إعتبر الرئيس فؤاد السنيورة في حوار مع قناة “الحدث” من محطة العربية ان “موقف المفتي دريان ودار الفتوى جيد بشأن الدعوة الى المشاركة في انتخابات 15 أيار”.
 
وجاء في نص الحوار
سئل: رحبتم بالدعوة التي صدرت عن دار الفتوى على مسألة حض الطائفة السنية على المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي؟
 
أجاب: “لا شك بأن الدعوة من قبل البعض لعدم مشاركة اللبنانيين في الاقتراع فيها سوء فهم وعدم دقة في قراءة ما قاله الرئيس سعد الحريري. فهو قال إنه لن يترشح، وهو لم يرشح نفسه، وطلب من محازبيه في تيار المستقبل ألا يترشحوا الا إذا قدموا استقالاتهم من التيار. أما الزعم بأن الرئيس سعد الحريري طلب من اللبنانيين ومن المسلمين ألا يشاركوا في الانتخابات كمقترعين فهذا أمر غير صحيح. لذلك، فقد كانت هناك مطالبات من قبل العديدين من أجل أن يصار إلى دعوة جميع الناخبين اللبنانيين، ومن ضمنهم وخصوصا أهل السنة والجماعة في أن يشاركوا في هذه الانتخابات كمقترعين. وهذا ما أكدت عليه دار الفتوى من قبل، وكذلك من خلال ما قاله سماحة المفتي صبيحة يوم العيد البارحة. وهو الذي طلب من جميع اللبنانيين، وخصوصا من أهل السنة والجماعة أن يشاركوا بكثافة بهذه الانتخابات، لأن عدم المشاركة فيها يؤدي إلى تسهيل عملية تزوير إرادة اللبنانيين وإرادة المسلمين. إذ أنه من غير المقبول أن تصبح هذه المساحة الإسلامية والوطنية أرضا شائعة ومستباحة من أجل أن يزوِر كل واحد له مصلحة هذه الإرادة الوطنية، وبالتالي أن يكون بعدها مجلس النواب المنتخب لا يعبر عن حقيقة مطالب المسلمين واللبنانيين.
صحيح أن هذا القانون للانتخاب الذي جرى إقراره في العام 2017 هو قانون سيئ، وبالتالي ليس هو القانون الصحيح الذي يعبر عما يريده اللبنانيون بسبب مخالفته الصريحة للدستور، وبكونه أيضا يؤدي إلى تأجيج التشنجات الطائفية والمذهبية بين الطوائف اللبنانية، ثم بكونه يجعل من المرشحين على ذات اللائحة أعداء لبعضهم البعض. لكن هذا القانون- وللأسف- هو القانون الساري المفعول، وبالتالي يجب تطبيقه. لذلك، فإني أعتقد أن هذا الموقف الذي اتخذه سماحة المفتي ودار الفتوى كان موقفا جيدا ليضع حدا لهذا الضياع واليأس الذي احاط باللبنانيين بشأن المشاركة بكثافة في الاقتراع يوم الخامس عشر من أيار القادم”.
 
