No nuclear for iran

تحليل استراتيجي لجوهر العقوبات ومحاولات ردع طهران عن القنبلة النووية

تقرير خاص – وكالة أسنا للأخبار – واشنطن

رغم مرور أكثر من عقدين على بدايات البرنامج النووي الإيراني، لا تزال طهران تخضع لعقوبات قاسية وتحقيقات دولية صارمة، وملاحقات دبلوماسية لا تهدأ. لكن السؤال الأعمق هو: لماذا تُصرّ الدول الغربية على منع إيران من امتلاك القنبلة النووية؟ ولماذا تُعامل طهران بطريقة مختلفة عن الهند، باكستان، أو حتى كوريا الشمالية؟

في هذا التقرير، نحلل الأسباب الواقعية والاستراتيجية التي تدفع المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة وأوروبا، إلى فرض العقوبات ورفض امتلاك النظام الإيراني للسلاح النووي.

أولًا: عقيدة النظام الإيراني… و”التصدير الثوري”

تقوم العقيدة السياسية للنظام الإيراني على نظرية “تصدير الثورة”، وهي استراتيجية منصوص عليها دستوريًا، وتهدف إلى دعم الحركات الشيعية والإسلامية الموالية لإيران في دول المنطقة.

الدول الغربية، خصوصًا أميركا وفرنسا، ترى أن امتلاك هذا النظام لسلاح نووي سيُحوّله من مجرد قوة مزعزعة للاستقرار إلى قوة ردع غير قابلة للمحاسبة. وهذا يعني:

  • حماية الميليشيات الإيرانية حول العالم تحت مظلة نووية.
  • تهديد وجودي لحلفاء الغرب في المنطقة، مثل إسرائيل والخليج.
  • إطلاق سباق تسلّح نووي إقليمي.

ثانيًا: السجل الإرهابي… والسلاح في يد عقائديين

منذ عام 1979، ارتبطت إيران بعدد كبير من العمليات الإرهابية حول العالم. وعبر أذرعها مثل فيلق القدس، حزب الله، الحوثيين، والحشد الشعبي، أثبتت طهران قدرتها على ضرب أهداف مدنية وعسكرية في خمس قارات.

الغرب يرى في القنبلة النووية بيد نظام مثل هذا تهديدًا وجوديًا:

  • لأنه نظام غير تقليدي وغير ديمقراطي.
  • يتبنّى مبدأ الانتقام الديني والبعد الأيديولوجي.
  • لا يملك مؤسسات رادعة مستقلة (برلمان، قضاء، إعلام حر).

ثالثًا: إسرائيل “الخط الأحمر”

التحليل الاستراتيجي الأميركي يعتبر أن القدرة النووية الإيرانية تهدد وجود إسرائيل بشكل مباشر. ومع أن إسرائيل تملك ترسانة نووية غير مُعلنة، فإن طهران لا تُخفي نواياها العلنية بإزالة “الكيان الصهيوني”، وهو ما يجعل الملف النووي الإيراني شخصيًا بالنسبة للغرب، خصوصًا في ظل النفوذ الإسرائيلي داخل الكونغرس الأميركي.

رابعًا: توازن القوى في الخليج… ومخاوف النفط

وجود سلاح نووي في يد إيران يعني:

  • إخضاع الخليج بالكامل للهيمنة الإيرانية.
  • تهديد الملاحة في مضيق هرمز.
  • إمكانية ابتزاز الأسواق العالمية بالنفط والطاقة.

الغرب يدرك أن امتلاك إيران للسلاح النووي قد يؤدي إلى تغيير جذري في موازين القوى، ويجعل دول الخليج (السعودية، الإمارات، البحرين، قطر…) تسعى أيضًا لامتلاك السلاح النووي، ما يعني تكرار تجربة الحرب الباردة، ولكن في الشرق الأوسط.

خامسًا: النظام نفسه… لا يمكن الوثوق به

حتى القوى التي تفاوض إيران، مثل أوروبا، تدرك أن النظام الإيراني:

  • يخدع المفتشين الدوليين.
  • يخفي مواقع عسكرية/نووية.
  • يراوغ في الاتفاقات ثم ينقلب عليها.

لهذا، فإن أي امتلاك للسلاح النووي من قبل هذا النظام لا يُقارن بأي دولة نووية حالية. فحتى كوريا الشمالية، رغم تهورها، لا تمتلك شبكة عسكرية عابرة للحدود كما إيران.

ليس النووي بحد ذاته… بل “من يمتلكه”

العقوبات الغربية ليست على القنبلة كآلة، بل على من سيملك الزر.
ففي عالم اليوم، حيث يمكن نقل متفجرات أو طائرات مسيّرة بوساطة ميليشيات غير رسمية، تُعتبر القنبلة النووية في يد نظام إيراني أيديولوجي كارثة استراتيجية تتجاوز حدود إيران.

الرفض الغربي إذًا ليس عنصريًا، بل قائم على تقييم طبيعة النظام، وممارساته السابقة، وتأثيراته الإقليمية.

السؤال المفتوح:
إلى أي مدى يمكن للغرب أن يمنع إيران؟
وهل الخيار العسكري لا يزال مطروحًا في حال فشلت الضغوط الدبلوماسية؟

Join Whatsapp