مقتل نصر الله: مفترق طرق لإيران وإحراج دبلوماسي لأمريكا

مقتل نصر الله: مفترق طرق لإيران وإحراج دبلوماسي لأمريكا

تصريح بلينكن والواقع الجديد في الشرق الأوسط

وكالة أسنا للأخبار ASNA – في حديثه مع الصحفيين في نيويورك، صرّح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن الأيام القادمة ستحدد مسار الشرق الأوسط. كانت آماله مبنية على إمكانية إقناع كل من حزب الله وإسرائيل بالابتعاد عن حافة التصعيد. ولكن بعد تأكيد مقتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بعد أشهر من التوتر، دخلت المنطقة في مرحلة جديدة لم تشهدها من قبل.

إيران أمام قرار مصيري

الآن، تتجه الأنظار إلى طهران، التي تواجه قرارًا مصيريًا طالما حاولت تجنبه، خاصة في ظل القيادة الإصلاحية الجديدة. منذ سنوات، كانت إيران تسعى للحفاظ على ما يسمى بـ”محور المقاومة”، الذي يُعتبر نصر الله أحد أبرز رموزه.
إيران الآن أمام خيارين: إما الاكتفاء بإدانة إسرائيل بشكل غاضب وتوجيه دعوات غير محددة للرد، مما قد يعرّض مصداقيتها للخطر، أو اللجوء إلى رد عسكري مباشر ضد إسرائيل. ولكن الخيار الثاني يتطلب تحركًا حقيقيًا ومؤثرًا، إذ تدرك إيران أن الجيش الإسرائيلي يمتلك تفوقًا تقنيًا واستخباراتيًا واضحًا.
لقد أثبتت إسرائيل قدرتها على اختراق حزب الله بعمق، وربما تمكنت من الوصول إلى معلومات حساسة داخل إيران نفسها.

الرئاسة الإصلاحية الإيرانية في موقف حرج

الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، الذي انتخب على أساس تحسين العلاقات مع الغرب ورفع العقوبات الاقتصادية، يجد نفسه الآن في موقف حرج للغاية. كانت إيران تعوّل على هذه المرحلة الجديدة لتحسين اقتصادها المتعثر، وخصوصًا من خلال إعادة إحياء الاتفاق النووي الذي تضرر منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، منه في عام 2018.
وزير الخارجية الإيراني، سعيد عباس عراقتشي، كان قد قضى أسبوعًا كاملًا في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، محاولًا إقناع نظرائه الأوروبيين، مثل وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، ووزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات النووية.
لكن مقتل نصر الله جاء ليضع كل تلك الجهود في مهب الريح.

خيبة أمل إيرانية تجاه الوعود الغربية

قبل هذه الأزمة، كان بزشكيان قد عبر عن استيائه من قلة الدعم الذي تلقته إيران بعد اغتيال إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس، في عملية إسرائيلية جرت في طهران. كان بزشكيان قد تلقى وعودًا غربية بأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي كان سيؤدي إلى الإفراج عن رهائن وسجناء سياسيين فلسطينيين، كان قريبًا.
لكن هذه الوعود لم تتحقق بسبب رفض الولايات المتحدة ممارسة الضغط اللازم على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
الآن، وبعد اغتيال نصر الله، يبدو أن بزشكيان لن يثق في الوعود الأمريكية مجددًا، خاصة وأن نتنياهو ربما خطط لاغتيال نصر الله بموافقة ضمنية أمريكية، على الرغم من أن العملية تم تنفيذها باستخدام قنابل أمريكية الصنع في بيروت.

رد الفعل الإيراني: بيان خامنئي والدعوات للتصعيد

في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن يصدر بيان من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، يتضمن دعوات للمسلمين للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني وحزب الله في مواجهة ما وصفه بـ”النظام الشرير” في إسرائيل.
لكن يبقى السؤال: هل ستتخذ إيران خطوات عسكرية فعلية، أم ستكتفي بالبيانات والتصريحات الغاضبة؟

الإحراج الدبلوماسي الأمريكي: نتنياهو يتجاهل واشنطن

على الجانب الآخر، تعيش الولايات المتحدة إحراجًا دبلوماسيًا شديدًا. فعلى الرغم من محاولات وزير الخارجية الأمريكي للتوصل إلى اتفاق لوقف التصعيد في المنطقة، تجاهل نتنياهو بشكل متكرر التحذيرات والاقتراحات الأمريكية.
الولايات المتحدة كانت قد طلبت من إسرائيل تغيير استراتيجيتها عدة مرات، سواء فيما يتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، أو إنشاء مناطق حماية، أو العمليات العسكرية في رفح.
لكن في كل مرة كان نتنياهو يعترف بالموقف الأمريكي، يتفادى الرد بشكل واضح، ثم يتجاهل الموقف الأمريكي بشكل كامل، مما أدى إلى استياء واشنطن. ومع ذلك، استمرت الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري لإسرائيل.

مستقبل العلاقات الإيرانية الأمريكية: الطريق المسدود؟

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفي ظل زيادة شعبية نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، تبدو خيارات الولايات المتحدة محدودة. وبينما يدعي نتنياهو تحقيق النصر، فإن إيران قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ موقف أكثر حزمًا من المعتاد، ولكن ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تصعيد كبير أو مجرد تصريحات فارغة هو ما ستكشفه الأيام القادمة.

Join Whatsapp