الجزء الأول
في قرية صغيرة محاطة بجبال لبنان الشامخة، نشأ حنا أديب، رجلٌ شجاع وطموح، ولد في عام 1865 في هذه القرية التي تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة وأجوائها الهادئة. ومنذ الصغر، حلم حنا بالسفر الى ما خلف الجبال والوديان، اراد خوض البحر الى ما وراء الأفق.
وفي عام 1887، اتخذ حنا قراراً جريئاً بالسفر والمغامرة الى المجهول، شيء في داخله دفعه الى المخاطرة وترك حياته التي عرفها نحو المستقبل. ومع الوداعات الحزينة من عائلته وأصدقائه، بدأ حنا رحلته التي سوف تغير حياته.
بدأت المسيرة المضنية عبر جبال لبنان ووديانه، حيث اضطر حنا للمشي لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ عبر الطرق الوعرة. وحين وصل إلى ميناء جبيل، كانت السماء مليئة بنجومها المتلألئة والهواء يتأرجح برائحة البحر المنعشة.
في جبيل، استغل حنا آخر جهوده المتبقية من الشجاعة والقوة ليتفاوض مع التجار على شراء بغل يمكنه ركوبه في رحلته القادمة. وبعد تبادل العروض والمفاوضات، نجح حنا في شراء البغل مقابل قطعتين من الذهب.
وبهذا، انطلق حنا مستقلاً بغله والبحر الى يمينه جنوباً باتجاه بيروت، حيث كانت الأسواق حيوية والتجارة نابضة بالحياة. وباستخدام مهاراته التجارية، تمكن حنا من بيع البغل مقابل إقامة لثلاث ليالٍ في نزل وتذكرة عبور إلى البرتغال.
عند وصوله إلى البرتغال عبر البحر المتوسط، انغمس حنا في حياة جديدة تمامًا، حيث تعرف على رجل نحّاس وبدأ بالعمل عنده. عاش حنا وعمل بجد واجتهد. ولم يكن يعلم حنا أن هذه السنوات الثلاث ستكون الأهم في حياته، حيث تعرف على زوجته وشريكة عمره المستقبلية ابنة النحّاس وأنجبا صبياً اسمياه فخر.
مع انتهاء فصل الشتاء وحلول الربيع في عام 1890، بدأت الأمور تأخذ منحنىً مثيرًا للعائلة الصغيرة، فبعد مرض ووفاة النحاس، قرر حنا أديب وزوجته ترك البرتغال والانتقال مع ولدهما إلى العالم الجديد، أميركا. وبينما كانوا يستعدون لهذه الرحلة، كانت التوقعات تزيد من حماسهم وتشويقهم، ولكنهم لم يكونوا يعلمون بأن التحديات التي تنتظرهم في البحر ستكون أكثر صعوبة مما كانوا يتصورون.
في منتصف الرحلة، بدأت الأمور تأخذ منعطفًا غير متوقع عندما تعرضت الزوجة للمرض المفاجئ، ارتفعت حرارتها بشكل خطير واخذتها الحمى بسبب العواصف الجوية العاتية وسوء التغذية. كانت الأمواج العاتية تضرب جانب السفينة بقوة، مما جعل الرحلة أكثر تعقيدًا وصعوبة.
وأثناء ذلك، كان الطفل فخر يلهو بجوار حافة سطح السفينة تحت المطر الغزير، وفجأة شعرت الأم بحالة من الهلع لأنه كاد أن يسقط من السطح. قامت بالركض بسرعة، وأمسكت بيد ابنها لتنقذه في لحظة حرجة من السقوط المحتمل.
ولكن أخطر التحديات جاءت عندما حاول أحد الركاب المضطربين سرقة الذهب الثمين الذي كان يحمله حنا معه. كان اللص يهم بالاستيلاء على الثروة والهرب بها، لكن بفضل شجاعة حنا والتدخل السريع لطاقم السفينة، تمكنوا من إحباط محاولته وصد الهجوم الخطير.
وأخيرًا، بعد أسابيع من الرحلة المليئة بالتحديات والمخاطر، وصلوا إلى ميناء بوسطن في أميركا، حيث كانت الساحة مليئة بالأمل والترقب. عند دخولهم الأراضي الأميركية تم تسجيل حنا أديب باسم جوني ديب، وزوجته اليانور وابنه فرانك.
في بوسطن، تم استقبالهم بحفاوة ودفء من قِبل عائلة مسيحية معمدانية ودية، ترحب بهم في العالم الجديد وتقدم لهم يد العون والمساعدة لبدء حياة جديدة وسط أراضي أميركا الواسعة.
يتبع …