أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن “التحديات لا تخيفنا، بل تزيدنا إصرارا على المواجهة والوقوف في وجه الصعوبات لحلها”، مشددا على أنه “ليس جديدا على بيروت أن تحتضن الكتاب العربي، فهي كانت ولا تزال عاصمة الثقافة العربية، وهي التي كانت منطلق الثورات الفكرية في العالم العربي”.
 
وكان رئيس مجلس الوزراء رعى حفل افتتاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والستين، في قاعة المعارض “سي سايد أرينا”، في الواجهة البحرية لبيروت، عصر اليوم، بدعوة من النادي الثقافي العربي ومشاركة عدد كبير من دور النشر.
 
حضر حفل الإفتتاح الرئيس فؤاد السنيورة، النائب محمد الحجار ممثلا الرئيس سعد الحريري وحشد من الشخصيات الدبلوماسية والدينية والأكاديمية والتربوية والنقابية وعدد من أصحاب دور النشر اللبنانية والعربية والأجنبية.
 
الخنسا 
بعد النشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح ضحايا انفجار المرفأ، ألقت أمينة سر النادي الثقافي العربي نرمين الخنسا كلمة أشارت فيها الى أن “النادي عاد ومعه معرض بيروت العربي الدولي للكتاب ليتوجا بيروت من جديد عاصمة الثقافة والجمال والإبداع، عاصمة الرأي والفكر الحر والإنفتاح، عاصمة الحرف والنشر والكتب والكتاب”.
 
بعاصيري 
ثم تحدثت رئيسة النادي سلوى السنيورة بعاصيري التي شكرت الرئيس ميقاتي على “كرم الرعاية والحضور”، وحيت “جميع المشاركين في فعاليات المعرض، من دور نشر وكتاب ومفكرين ومبدعين في شتى المجالات”.
 
وقالت: “ها هو معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يعود إلينا بعد غياب، بل نحن من نعود إليه، لنفرج عن مشاعر الافتقاد ولنبوح بمحورية دوره ومكانته في تعزيز موقع بيروت الثقافة. وليؤكد النادي الثقافي العربي أن العودة في هذا الظرف بالذات هي واجب ثقافي معرفي لا ينفصل عن الرسالة التي نذر النادي نفسه لها منذ البدايات، أي منذ تاريخ التأسيس في العام 1944، لتكون رسالته جزءا من رسالة استقلال لبنان في العام 1943، في شبه ترابط بين التاريخين”.
 
أضافت: “أدرك الجيل المؤسس للنادي الثقافي العربي، أن استقلال لبنان إنما يصان بسيادته الفكرية، ووعيه المعرفي، وتنوعه الثقافي في إطار محيطه العربي. فكان ذاك التماهي في الرسالة، وذاك التكامل في الدور، وذاك العطاء في المسيرة، ليسجل النادي على مدى عقوده الممتدة سلسلة إنجازات في مقدمها ريادة معارض الكتاب في العالم العربي، منذ العام 1956، مسلطا الضوء على مكانة لبنان موئلا للكلمة الحرة، والفكر المستقل، والتلاقي في التنوع”.
 
وتابعت: “نعم لم يكن للنادي الثقافي العربي، مهما تعقدت الأمور، وتشابكت الأزمات، وتوالت التحديات، أن يتخلف عن الالتزام بصيغة لبنان الحضارية ومتطلباتها، والايفاء بدوره المعهود لجهة احتضان الفكر وأهله، وهو على يقين أن أهل الكتاب من مؤلفين ودور نشر وقراء، يشاطرونه المسؤولية في جعل الكلمة والفكر مصدر إلهام لبيروت ومبعث إصرارها على الصمود، بيروت التي عرفناها عطرا يفوح في رحاب الفكر والمعرفة، متجاوزة كل محاولات تغيير المعالم والهوية، بيروت التي تحتضن كل إبداع، طالما كان وسيبقى قوس قزح في تنوعه وتلاوينه، وهذا ما تشهد عليه فعاليات معرض الكتاب في دورته الـ63، والتي إلى ما تزخر به من تنوع في الأفكار والمبادرات والمقاربات تحمل تحية إكبار وتقدير إلى شخصيتين يفتقدهما معرض الكتاب في دورته هذه كما تفتقد عطاءاتهما دور النشر قاطبة، وهما السيد رياض نجيب الريس الذي فارقنا في 26 أيلول 2020 وسماح يوسف إدريس في 25 تشرين الثاني 2021. وكلنا أمل أن تبقى سيرتهما حافزا لسائر دور النشر في بذل المزيد لتعزيز الدور الفكري والثقافي لصناعة الكتاب ونشره”.
 
وختمت: “أجدد الشكر لدولة رئيس مجلس الوزراء على كرم الرعاية والحضور وأن أحيي جميع المشاركين في فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته 63، من دور نشر وكتاب ومفكرين ومبدعين في شتى المجالات. كما أتوجه بالشكر إلى جميع رواد المعرض، ففي كل مشاركة، بتنوع طبيعتها، فعل إيمان بدور لبنان وعاصمته بيروت في العمل النهضوي الثقافي الذي يبقي الفرد المستنير محوره وسر استدامته”.
 
