مقابلة رئيس حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، مع قناة "هلا لندن"،

قراءة تحليلية لمواقف سمير جعجع في مقابلة مع “هلا لندن”

تناولت مقابلة رئيس حزب “القوات اللبنانية”، سمير جعجع، مع قناة “هلا لندن”، مجموعة واسعة من القضايا اللبنانية والإقليمية، مع التركيز على استحقاق رئاسة الجمهورية في لبنان، سقوط نظام بشار الأسد، والسياسة الداخلية والخارجية. أظهرت المقابلة وضوحاً في مواقف جعجع وتحديداً بشأن مستقبل لبنان بعد تغييرات إقليمية كبيرة.

الاستحقاق الرئاسي في لبنان: رؤية لمرحلة جديدة

أكد سمير جعجع أن ترشحه لرئاسة الجمهورية مرهون بوجود حد أدنى من الكتل النيابية التي تدعم هذا الترشح، مشدداً على أن الترشح ليس مجرد خطوة رمزية بل يرتبط بإمكانية تطبيق برنامج سياسي. دعا جعجع إلى البحث عن رئيس “فعلي” يتلاءم مع التحولات الداخلية والخارجية التي شهدتها المنطقة. أشار إلى أن مرحلة الأسماء التقليدية انتهت، وأن المطلوب الآن هو رئيس قادر على قيادة لبنان نحو بناء دولة فعلية.

جعجع انتقد استمرار الفريق الآخر في تعطيل الانتخابات الرئاسية لفرض سليمان فرنجية، معتبراً أن هذه السياسات أصبحت غير منسجمة مع المتغيرات الكبرى، خصوصاً بعد سقوط النظام السوري. وشدد على أن لبنان بحاجة إلى قيادة تواكب هذه التطورات وتتجاوز التفكير التقليدي.

سقوط نظام الأسد: مكسب للشعب السوري والمنطقة

وصف جعجع سقوط نظام بشار الأسد بأنه “زلزال سياسي” يحمل أهمية كبرى للشعب السوري والمنطقة، قائلاً إن هذا الحدث يشكل مكسباً بحد ذاته بغض النظر عمن يأتي بعده. وأشار إلى أن النظام السوري كان نموذجاً للقمع والتضليل، وأن أي بديل، حتى لو كان يحمل أيديولوجيات متطرفة، لن يكون أسوأ مما كان عليه الأسد.

انتقد جعجع طبيعة النظام السوري القائم على الإخفاء القسري وإنكار التوقيفات، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي والشعوب العربية كانت مغشوشة به لعقود. كما دعا إلى إلغاء المعاهدات بين لبنان وسوريا الأسد، بما فيها معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، معتبراً أن الوضع الجديد يتطلب إعادة صياغة العلاقات على أساس الاحترام المتبادل.

تحديات داخلية: السلاح والنزوح

فيما يتعلق بالسلاح، أكد جعجع أن اتفاق 27 تشرين الثاني الذي وافقت عليه الحكومة اللبنانية ينص على تطبيق القرارين 1701 و1559 بشكل صارم، ما يعني منع وجود السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية. وأشار إلى أن “حزب الله” فقد عمقه الأمني والعسكري مع سقوط النظام السوري، ما سيؤدي إلى تقويض قدراته تدريجياً.

أما ملف النازحين السوريين، فقد أبدى جعجع تفاؤله بإمكانية حله قريباً، مستشهداً بقرارات أوروبية جديدة تمنع قبول طلبات لجوء جديدة. وشدد على أن إعادة إعمار لبنان لا يمكن أن يتحملها اللبنانيون وحدهم، بل يجب أن تتحمل إيران المسؤولية بوصفها الداعم الرئيسي لحزب الله.

الواقع السياسي الداخلي: الحاجة إلى تغيير

انتقد جعجع الأداء السياسي للطبقة الحاكمة، معتبراً أنهم يتصرفون وكأن شيئاً لم يتغير في المنطقة. ودعا إلى انتخابات نيابية مبكرة للتعامل مع المرحلة الجديدة. كما أبدى رفضه لدمج عناصر “حزب الله” في مؤسسات الدولة، مؤكداً أن عقيدتهم تتناقض مع منطق الدولة اللبنانية.

رسائل للمرحلة المقبلة

اختتم جعجع المقابلة بالتأكيد على أن لبنان بحاجة إلى رئيس قادر على قيادة مرحلة بناء الدولة، وأن هذه المهمة تتطلب توافقاً داخلياً وشجاعة لمواجهة الحقائق الجديدة في المنطقة. ودعا القوى السياسية إلى التخلي عن التفكير التقليدي ومواكبة التحولات الإقليمية.

تظهر تصريحات جعجع رؤية واضحة ومتماسكة حول كيفية التعامل مع التحديات الراهنة، سواء في الملف الرئاسي أو العلاقات اللبنانية السورية. كما تشير إلى إدراكه العميق للتحولات الإقليمية وأثرها على الداخل اللبناني. ومع ذلك، تبقى القدرة على تنفيذ هذه الرؤية مرهونة بالتوافق الداخلي وتغيير ميزان القوى السياسية في لبنان.

Join Whatsapp