التحضير لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية في 9 يناير: تعقيدات المشهد وتطلعات الحلول
مع اقتراب موعد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية في 9 يناير 2025، تعيش البلاد أجواءً من الترقب والحذر وسط غموض يلف مواقف معظم الكتل السياسية. بعد فراغ رئاسي استمر أكثر من عامين منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، تُعد هذه الجلسة استحقاقًا دستوريًا مفصليًا يواجه تحديات داخلية وخارجية تعكس طبيعة الانقسامات السياسية العميقة.
التوازنات السياسية وآليات الانتخاب
يتطلب انتخاب رئيس جديد غالبية الثلثين (86 صوتًا) في الجولة الأولى من الاقتراع في البرلمان الذي يضم 128 نائبًا، بينما تكفي الأغلبية المطلقة (65 صوتًا) في الجولات اللاحقة. ومع ذلك، لا يزال المشهد معقدًا بفعل التجاذبات السياسية التي أدت إلى تعطيل 12 جلسة انتخابية سابقة، وفقًا لتصريحات رئيس جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور.
جبور أشار إلى أهمية اعتماد جلسة مفتوحة لدورات متتالية لإنجاز الانتخاب، لكنه حذر من استمرار الغموض حول المرشحين المحتملين، مما يعكس تردد القوى السياسية في تقديم تنازلات حاسمة.
مواقف القوى السياسية: بين التوافق والتحديات
- حزب القوات اللبنانية
يصر على انتخاب رئيس قادر على تعزيز بناء الدولة وتطبيق الدستور.
رغم الحديث عن أسماء بارزة مثل قائد الجيش العماد جوزيف عون، لا تزال الأمور معلقة بسبب اعتراضات أطراف أخرى.
- كتلة التنمية والتحرير (حركة أمل)
النائب قاسم هاشم أكد ضرورة انعقاد الجلسة في موعدها، مشددًا على أن رئيس البرلمان نبيه بري مصمم على إجراء جلسة حاسمة ومفتوحة.
بري يرفض أي تعطيل أو تأجيل، مشيرًا إلى أهمية انتخاب رئيس توافقي دون تحدي أي طرف.
- كتلة اللقاء الديمقراطي
تدعم قائد الجيش العماد جوزيف عون كمرشح توافقي.
ترى أن استمرار الجمود السياسي قد يعيد البلاد إلى مربع المراوحة ما لم يتم التوصل إلى تسوية مرضية.
الدور الإقليمي والدولي
التطورات الإقليمية تلقي بظلالها على المشهد الرئاسي.
الوسيط الأميركي أموس هوكستين يترأس اجتماعًا في 7 يناير لضمان التزام الأطراف بوقف إطلاق النار جنوب لبنان، ما يسهم في استقرار الأوضاع قبل الجلسة الانتخابية.
زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو تأتي في سياق جهود باريس لدعم مسار انتخابي يراعي التوازنات الداخلية والإقليمية.
السيناريوهات المحتملة
- انتخاب رئيس توافقي
إذا تمكنت الأطراف من التوصل إلى توافق حول شخصية مقبولة من جميع القوى، فقد تنجح الجلسة في إنهاء الشغور الرئاسي. - استمرار الجمود السياسي
إذا استمرت الأطراف بالتمسك بمواقفها دون تقديم تنازلات، فإن الجلسة قد تنتهي دون انتخاب رئيس، مما يزيد من تعقيد المشهد. - تصعيد داخلي أو خارجي
أي تطور أمني أو سياسي قد يفرض تأجيل الجلسة، ما يطيل أمد الفراغ الرئاسي.
يمثل 9 يناير موعدًا مصيريًا للسياسة اللبنانية. وبينما يصر رئيس البرلمان نبيه بري على انعقاد جلسة مفتوحة للوصول إلى نتيجة، يبقى نجاحها رهن توافق القوى السياسية واستجابة الأطراف الإقليمية والدولية لدعم استحقاق حاسم قد يضع البلاد على مسار الاستقرار.