بيت السعاددة وبيت للتعاسة

بيت التعاسة وبيت السعادة

في قرية صغيرة، كان هناك بيتان مميزان: بيت التعاسة وبيت السعادة. كان سكان بيت التعاسة يعيشون في ظلال الحزن والشكوى المستمرة، لا يكاد يمر يوم دون أن تسمع أنينًا أو تنهيدة ثقيلة. أما سكان بيت السعادة، فكانوا يعجّون بالضحك والاحتفال طوال الوقت، لا شيء يبدو أنه يعكر صفو حياتهم.

كان سكان بيت التعاسة قد اعتادوا على حزنهم، لكن في أحد الأيام قرروا أن الأمور لم تعد تحتمل. اجتمعوا جميعًا وناقشوا فكرة الانتقال للعيش في بيت السعادة. قال أحدهم:

“لماذا نعيش هنا ونحن نستطيع أن نعيش في البيت المجاور؟ لن نتذوق الحزن بعد اليوم!”

وافق الجميع على الفكرة، وبدأوا بجمع أغراضهم القليلة. ولكن كان هناك صوت خافت في الخلف، إنه العم منصور، الذي كان دائمًا غريبًا عنهم، لا يشكو ولا يبتهج:

“احذروا يا أهل بيت التعاسة، فالسعادة الزائدة كالحزن الزائد، كلاهما يطغى على حياتكم إن لم توازنوها.”

ضحك الجميع على كلامه، معتبرين أن منصور قد فقد صوابه. ثم انطلقوا نحو بيت السعادة حاملين أحلامهم بالسعادة الأبدية.

الانتقال إلى بيت السعادة

عندما وصلوا، رحّب بهم سكان بيت السعادة بحفاوة بالغة. كانوا يغنون ويرقصون، وأخذوا يدعون القادمين الجدد إلى الاحتفال المستمر. في البداية، كان سكان بيت التعاسة مذهولين من الأجواء. قال أحدهم:

“هل هذا ما كنا نفتقده طوال حياتنا؟”

لكن الأمور بدأت تتغير. كان سكان بيت السعادة يحتفلون بكل شيء، حتى أدق الأحداث مثل سقوط كوب أو رؤية قطة تعبر الشارع. لم يكن لديهم وقت للتوقف أو التفكير، كانت الضحكات والضوضاء تملأ المكان.

بعد أسبوع من الإقامة هناك، بدأ سكان بيت التعاسة يشعرون بالغرابة. قالت فاطمة، إحدى ساكنات بيت التعاسة السابقة:

“أليس هناك لحظة لنتوقف ونتحدث بجدية؟ أشعر بأن هذه السعادة أشبه بقناع يخفي شيئًا.”

لكن سكان بيت السعادة لم يفهموا ما تعنيه. كان شعارهم دائمًا:

“لا تفكروا، فقط اضحكوا!”

حادثة الكعكة المحترقة

في أحد الأيام، قررت مجموعة من سكان بيت السعادة تحضير كعكة ضخمة للاحتفال بعيد ميلاد قطة أحد الجيران. كان الجميع مشغولًا بالغناء والضحك أثناء الطبخ، إلى أن نسوا الكعكة في الفرن. انفجرت الكعكة المحترقة وانتشر الدخان في كل مكان.

بينما كان سكان بيت السعادة يضحكون على الحادثة، تدخل سكان بيت التعاسة السابقون لإخماد النار. قال أحمد، أحدهم:

“إن لم نأخذ الأمور بجدية في بعض الأحيان، فقد ندفع الثمن غاليًا.”

لكن سكان بيت السعادة لم يعيروا الأمر اهتمامًا، بل أطلقوا احتفالًا جديدًا باسم “احتفال الكعكة المحترقة”.

العودة إلى التوازن

بدأ سكان بيت التعاسة يشعرون بأن حياتهم في بيت السعادة ليست كما تخيلوها. قال منصور الذي تبعهم متأخرًا:

“السعادة ليست في الضحك المستمر، كما أن التعاسة ليست في الحزن الدائم. التوازن هو سر الحياة.”

قرر سكان بيت التعاسة العودة إلى منزلهم، لكنهم هذه المرة اتفقوا على تغيير طريقة حياتهم. قالوا:

“لن ندع الحزن يسيطر علينا، ولن نبحث عن السعادة المفرطة. سنعيش كل يوم بمشاعره، ونتعلم كيف نتعامل مع الفرح والحزن على حد سواء.”

وبالفعل، تحولت أجواء بيت التعاسة إلى مكان هادئ، يملؤه الضحك أحيانًا والهدوء أحيانًا أخرى. أما بيت السعادة، فقد ظل كما هو، حتى بدأ سكانه بالتساؤل إن كان منصور على حق.

العبرة

التوازن هو مفتاح الحياة. لا تعاسة دائمة ولا سعادة مطلقة. فالإنسان يحتاج إلى التوقف والتأمل، ليقدر الفرح ويواجه الحزن بمرونة.

Join Whatsapp