سئل: كيف سيخوض السنة هذه الانتخابات دون اسم بارز أو كتل بارزة؟
أجاب السنيورة: “من دون أدنى شك، هناك عدد كبير من الأشخاص الذين ترشحوا في هذه الانتخابات وفي كل المناطق اللبنانية. ولكن الملفت في الأمر أن هناك تغيرا تدريجيا على صعيد الناخبين المسلمين، وفي ما يسمى المزاج السني. إذ كان هذا المزاج قبل عدة أسابيع يميل إلى عدم المشاركة في هذه الانتخابات، وبالتالي إلى عدم الحضور إلى مراكز الاقتراع وعدم التصويت بكثافة. ولكن، وعلى مدى هذه الأيام الماضية، وحتى قبل أن يدلي سماحة المفتي بخطبة العيد برأيه ودار الفتوى أيضا وكذلك بعدها، إذ طرأ متغير واضح، ويتعلق بتغير المزاج، وبالتالي تكون رغبة مستجدة لدى الكثيرين من المسلمين في المشاركة في العملية الإقتراعية لأنهم اصبحوا‏ يدركون بأنهم إذا تقاعسوا عن القيام بواجبهم وحقهم في المشاركة في الانتخابات، فإن ذلك سوف يؤدي إلى ان يصبح الحاصل الانتخابي متدنيا كثيرا، وهو ما يصب في صالح مرشحي حزب الله والأحزاب التي تدور في فلكه، وفي أن يحصلوا على عدد كبير من المقاعد في المجلس النيابي وربما أكثر، وهذا كله نتيجة هذا التقاعس. ويصبح عندها بإمكان حزب الله والاحزاب المتآلفة معه أن يكون لديهم أكثرية في مجلس النواب. ذلك ما يخولهم فعليا أن يسيطروا وبشكل أو بآخر على المجلس النيابي الجديد، وبالتالي ما يمكنهم من الإتيان برئيس جمهورية تابع لهم. ونحن نعلم أن هناك انتخابات رئاسة الجمهورية في شهر أكتوبر ‏في نهاية هذا العام. كما أن هذا التواجد الكبير لهم في المجلس النيابي يسمح لهم بتعديل الدستور، وفي تشريع سلاح حزب الله بطريقة او بأخرى مثل ما حصل بموضوع الحشد الشعبي في العراق. هذه المخاطر بدأ يدركها اللبنانيون والمسلمون. ولذلك، فقد حصل مؤخرا هذا التغير في المزاج العام وفي الرغبة المستجدة في المشاركة في هذه الانتخابات، وذلك بالرغم من كل الأخطاء التي يتسبب بها هذا القانون. لذلك، فإن الخطأ الأكبر يحصل بنتيجة التقاعس عن المشاركة في هذه الانتخابات”.
 
سئل: هل دعوة دار الإفتاء هي للقول إن السنة موجودون في الداخل اللبناني، وبالتالي لا بد أن يشاركوا ويملأوا هذه المقاعد التي يحتاجها كل من يريد أن يواجه حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني. إذ أنه وبدون وجود فاعل من ممثلي الطائفة السنية تصبح النتائج محسومة قبل أن تبدأ العملية الانتخابية؟
 
أجاب: “ان القاعدة النيابية محددة، إذ هناك 27 مقعدا لأهل السنة و27 مقعدا للطائفة الشيعية والمتبقي للدروز والعلويين من أصل المجموعة الإجمالية للمحمديين، وهي 64 نائبا ومثلهم للمسيحيين.
 
سئل: هناك نواب سنة تكون المقاعد لهم، ولكن يكون القرار لحزب الله؟
 
أجاب: “هذا هو المقصود أنه يجب ألا يأخذ أحد مقاعد السنة، ولا يكون ممثلا حقيقيا لرأي أهل السنة. الآخرون يدورون بفلك حزب الله والاحزاب الموالية، وفي حال الغياب من قبل الممثلين الحقيقيين للسنة، فإن جماعة الحزب هم الذين سينجحون ويكونون بذلك تحت تأثير الضغوط التي يمارسها حزب الله. وبعد ذلك، وفي المجال السياسي سوف يكونون صفا واحدا مع حزب الله وسيصوتون لمصلحته. هنا تكمن المشكلة. وهذا الامر الذي ينبغي علينا التنبه له، وينبغي عندها على اللبنانيين عدم التقاعس، والحرص على الاقتراع بكثافة، وإن كان أولئك النواب من أهل السنة والجماعة، إلا أنهم سياسيا يدورون بفلك حزب الله. لذلك، فإن على الجميع أن يبادروا إلى المشاركة بكثافة حتى لا يصار الى تزوير ارادة اللبنانيين وإرادة المسلمين. هذا هو الموضوع الأساس، وبالتالي هذه المواقف هي التي تتبلور الآن، وهذه الاندفاعة نحو المشاركة هي التي يجب أن نحرص عليها في الأيام المتبقية، أي قبل 15 من الشهر الحالي، وهي أن يصار إلى تزخيم هذه الارادة الوطنية الجامعة للبنانين من أجل النزول والمشاركة في الاقتراع والتصويت. وهذا ما ينبغي عليهم القيام به لجهة تحديد اللوائح السيادية التي تضمن أن يكون هناك استعادة لدور الدولة اللبنانية ولسلطتها الواحدة، لا أن تظل الدولة اللبنانية أسيرة لمصالح حزب الله أو الجمهورية الاسلامية الايرانية أو أي مشاريع إقليمية، والتي يقصد منها تزوير ارادة اللبنانيين.
هذا هو الذي نسعى اليه ونراه الآن يتحقق تدريجيا وبشكل متزايد بنتيجة الادراك والوعي المتزايد لأهمية المشاركة في هذه الانتخابات. إذ أن المقاطعة مضرة كثيرا، وليست بالفعل في مصلحة لبنان ولا اللبنانيين ولا أهل السنة والجماعة”.
 
