اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “لبنان بحاجة الى توطيد الأمان الاجتماعي بمختلف أنواع شبكاته، لا سيما في هذه الظروف الصعبة التي يجتازها، وهو يتطلع في هذا الاتجاه الى دعم اشقائه العرب الذين لطالما كانوا الى جانبه في مختلف الازمات التي مر بها”.
وقال: “لبنان تعرض لكوارث هي بالواقع اقسى من أزمات، بدأت بالحرب على سوريا التي أغلقت كل منافذنا البرية الى الدول العربية التي تشكل لنا مدانا الحيوي، وما استتبع هذه الحرب من نزوح سوري كثيف ضاعف من الكثافة السكانية عندنا، الامر الذي سرع في أفقار الشعب اللبناني، بالنظر الى ما استتبعه هذا النزوح من تكاليف على الخزينة اللبنانية واضرار نفسية واجتماعية واقتصادية وصحية، ضاعف من حجمها تفشي وباء كورونا على مستوى العالم”.
وأشار الرئيس عون الى ان “هذه الكوارث باتت ضاغطة اقتصاديا واجتماعيا وشكلت خللا كبيرا على الديموغرافيا اللبنانية، الأمر الذي ينذر بمضاعفات خطيرة على الكيان اللبناني تستدعي المعالجة السريعة. وقد زاد من حدة الانهيار الاقتصادي الذي اتى نتيجة عوامل متراكمة عدة، انفجار مرفأ بيروت”.
كلام رئيس الجمهورية جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفد المجلس التنفيذي لوزراء الشؤون الاجتماعية العرب الذي حضر الى لبنان، تلبية لدعوة وجهها وزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار الى أعضاء المجلس، على هامش القمة التي عقدت في السعودية في كانون الثاني المنصرم للاطلاع على الأوضاع وتقديم المساعدة.
وضم الوفد الى الوزير الحجار، وزير التنمية الإجتماعية في المملكة الأردنية الهاشمية رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الإجتماعية العرب أيمن المفلح، وزيرة التضامن الإجتماعي في جمهورية مصر العربية العضو الدائم في المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الإجتماعية العرب نيفين القباج، الأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، مسؤول الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الإجتماعية العرب في جامعة الدول العربية الوزير المفوض طارق النابلسي، السفير اليمني عبدالله الدعيس، السفير التونسي بوراوي الإمام والأمين العام في اتحاد الغرف العربية خالد الحنفي، وحضر عن الجانب اللبناني الوزير السابق سليم جريصاتي والمستشارون رفيق شلالا واسامة خشاب وريمون طربيه.
الحجار
في مستهل اللقاء، ألقى الوزير حجار كلمة، فقال: “جئناك اليوم، مع وفد من أهلنا الذين شرفونا في ربوع وطنهم الثاني لبنان، بعد مبادرة عزيزة على قلبنا ومشكورة، لمجلس وزراء الشؤون العرب في جامعة الدول العربية، بناء على طلب الدولة اللبنانية. إن الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية المؤلمة والتحديات الكبيرة التي يمر بها لبنان، خصوصا على صعيد الأمن الإجتماعي، كانت المحرك الأساسي لهذه الدعوة. وفي إطار المشاورات التي قمنا بها في الفترة التي سبقت هذه الزيارة مع معالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة، وسعادة الوزير المفوض طارق النابلسي وبالتنسيق مع معالي الوزير أيمن المفلح رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الإجتماعية العرب، كان الإتفاق على أن تكون زيارة رفيعة المستوى لتحظى بالصدى والإهتمام المطلوبين محليا وعربيا وتحقق النتائج المرجوة منها”.
أضاف: “تهدف هذه الزيارة إلى الوقوف بجانب لبنان وأهله في محاولة لتحسين الوضع الإجتماعي والإنساني من خلال وضع خطة عمل مع توقيت زمني محدد، على أن يشارك بتنفيذ هذه الخطة جميع المعنيين من وزارة الشؤون الإجتماعية ومجالس ولجان وإتحادات ووزاء شؤون عرب وممثلين عنهم”.
المفلح
من جهته، نقل الوزير المفلح تحيات الملك الأردني عبدالله الثاني الى الرئيس عون والشعب اللبناني، مشيرا الى أن “زيارة لبنان اليوم، هي بهدف التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية للوقوف على الاحتياجات الأساسية للحماية الاجتماعية في لبنان”، آملا “الخروج بتوصيات من خلال التنسيق مع الوزير حجار لكي يتم العمل على تحقيقها لمصلحة الشعب اللبناني”.
