تشهد الساحة اللبنانية حاليًا تصاعدًا في التوتر بين إسرائيل و”حزب الله”، وسط تزايد الاستعدادات الميدانية في خضم المرحلة الانتقالية بين إدارتي الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب. وبحسب ما ورد في جريدة “الأنباء الكويتية”، يبدو أن المرحلة القادمة قد تحمل تصعيدًا متبادلًا بين الطرفين، إذ يسعى كل منهما إلى تحسين واقعه الميداني، بهدف فرض شروطه على طاولة المفاوضات بعد وقف إطلاق النار، الذي تواصل الدولة اللبنانية السعي لتحقيقه مع الحرص على حماية سيادتها وتفعيل دور قواتها المسلحة لتنفيذ القرار الدولي 1701.
تصعيد ميداني على الحدود وتأثيره على المدنيين
تعاني المناطق الحدودية اللبنانية من تصاعد الضغط الإسرائيلي الذي يستهدف بشكل أساسي القرى والبلدات الحدودية، بل ويصل إلى الخطوط الخلفية، مما يهدد بنية الحياة ويجبر السكان على النزوح. في المقابل، يرد “حزب الله” بتكتيكات حرب استنزاف، مع تكريس معادلات جديدة تهدف إلى تعزيز موقعه التفاوضي في أي مفاوضات مستقبلية، ومنها محاولة ضمان أمن مطار بيروت مقابل السماح باستمرار الحركة في مطار بن غوريون. ومن آخر عملياته، استهداف قاعدة ومطار “رامات ديڤيد” جنوب شرق مدينة حيفا.
جهود ديبلوماسية ودور الولايات المتحدة وإسرائيل في الحل
كشف مصدر نيابي بارز لجريدة “الأنباء” عن معلومات تفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يميل إلى “تجزئة الحل في لبنان”، حيث قد يُتّفق على وقف لإطلاق النار في الفترة القصيرة المقبلة، بينما يُؤجل النقاش بشأن سلاح “حزب الله” إلى ما بعد تسلم ترامب لمنصبه. يُعتقد أن هذا التوجه يهدف إلى التمهيد لاتفاق إقليمي أوسع قد يشمل لبنان والدول المحيطة.
وفي المقابل، تستمر إدارة الرئيس بايدن في السعي للتوصل إلى اتفاق حول لبنان وغزة، حيث يأمل البيت الأبيض بإحداث تقدم قبل نهاية الشهر الجاري، وقبل اعتماد نتائج الانتخابات الأميركية النهائية. وقد ذكرت مصادر مطلعة لـ”الأنباء” أن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة تهدف إلى تحقيق تقدم في ملف الرهائن في غزة، بالإضافة إلى محاولة التوصل لاتفاق يعيد الاستقرار إلى المناطق اللبنانية الحدودية.
الاستهداف الإسرائيلي للجيش اللبناني وتساؤلات حول توقيته
في الوقت نفسه، أثارت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت سيارة مدنية عند حاجز الجيش اللبناني في جسر الأولي بالقرب من صيدا تساؤلات كبيرة حول توقيتها وموقعها. تزامن هذا الهجوم مع وصول آليات تابعة للقوات الدولية “اليونيفيل”، مما أدى إلى إصابة عدد من الجنود اللبنانيين وأفراد الوحدة الماليزية. ويثير استهداف حاجز الأولي الشكوك حول النوايا الإسرائيلية، خاصة أن هذا الموقع يعتبر بمثابة نقطة مفصلية للمدنيين الجنوبيين الذين قد يضطرون إلى النزوح شمالًا.
التحركات السياسية الداخلية والمساعي الديبلوماسية
في سياق متصل، التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وفدًا كبيرًا من نواب الطائفة السنية في بيروت، مشددًا أمامهم على ضرورة الإمساك بالأمن الداخلي للحد من تداعيات التصعيد الإسرائيلي، كما أشار إلى الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة اللبنانية لوقف الأعمال القتالية وتأمين المناطق المتضررة. وتأتي هذه التحركات قبل زيارة ميقاتي المرتقبة إلى السعودية لترؤس وفد لبنان في القمتين العربية والإسلامية، وهو ما يعكس الأهمية التي توليها الحكومة اللبنانية لتعزيز التعاون مع دول المنطقة في هذه المرحلة الحرجة.
إن التطورات في الساحة اللبنانية تأتي في وقت حساس ومليء بالتحديات، حيث تحاول الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها الموازنة بين حماية السيادة الوطنية وتجنب المزيد من التصعيد. ومع تزايد الحديث عن مفاوضات ووساطات محتملة، يبقى السؤال حول مدى قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على التوصل إلى اتفاق يحقق الاستقرار في لبنان، ويضع حدًا لمعاناة المدنيين في المناطق الحدودية.