سئل: بدون زعامة رئيسية أو تقليدية حتى أنتم يا من قلتم إنكم لن تترشحوا أنت والرئيس تمام سلام والرئيس نجيب ميقاتي، وكذلك الرئيس سعد الحريري؟
 
أجاب: “لقد قلت ومنذ اليوم الاول انني لن أترشح، ولكني أكدت أني منخرط في هذه العملية الانتخابية بشكل كامل من أجل الحرص على ألا يصار الى تزوير إرادة المسلمين وإرادة اللبنانيين. من جهة أخرى، ومن دون أدنى شك، فإن هذا الجهد الذي يبذله البعض لتثبيط همم المسلمين واللبنانيين بعدم الاقتراع، فإنه يجب التنبه له. في الحقيقة، هؤلاء يحاولون، وكأنهم ملكيون أكثر من الملك، وهم يفسرون كلام الرئيس سعد الحريري على غير حقيقته.
هو لم يطالب اللبنانيين بالامتناع عن الاقتراع، وهو حدد بموقفه وموقف تيار المستقبل بعدم الترشح ولكن لم يطلب من أحد عدم الاقتراع، ولا يجوز ذلك، وهذا لا يصب في مصلحة المسلمين على الإطلاق، ولا يصب في مصلحة تيار المستقبل، وبالتالي لا يجوز أن يصار إلى تغييب هذه الأصوات التي ينبغي أن تعبر عن رأيها بوضوح وصراحة من أجل أن لا تتم عملية التزوير التي تحدثت عنها”.
 
سئل: إذا مسألة غياب أحد الزعماء أو أبرز زعماء المكون السني عن الساحة، وعدم قبوله الترشح لا يعني بأن الطائفة ستغيب، وبالتالي سيكون هناك دور أنتم تدفعونه، وإن كنتم لن تترشحون له دولة الرئيس؟
 
أجاب: “‏هذا صحيح، وأعتقد أن هذا الأمر المتغير سوف يظهر إن شاء الله في صناديق الاقتراع، ولاسيما بنتيجة التغير الحاصل في المزاج العام لدى المسلمين ولدى اللبنانيين. وبالتالي يجب ألا يستمر هذا الكلام غير الصحيح عن موقف الرئيس سعد الحريري. إذ يجب أن يكون واضحا للجميع بضرورة أن يصار إلى الاقتراع وبكثافة، وذلك انسجاما بما شدد عليه سماحة المفتي البارحة، وكما قالها أيضا البطريرك الماروني وقالها عدد من رجال الدين المسيحيين، وذلك بضرورة حض اللبنانيين على الاقتراع بكثافة في هذه العملية، وألا يصار إلى السماح لأحد بتزوير هذه الإرادة. وأنا على ثقة انه ما نقوم به هو العمل الصحيح. وأنا أعتقد أن المعركة الأساسية في هذه الانتخابات، والتي لها دلالاتها الكبرى، هي معركة بيروت، وكذلك أيضا في انتخابات طرابلس وعكار. وهنا، وفي هذه الدوائر الثلاث، يتركز الثقل السني في هذه الدوائر أي بيروت وطرابلس وعكار. هذا لا يعني أن السنة غير موجودين في مناطق أخرى مثل صيدا وفي الجبل والبقاع والجنوب، ولكن هذه الاكثرية موجودة في تلك الدوائر الثلاث، ويجب السعي من أجل توضيح الصورة الصحيحة لدى جميع اللبنانيين وجميع المسلمين”.
 