أبو غزالة
وشكرت السفيرة أبو غزالة الرئيس عون على الدعوة، لافتة الى ان “هذه الزيارة الرفيعة المستوى تهدف لدعم لبنان”، متطلعة الى “الخروج ببرامج فاعلة تخدم الشعب اللبناني”، آملة “اتخاذ خطوات تنفيذية سريعة بعد رفع تقرير بالواقع الى المجلس التنفيذي لوزراء الشؤون الاجتماعية العرب”.
القباج
وشددت الوزيرة القباج على “الدعم الكامل للشعب اللبناني بناء على توجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي”، مشيرة الى أن “لبنان قادر دائما على الخروج اقوى من كل ازمة”، آملة في ان “يقف المجلس التنفيذي بكامله الى جانب الشعب اللبناني”، متطلعة الى “الدعم الذي يساعد في استعادة بناء لبنان واستعادة العافية بشراكة عربية، وقالت: “نحن نستبشر ونستشرف هذه الشراكة، وانشاءالله لبنان سيقوم قويا وابيا كما عهدناه تحت قيادتكم الحكيمة”.
الرئيس عون
ورد الرئيس عون بكلمة، شكر فيها أعضاء الوفد، مرحبا بهم، مشددا على ان “وقوف الدول العربية الشقيقة الى جانب لبنان، شهادة اخوة نعتز بها”، وقال: “نحن بحاجة الى وقوف الاخوة العرب الى جانبنا، ونعرف ان لبنان لطالما كان قبلة الدول العربية، ومعروفة روابط الاخوة التي تجمعنا. ونحن نتطلع الى لقاءاتكم، من اجل المساعدة على استنهاض لبنان من الوضع المأساوي الذي نعيشه”.
وشدد على “أهمية ان يحظى موضوع عودة النازحين السوريين باهتمام الاشقاء العرب وفق مبدأ المسؤولية المشتركة ورفع الأعباء، انطلاقا من مفهوم التعاون الدولي في وضع الحلول المستدامة لحل هذه الازمة بالعودة بأمان وكرامة الى سوريا”.
تصريح أعضاء الوفد
بعد اللقاء، ادلى أعضاء الوفد بتصريح مشترك للصحافيين، استهله الوزير الحجار بالقول: “تشرفنا اليوم بزيارة فخامة رئيس الجمهورية مع الوفد الرفيع المستوى من المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، واطلعنا فخامة الرئيس على هدف الزيارة، وتم التداول معه في مجموعة نقاط، اتركها لرئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب معالي الوزير المفلح”.
المفلح
وتحدث الوزير المفلح، فقال: “تشرفنا اليوم بلقاء فخامة الرئيس، بصحبة اصحاب المعالي، وبوجود ممثلين عن جمهورية تونس وجمهورية اليمن، ورئيس اتحاد الغرف. واطلعنا من رئيس الجمهورية على الأوضاع في لبنان، وما يعانيه الشعب اللبناني الشقيق من تداعيات اقتصادية واجتماعية، الى مشاكل الفقر والبطالة. وتطرقنا الى موضوع النازحين واللجوء السوري، وتداعيات وباء كورونا الى قانون ضمان الشيخوخة، وهو شأن داخلي لبناني، بما له من تداعيات إيجابية في حال اقراره ضمن الأطر الدستورية. وانشاء الله سنخرج بتوصيات واقعية، تطبق على أرض الواقع، من خلال التعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، بوجود معالي الوزير وفريقه الوزاري، بما فيه مصلحة الشعب اللبناني”.
وردا على سؤال عن ابرز التوصيات المتوقعة، أجاب الوزير المفلح: “ما يهمنا كوزراء الشؤون الاجتماعية هي الحماية الاجتماعية التي باتت من الأولويات ومعظم الدول العربية أصبحت تعاني من هذا الامر. وعلى سبيل المثال، فإنه، في الأردن، وفي كتاب التكليف الرسمي لدولة الدكتور بشر خصاونة، افرد جلالة الملك حيزا للحماية الاجتماعية. وما ينطبق على الأردن، بنطبق على مصر، واليمن، وتونس، ولبنان. إذ أصبحت الحماية الاجتماعية من أولويات نهضة المجتمع. واذا كنا نبغي انشاء اقتصاد متين،علينا حكما محاربة البطالة والفقر وتأمين المقومات الأساسية للحياة الاجتماعية”.