الرئيس ميقاتي 
وقال الرئيس ميقاتي: “اجتماعنا اليوم في هذا المكان بالذات، يحمل أكثر من رسالة ومغزى. فعلى مقربة من هذا المكان كان زلزال بيروت الأخير الذي أضيف الى سلسلة الزلازل الحديثة والقديمة التي دمرت مدينتنا بيروت ولكنها عجزت عن قتل الروح فيها، ولذلك فإن بيروت، ولو سقطت لبعض الوقت، تعود وتنهض من جديد أقوى وأكثر عزما واصرارا، بإرادة جميع اللبنانيين مهما قست عليهم الأيام. وما لقاؤنا اليوم هنا، في هذا المكان بالذات الذي عاد لينهض من كبوته الا رسالة أمل بأن بيروت ستستعيد عافيتها ودورها، وأن لبنان كله سينهض بإذن الله”.
 
أضاف: “في هذه المناسبة بالذات التي لا تشبه أي مناسبة أخرى، نجتمع، وفي ذاكرتنا الجماعية حنين إلى الكتاب، الذي لا بديل عنه، مهما تعددت وسائل التواصل الحديثة، ومهما تطورت أساليب النشر وسرعة الإنتشار. فللكتاب مكانة خاصة في خلفياتنا الثقافية والفكرية. إليه نلجأ عندما تتكاثر الهموم، وبه نسترشد الخطى. إنه الرافد الدائم لكل جديد، وهو المعبر الحقيقي والجدي إلى استنباط الحلول. منه ننهل العلم، ومعه نبحر في زمن اللامستحيلات. فهذا المعرض، الذي أصر منظموه على إقامته على رغم الظروف المعاكسة، هو واحة لنا جميعا، به نستظل وعنده نرتاح، هو المكان الطبيعي لحركة لا تهدأ، هو الملاذ لكل متعطش إلى المزيد من المعرفة. إنه المفتاح الوحيد لكل الأبواب، إن لم نقل إنه الحل الأكثر ملاءمة لأي أمر يستعصى علينا”.
 
وتابع: “لا نستطيع ونحن في افتتاح معرض بيروت للكتاب العربي، وفي ظل كل هذه الأزمات التي تحيط بنا، أن نغفل أهمية دور الثقافة في معركتنا الحضارية. إنها معركة الحق ضد الباطل، معركة إثبات الذات في خضم محاولات تهميش الهوية اللبنانية المرتبطة عضويا وحكما بالهوية العربية، التي ننتمي إليها كحضارة مشرقية. لقد كانت لنا عبر التاريخ محطات مشرقة في تفاعلنا مع محيطنا يوم حافظ اللبنانيون على اللغة العربية وساهموا في تطويرها من خلال التفاهم الثقافي والفكري مع النخبوية العربية والحركات الثقافية في العالم العربي. معركتنا مع كل من يتربص بنا شرا، ليست فقط بالسياسة وبالموقف والمواجهات الميدانية، بل بالكلمة أيضا وبالعلم والفكر، بالتربية والكتاب. معركتنا هي ضد الجهل والمجهول، بل هي ضد كل من لا يريد لوطننا ولأوطاننا العربية التقدم والإستقرار والإزدهار”.
 
وأردف: “ليس جديدا على بيروت أن تحتضن الكتاب العربي، فهي كانت ولا تزال عاصمة الثقافة العربية، وهي التي كانت منطلق الثورات الفكرية في العالم العربي. بها تغنى كبار الشعراء العرب، وكان المثقفون يأتون اليها يوم كانت تجف الأقلام وتنضب. بهذه الفرادة الثقافية انتصرنا، وبعونه تعالى عز وجل، سيكون النصر حليفنا الدائم، في كل المجالات، وأهمها إخراج لبنان من أزماته، لأنه لا يزال حاجة دولية وعربية، ولأنه سيبقى منارة هذا الشرق. التحديات لا تخيفنا، بل تزيدنا إصرارا على المواجهة والوقوف في وجه الصعوبات لحلها. هذا هو تاريخ اللبنانيين، جميع اللبنانيين. هذا هو حاضرهم، وهكذا سيكون مستقبلهم”.
 
وختم: “هذا المعرض هو محطة من بين محطات كثيرة في مسيرة تحصين الإنسان اللبناني والعربي ضد الانماط الغريبة عن طبيعتنا وثقافتنا وتقاليدنا وإرثنا، الذي به نعتز. هنئيا لبيروت معرضها. وهنئيا للكتاب العربي الذي يتربع على عرش هذه المدينة التي تحرص على أن تكون نقطة جذب والتقاء، لا نقطة تباعد وتنافر وتناحر. هي مدينة الشرائع، كانت وستبقى المكان الأرحب للقاء مثقفي العرب والمفكرين وطلاب الحرية وكرامة الإنسان”.
 
جولة 
في الختام جال الرئيس ميقاتي والحضور على أقسام المعرض حيث اطلع على محتوياته من الكتب على اختلاف تنوعاتها.
 
يشار الى أن المعرض يستمر من 3 الى 13 آذار ويستقبل الزائرين من العاشرة صباحا ولغاية الخامسة عصرا.

Join Whatsapp