وثقت فرق منظمة أطباء بلا حدود الآثار القاسية والشهادات المروعة التي يتسبب بها العنف الذي يلمّ بآلاف البالغين والأطفال العالقين في دوامة عبور البحر والعودة القسرية إلى ليبيا.
واشارت في بيان الى انه “تحلى 265 ناجٍ أُنقذوا خلال عملياتنا بالشجاعة الكافية لكي يخبرونا بما لا يقل عن 620 تجربة عنف قاسوها عنوةً. ويسعى كثيرون غيرهم الإدلاء بقصصهم مع الإشارة إلى أن 82 في المئة من حالات العنف هذه ارتُكبت في ليبيا” .
ولفت البيان الى انه “يبلّغ الناس عن تعرضهم للعنف خلال تواجدهم في ليبيا أو عند اعتراضهم في البحر أو خلال إعادتهم. ويرتكب الحراس في مراكز الاحتجاز 34 في المئة من عمليات العنف المبلّغ عنها، بينما تقع مسؤولية ارتكاب 15 في المئة من هذا العمليات على خفر السواحل، و11 في المئة على الشرطة العسكرية أو غير الحكومية، ويتحمّل المهربون والمتّجرون مسؤولية ارتكاب 10 في المئة من عمليات العنف هذه. وتوثّق فرقنا تعرُّض النساء والأطفال لمستويات عالية من العنف، إذ تبلغ نسبة القاصرين الذين أبلغوا عن تعرضهم للعنف 29 في المئة، علمًا أن أصغرهم في الثامنة من عمره، بينما تصل نسبة النساء إلى 18 في المئة. وقد أفادت التقارير أن 68 في المئة من أحداث العنف قد وقعت خلال عام واحد قبل إنقاذ الناجين”.
واضاف :” شكلت الإصابات البالغة والحروق والكسور والإصابات في الرأس والإصابات المرتبطة بالعنف الجنسي والاضطرابات النفسية التداعيات الصحية الأبرز لأحداث العنف المبلّغ عنها وبلغت نسبتها حوالي 50 في المئة من إجمالي هذه التداعيات. هذا ويؤدي العنف إلى عجز جسدي طويل الأمد وحالات حمل غير مرغوب فيها وحالات سوء تغذية وآلام مزمنة. وقد تعرّض الكثيرون إلى العنف بعد اعتراض خفر السواحل الليبي لطريقهم في البحر أو بعد احتجازهم في مراكز الاحتجاز الليبية في مرحلة لاحقة”.
وتابع البيان :” يبلغ الناجون أيضًا عن معاناتهم من العنف خلال إجبارهم على العودة إلى ليبيا من قبل خفر السواحل الليبي. فبين 21 حزيران 2021 وأيار 2022، سجلت فرقنا الطبية والإنسانية وقوع 95 حادث عنف أثناء إعادة الناجين بسبب الإجراءات التي يعتمدها خفر السواحل الليبي. وتمثلت أبرز وسائل العنف التي أُخبر عنها في الضرب بالأحزمة أو العصي الخشبية أو الحبال، والتهديد بالأسلحة وإطلاق النار. كما أبلغ الناجون عن إجبارهم على العودة إلى ليبيا بين مرة وسبع مرات قبل أن تنقذهم سفينة جيو بارنتس. وأشار معظمهم إلى أنهم أُرسلوا إلى مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية بعد إعادتهم إلى ليبيا”.
واردف :” تدير أطباء بلا حدود عمليات البحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط للسنة السابعة على التوالي. وبينما تتنصل الدول من مسؤوليتها المتمثلة في وضع آلية استباقية للبحث والإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط، تُركت أطباء بلا حدود وغيرها من السفن الإنسانية لتسد هذه الفجوة الخطيرة. إن تواجدنا في البحر المتوسط ما هو إلا نتيجة مباشرة لتهرب الدول الأوروبية بصورة مخزية ومتزايدة من المساهمة في ضم إمكانات إضافية بصورة استباقية إلى عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط. وتتجاهل الدول الساحلية كإيطاليا ومالطا بصورة ممنهجة واجباتها التي تقضي بتوفير الرعاية إلى القوارب التي تواجه الخطر، إذ لا تعتمد آليات بحث وإنقاذ موجّهة تقوم على مهمة واضحة هي إنقاذ حياة الناس في وسط البحر الأبيض المتوسط. عوضًا عن ذلك، تتعاون الدول الأوروبية مع خفر السواحل الليبي للقيام بدوريات في مناطق واسعة من البحر الأبيض المتوسط حتى أمست الاستجابة الأوروبية للأزمة في البحر المتوسط تركز بشكل أساسي على تعزيز قدرات خفر السواحل الليبي، وتقوم على دعم جهود إعادة المهاجرين بصورة قسرية إلى ليبيا، حيث ينتظرهم الاحتجاز والإساءة”.
وختم :” في ظل هذا كله، ينتاب أطباء بلا حدود استياء كبير من استمرار الكارثة الإنسانية في وسط البحر المتوسط بسبب السياسات المعتمدة. فعلى الرغم من الأدلة القاطعة التي تثبت الأذى الذي تُلحقه السياسات الأوروبية الرامية إلى ردع المهاجرين، وعلى الرغم من الدعوات إلى التغيير التي أُطلقت على جميع المنصات الممكنة، تواصل المؤسسات والقيادات السياسية الأوروبية اعتماد السياسات المميتة بصورة ممنهجة”.