وأضاف الوزير الحجار: “نحن بحاجة الى هذه الزيارة، للاطلاع على الواقع، وسنقوم بعرض وتقديم برامج وزارة الشؤون الاجتماعية، وغدا ستكون لنا زيارة ميدانية على بعض المؤسسات. وبالتأكيد فإن الهدف الاستراتيجي هو تأمين الحماية الاجتماعية، ولكن هناك هدف سريع هو ان نتمكن من الإجابة على الحاجات الطارئة. ولبنان اليوم يعاني من كثافة سكانية مدنية، وهناك حاجات اجتماعية طارئة، ولدينا برامج مثل “امان”، وبرنامج الأسر الأكثر فقرا، لكن هذا الامر لا يكفي، لأن عدد الفقراء ازداد ونحن بحاجة الى التفكير بالدعم الطارئ، وهذا ما سنعالجه خلال لقاءاتنا. ونتمنى من الاخوة الوزراء ان يرفعوا هذا الامر الى جامعة الدول العربية، ليتم إقرار سريع، سواء للحماية الاستراتيجية او للمساعدة الطارئة. وأود ان انوه، اننا في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، اقرينا الخطة الاستراتيجية وطالبنا باعادة صياغتها من اللجنة الوزارية التي انا مسؤول عنها، بهدف تسريع تطبيقها، على امل ان تأخذ الوزارة المقبلة ملاحظاتنا بعين الاعتبار ونذهب الى التطبيق”.
ثم تحدثت السفيرة أبو غزالة، فقالت: “بدعوة كريمة من معالي وزير الشؤون الاجتماعية وتنفيذا لقرار مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية، حضر هذا الوفد الرفيع المستوى للبنان للاطلاع على البرامج والاحتياجات المختلفة التي يمكن للمجلس ان يقدمها. وتشرفنا بمقابلة فخامة الرئيس ونقلنا له تحيات معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية وتمنياته لهذه الزيارة بأن تحقق أهدافها، وسيتم اعداد تقرير يرفع الى مجلس الشؤون الاجتماعية ويمكننا في جامعة الدول العربية ان نبدأ بتنفيذ ما جاء فيه”.
وتحدثت الوزيرة القباج، فقالت: “بالاصالة عني كعضوة في المجلس التنفيذي لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وكمواطنة مصرية، اعبر عن سعادتي وتشرفي بلقاء فخامة رئيس الجمهورية. وبالامس تم لقاء السيد رئيس مجلس الوزراء. ونحن كدول عربية، اجتمعنا كما عهدنا بالدعم الى الاشقاء العرب، وبصفة خاصة للشعب اللبناني بما له من ثروات كامنة وتحتاج من يمد اليها يد المساعدة لا سيما في أوقات الأزمات المتتالية، منها العالمية المشتركة ومنها المحلية، العابرة والطارئة. ونحن جئنا لنخطط معا من اجل نتائج نأمل ان تكون مفعلة تطاول الفئات المتأثرة بالازمات، من أسر فقيرة من خلال تأمين الحماية الاجتماعية ومد شبكات الأمان او من خلال التمكين الاقتصادي لأعادة تدوير عجلة الإنتاج، لا سيما وان لدى لبنان الكثير من الثروات التي يمكنه ان يستثمرها في بناء الانسان والقيام بمشاريع مختلفة”.
وختمت بالقول: “نحن في جمهورية مصر العربية، لدينا الاستعداد التام مع المجلس التنفيذي وفي اطار جهوده، لمد يد الدعم للمجتمع المدني اللبناني من خلال المجتمع المدني المصري، كجمعيات كبيرة. ونحن ننقل لكم تحيات جمهورية مصر العربية، رئيسا وحكومة وشعبا. والسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي يوجه دائما الحكومة والشعب والمجتمع المدني نحو بذل قصارى الجهود لدعم الشعب اللبناني كي يمر من المحنة الى المنحة. ونسأل الله للبنان الوحدة والأمن والأمان والسلام. ونحن على ثقة من قوته البشرية والطبيعية. وستقومون أقوياء اكثر من قبل في وطن من الرخاء والتنمية في القريب العاجل”.