سئل: أنت لم تترشح اليوم، الشباب اللبناني والمواطنون اللبنانيون يتابعون من خلال هذه المقابلة؛ يعني ما معنى ألا يترشح المسؤول حين يكون صوته مسموعا أكثر مقارنة عندما يريد أن يروج لنفسه. ما هي رسالة الرئيس فؤاد السنيورة للشباب اللبناني سواء في عكار أو طرابلس أو بيروت، في ظل وضع مترد يقال ان لبنان لم يصل إليه قط خلال أو منذ استقلاله؟
 
أجاب: “‏بدون أدنى شك أن عدم ترشحي في هذه الانتخابات هو رسالة لجميع اللبنانيين في أنه يمكن أن نعمل لما فيه مصلحة الوطن، ولكن ليس من الضرورة أن يكون العمل الوطني مربوط أو مرتهن من أجل تحقيق مصلحة خاصة. أنا لذلك اقوم بهذا العمل، وبكل صفاء وضمير وإحساس بالمسؤولية الوطنية بأن هناك مسعى يجب أن يبذل من أجل التشجيع على المشاركة لدى المواطنين. دعوتي إلى الشباب وإلى جميع اللبنانيين، ولاسيما الشباب أن هذه الفرصة هي في صالحهم، ومن أجل أن لا تضيع على اللبنانيين أربع سنوات أخرى، وأن يكون نتيجتها الخسارة الكبرى للبنان واللبنانيين، ولتنضم إلى مسلسل الفرص الضائعة.
أنا أعتقد أن علينا أن نطلب من جميع الشباب أن يبادروا وينزلوا إلى صناديق الاقتراع وأن يقترعوا. بداية، أن يشاركوا في هذه الانتخابات، ويقترعوا بشكل صحيح، وأن يحكموا ضمائرهم، وأن يختاروا ما يعتقدونه أنه يمثلهم، ولاسيما أن يختاروا من يمثلهم بصدق ويكون لديه الالتزام بالخط السيادي والاستقلالي في لبنان. وأن يتأكدوا في أن من يرون إعطاءه هذه الوكالة مؤمن بحق باستقلال لبنان وسيادته وعروبته وانتمائه العربي، وذلك من أجل أن يصار إلى تصحيح الخلل الذي أصبحت عليه التوازنات الداخلية في لبنان. وكذلك لتصحيح الخلل الذي أصبح عليه لبنان في علاقاته مع اشقائه العرب”.
 
وختم: “لبنان بلد عربي حريص على انتمائه وعلى علاقاته الوثيقة مع الدول العربية، وحريص على أن لا يصبح أداة لدى قوى إقليمية تسعى من أجل توظيفها من أجل الحصول على مكاسب في المفاوضات التي يجرونها مع الدول الكبرى. هذا ليس من مصلحة اللبنانيين وليس من مصلحة الشباب والشابات اللبنانيين. الذين نتوقع منهم الآن أن يقبلوا على هذه الانتخابات، وأن لا يستمعوا إلى من يحاول أن يزور إرادتهم أو أن يحرف انتباههم عن رؤية المشكلة الأساس التي يعاني منها لبنان، الا وهي مشكلة الدولة في لبنان التي أصبحت مخطوفة. وأصبحت القوى الإقليمية هي التي تسعى من أجل القبض على مصالح اللبنانيين وعلى مستقبلهم وان توظفها لما فيها مصلحتها ومصلحة بلدانها. هذا هو الهم الأساس المطلوب من هؤلاء الشباب والشابات أن يحددوا وبوضوح الرؤية الصحيحة ونظرتهم إلى لبنان ومستقبله، وأن يكون أداؤهم وعملهم من أجل تشجيع جميع اللبنانيين إلى المشاركة في هذه الانتخابات.
كل مواطن لبناني الآن مطلوب منه بداية أن يؤمن ان هناك قضية الدولة في لبنان، وأن هناك قضية الإنسان اللبناني والعربي. وهذا يقتضي منه المشاركة في الانتخابات حتى لا يتم تزوير هذه الإرادة، وحتى نحول دون أن يتسبب غيابهم عن الانتخابات بالمزيد من العذابات التي سوف يتعرض لها لبنان واللبنانيين في المستقبل إذا امتنعوا عن المشاركة. لأن هناك أشخاصا آخرين سوف يتولون شغْل المناصب ويوجهونها في الوجهة التي لا تخدم مصالح اللبنانيين جميعا بل مصالح دول أخرى وأشخاص آخرين”.

Join Whatsapp