تقرير خاص – وكالة أسنا للأخبار (ASNA)
واشنطن | 13 حزيران/يونيو 2025
في تطور خطير وغير مسبوق، نفّذت إسرائيل فجر الجمعة ضربة عسكرية مباشرة على أهداف حساسة داخل العاصمة الإيرانية طهران، شملت منشآت مرتبطة بالبرنامج النووي وقيادات في الحرس الثوري. العملية، التي أطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”، فتحت الباب واسعًا أمام تأويلات سياسية، وعقائدية، بل ونبوئية، لا سيما لدى أوساط مسيحية ويهودية تربط بين التصعيد العسكري وبين نبوءات “نهاية الزمان”.
بين الردع الاستراتيجي ورسائل العقيدة
من الناحية السياسية، اعتبرت تل أبيب أن العملية جاءت ردًا على هجمات صاروخية ومسيرات إيرانية خلال الأشهر الماضية، والتي خرقت قواعد الاشتباك التقليدية وهددت الأمن الإسرائيلي من عدة جبهات: جنوب لبنان، سوريا، غزة، وحتى البحر الأحمر عبر الحوثيين.
إلا أن اللافت في السياق العام، هو بروز قراءات دينية قوية للضربة، خاصة في أوساط الإنجيليين في الولايات المتحدة ودوائر يهودية أرثوذكسية، حيث وُصفت العملية بأنها “لحظة نبوئية” تتحقق فيها فصول من كتب مقدسة مثل سفر حزقيال، المزمور 83، وسفر دانيال.
نبوءات حزقيال وجغرافيا الحرب المقبلة
يركّز عدد من المفكرين الدينيين – ومنهم القس جيمي إيفانز، ومارك هيتشكوك – على الربط بين الأحداث الجارية ونبوءة “جوج وماجوج” الواردة في حزقيال 38-39. هذه النبوءة تشير إلى تحالف قوى من الشمال والشرق، تشمل “فارس” (إيران) و”ماجوج” (يفسرها البعض بروسيا أو تركيا)، تهاجم إسرائيل في “الأيام الأخيرة”، قبل تدخل إلهي حاسم يغيّر مجرى التاريخ.
يرى إيفانز أن الضربة ضد إيران قد تكون بداية “الاستفزاز” الإلهي الذي يجذب تلك الأمم إلى ساحة الحرب، بينما يشير هيتشكوك إلى أن إسرائيل، إذا استطاعت فرض حالة من الاستقرار العسكري النسبي بعد تحييد خصومها، فقد تدخل مرحلة “الطمأنينة”، وهي شرط مذكور أيضًا في النبوءة قبل اندلاع المعركة الكبرى.
النظرة الإسلامية: “الملحمة” وعودة القدس
في المقابل، لا تغيب التأويلات الإسلامية عن المشهد. إذ تذكر أحاديث نبوية معروفة في كتب السنة والشيعة معارك كبرى في “آخر الزمان”، منها “الملحمة الكبرى” و”فتح القسطنطينية”، و”الرايات السود القادمة من خراسان”، ما يرى فيه البعض إشارات رمزية للصراع الجاري اليوم بين إسرائيل وإيران.
القراءة السنية غالبًا ما ترى في المواجهات الكبرى محطة تمهيدية لعودة القدس وظهور “المهدي”، بينما ترى القراءة الشيعية في الصراع مع “الكيان الصهيوني” خطوة حتمية قبل ظهور “الإمام المهدي المنتظر”.
إسرائيل والهيكل: تحولات في الخطاب الديني والسياسي
الضربة الأخيرة لا يمكن فصلها عن تصاعد تأثير الخطاب الديني القومي في إسرائيل، الذي بات يربط بين النصر العسكري وبناء “الهيكل الثالث” في القدس. هذا التيار، الممثل في أحزاب داخل الحكومة الحالية، يرى أن إزالة التهديد الإيراني تمهّد لبداية عصر جديد من “السيادة اليهودية الكاملة” على “أرض الميعاد”.
في هذا السياق، لا يغيب الدعم الأميركي، خصوصًا من أوساط الإنجيليين المتشددين، الذين يعتبرون قوة إسرائيل ضرورة إيمانية لعودة المسيح. ويُذكر أن تقارير إعلامية تحدثت عن دور تنسيقي بين إسرائيل وإدارة ترامب خلال التخطيط للعملية، في ما وصف بأنه “خداع استراتيجي محكم” استغل حالة التراخي في طهران.
تقاطع النار مع النصوص
سواء كانت الضربة الإسرائيلية خطوة استراتيجية بحتة أو محفوفة بدلالات دينية متداخلة، فإن تطورات الأيام المقبلة ستكون حاسمة. فالمعادلة لم تعد تقتصر على ردود عسكرية متبادلة، بل باتت تنذر بصراع يلبس لبوس العقيدة والتاريخ، ويستحضر نصوصًا قديمة ليملأ بها مشهدًا جديدًا من التوتر.
في ظل هذا المشهد، تبقى الأسئلة مفتوحة:
هل ما نشهده الآن هو مجرد تصعيد آخر في دوامة الشرق الأوسط؟ أم أن التاريخ يُكتب من جديد بلغة القدر والنبوءات؟