أقيم اليوم، في المكتبة الوطنية احتفال تحت عنوان” قراءة في كتاب المحميات الطبيعية” بمشاركة وزير البيئة ناصر ياسين ووزير الثقافة محمد وسام المرتضى وبتنظيم من جمعية التحريج في لبنان ودعم من مؤسسة كونراد أديناور (KAS)، لإبراز الأهمية الثقافية لمحميات لبنان الطبيعية ومحميات المحيط الحيوي إضافة الى دورها الرئيسي على الصعيد البيئي.
حضر الحفل سفراء وممثلو الجهات المانحة ولجان المحميات الطبيعية ومديروها والمنظمات غير الحكومية وشركات القطاع الخاص، الذين استمعوا إلى شهادات حية من المجتمع المحلي الذي يعيش في محيط المحميات الطبيعية وايضا زيارة لمعرض عرضت فيه هذه المحميات منتجاتها وموادا للتوعية.
بدأ الحدث بالنشيد الوطني اللبناني، وكلمات لوزيري البيئة والثقافة وممثل KAS، تلتها شهادات من أفراد من المجتمعات المحلية المحيطة بالمحميات الطبيعية. كما تم عرض شريط فيديو للمحميات الطبيعية الثماني عشرة في لبنان.
ياسين
والقى وزير البيئة كلمة قال فيها: “ماذا يجمع البيئة مع الثقافة؟ بالاضافة طبعا إلى بديهيات التثقيف البيئي وثقافة الحفاظ على الطبيعة يجمعنا 3 اشياء:
أولا: تجمعنا القناعة بأن رأسمالنا الحقيقي في لبنان هو الانسان وبيئته، الراسمال الانساني هو ما نعمل للحفاظ عليه وتطويره والبناء عليه، وتفاعله مع الرأسمال الطبيعي من محميات وغابات وشواطىء وتنوع. هذان هما الركيزتان الاساسيتان في التعافي المقبل الذي لا بد من أن يكون مبنيا على حاجات الانسان في لبنان وأن يكون مستداما.
ثانيا: يجمعنا التنوع الجميل والمحميات الطبيعية التي تمتد على مساحة 3 في المئة من مساحة لبنان، لكنها الاغنى بتنوعها البيولوجي من نباتات وطيور وكائنات بحرية، ومحمياتنا ال 18 يدخل في مجالها الحيوي معالم ثقافية وأثرية وتفاعل حضاري مع المجتمع المحلي ومجالاته الثقافية.
ثالثا: يجمعنا الايمان بلبنان رغم الظروف الصعبة حيث نعمل على الحفاظ وعلى إبراز وجوه لبنان الجميلة والمحميات جزء منها. وكذلك كل إمرأة ورجل يعملون في الجبال والساحل وفي السهل متشبثون في أرضهم هم وجه لبنان الجميل”.
وختم “اشكر زميلاتي وزملائي لانجاح هذا المشروع. شكرا لمعالي وزير الثقافة وفريقه شكرا لكونراد أديناور لدعمهم، شكرا للدكتورة مايا نعمة وفريق LRI وكل من ساهم في هذه الفعالية، على أمل أن نلتقي العام المقبل ونقرأ مجددا في كتاب المحميات الطبيعية”.
المرتضى
ثم القى المرتضى كلمة قال فيها: “عندما وضع جبران خليل جبران قصيدته الشهيرة “المواكب” جعلها من صوتين متقابلين يمثل الأول منهما مفاسد الحضارة التي تغلغلت إلى قلوب الناس، والثاني يعكس بساطة الحياة. وكان الغاب في هذه القصيدة الصورة الأبهى للحياة البسيطة الصافية التي لم تلطخها البشرية بالشرور، لذلك جعله جبران مجتمع الفضائل الكاملة”.
اضاف: “وإذا كان بناء الحضارة العالمية تطلب منذ البدء أن يتجاوز الإنسان خوفه من الطبيعة ويسعى إلى ترويضها. فقد صرنا اليوم في مسار أفضى إلى معاداة الطبيعة بذاتها، من قبل الناس فرادى وجماعات، دولا وأشخاصا وبخاصة من القوى المتحكمة بمصير العالم والساعية إلى استغلال كل ما يتاح لها بالتدمير في خلال السلم والحرب من أجل السيطرة على الموارد والشعوب.
وتابع: “بإزاء هذا العدوان المتمادي أصبحنا أمام مقاربة جديدة في التعاطي مع الطبيعة. فهي لم تعد موقعا رومنطيقيا جماليا يتغنى به الفنانون والشعراء فقط، ولا ملجأ تأوي إليه النفوس طلبا للسكينة والهدوء فحسب، بل باتت قبل كل شيء الإطار الحيوي الذي، على استمراره نقيا سليما، يتوقف بقاء البشر أو اندثارهم. ذلك نظرا لمقدار التخريب العشوائي أحيانا، والممنهج أحيانا أخرى، الذي طاول عناصر الطبيعة من تراب وماء وهواء. حتى أصبح من البديهي القول إن البيئة وعاء الحياة، وحمايتها من العدوان المتمادي عليها ضرورة ماسة لبقاء البشرية أكثر من كونها ترفا فنيا”.
واردف: “اليوم، نجتمع هنا في رحاب المكتبة الوطنية أحد الأمكنة المثلى للقراءة واكتساب الثقافة، في ندوة بعنوان “قراءة في كتاب المحميات الطبيعية”. وفي الأمر دلالات عديدة منها أن حماية البيئة واجب ثقافي، يسعى به إلى جعلها هما إنسانيا ووطنيا جامعا. ومنها أن الطبيعة كالكتاب حياة تقرأ وتحفظ، ومنها أن وطننا لبنان الذي امتاز منذ الأزل بغناه الطبيعي يدعونا إلى فعل كل ما يلزم لخدمة البيئة، دفاعا عن الماضي وصيانة للمستقبل”.
وختم: “اقرأوا جيدا في كتاب الشجر، تجدوا صورة الكيان الآدمي بكل تفاصيلها، من جذور راسخة في الانتماء، إلى جذوع متينة الصلابة، فغصون تتطاول صوب الجهات. هكذا الإنسان بعامة واللبناني بخاصة. وتحضرني في هذه المناسبة صورة ذلك الجندي البطل، في الجيش اللبناني البطل، على الحدود مع فلسطين المحتلة، كيف انتفض بوجه جند الاحتلال، ومنعهم من أن يمسوا غصن شجرة واحدا من أرضنا المباركة. هكذا ينبغي لنا أن نقرأ في كتاب الشجر، كما قرأ ذلك الجندي فنحمي المحميات من كل اعتداء خارجي أو داخلي”.
بعد ذلك، انتقل الحضور الى قاعة اخرى تعرفوا فيها على بعض المحميات الطبيعية مما سمح للحاضرين بمقابلة مديري المحميات وكسب معلومات محددة عن كل منها حيث تعتبر المحميات الطبيعية في لبنان مهمة في حماية التنوع البيولوجي، وبالاضافة الى دورها في المحافظة على البيئة وعلى الارث الطبيعي، هي توفر ايضا البيئة الملائمة لتطوير العمليات والأنشطة الثقافية والحفاظ على الارث الثقافي.