الصراع السني الشيعي هو أحد الصراعات القديمة والمعقدة في تاريخ الإسلام، بدأ بعد وفاة النبي محمد عام 632 ميلاديًا. هذا الصراع نشأ أساسًا بسبب الخلاف حول من يجب أن يتولى قيادة الأمة الإسلامية. السنة يعتقدون أن القيادة يجب أن تكون لأبي بكر الصديق، أول خليفة، في حين يرى الشيعة أن علي بن أبي طالب، ابن عم النبي وزوج ابنته، هو الأحق بالخلافة.
تطور الصراع عبر العصور
1. الخلافة الراشدة والفتنة الكبرى:
– بعد وفاة النبي، بدأت فترة الخلافة الراشدة (632-661م). الصراع بدأ بشكل جدي بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان واندلاع “الفتنة الكبرى”، التي كانت الحرب الأهلية الأولى بين المسلمين.
– معركة الجمل وصفين: كانت بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وأدت إلى انقسام الأمة.
2. العصور العباسية والفاطمية:
– في عهد الخلافة العباسية (750-1258م)، تم تهميش الشيعة إلى حد كبير. ومع ذلك، في مصر، أسس الشيعة الفاطميون (909-1171م) دولة قوية كانت تختلف عن الدولة العباسية.
3. الصفويون والعثمانيون:
– في العصور الحديثة، ازداد الصراع بين السنة والشيعة حدة مع ظهور الدولة الصفوية في إيران (1501م) التي اعتمدت المذهب الشيعي كدين رسمي، وتحدت الخلافة العثمانية السنية.
الصراع في العراق وإيران
– العراق: تاريخياً، العراق كان مسرحاً للصراع السني الشيعي. تحت حكم صدام حسين، الذي كان سنياً، تعرض الشيعة للقمع الشديد. بعد سقوط نظامه في 2003، تحول العراق إلى ساحة معركة بين الطوائف المختلفة، مع صعود الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران.
– إيران والعراق: الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) كانت مثالاً على صراع شديد بين السنة (بقيادة صدام) والشيعة (بقيادة إيران). رغم الخسائر الفادحة، لم يتمكن أي من الطرفين من تحقيق نصر حاسم.
الصراع الإقليمي وتدخل السعودية واليمن
– السعودية وإيران: الصراع بين السعودية السنية وإيران الشيعية يمثل المحور الأساسي للتوترات في المنطقة. السعودية ترى في إيران تهديدًا لنفوذها الإقليمي، بينما تسعى إيران لتوسيع نفوذها عبر دعم الجماعات الشيعية مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
– اليمن: تحول الصراع في اليمن إلى ساحة جديدة للصراع السني الشيعي بعد سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران، على العاصمة صنعاء في 2014. السعودية تدخلت عسكريًا في 2015 لدعم الحكومة اليمنية ضد الحوثيين.
أحداث 7 أكتوبر 2023 وتأثيرها
– دعم إيران لحماس: في 7 أكتوبر 2023، شهد العالم تصعيدًا جديدًا في الصراع السني الشيعي. دعم إيران لحركة حماس السنية في مواجهتها مع إسرائيل أثار تساؤلات حول ديناميكيات الصراع. هذه الأحداث قد تدفع نحو تغيير في التحالفات الإقليمية وتجعل الصراع يأخذ منحى جديدًا
الاتجاهات المستقبلية
الصراع السني الشيعي مستمر بالتطور، مع تدخلات دولية وإقليمية تزيد من تعقيده. المستقبل قد يشهد مزيدًا من التحالفات غير التقليدية وتوسيع نطاق الصراع ليشمل مناطق جديدة، بما في ذلك تحولات في دور الفاعلين غير الحكوميين مثل حماس وحزب الله، وتأثير ذلك على التوازن الإقليمي.