة تعيين قائد جديد بغياب رئيس الجمهورية هي ضربة كبرى توجّه لموقع الرئاسة الأولى.