أنا أكره السنافر.. سوف أقضي عليكم حتى لو كان هذا آخر عمل في حياتي

هذه العبارة الشهيرة والمألوفة جداً تستطيع قرائتها وسماعها في آن واحد، وسرعان ما تستحضرك الذاكرة وتعيدك إلى أيام الزمن الجميل وذاك المسلسل الكرتوني الشهير المعروف باسم السنافر “القرية المفقودة-“.

السنافر أو  the Smurfs cartoon هو عبارة عن مسلسل رسوم متحرّكة أمريكي، أنتج في عام 1981 من قبل شركة هانا – باربيرا، ويتكوّن من حوالي 256 حلقة، وفيه أيضاً حوالي 421 قصّة عُرضت في بعض القنوات التلفزيونيّة الأجنبية والعربية و تمّت دبلجة المسلسل إلى عدّة لغات منها اللغة العربية.

القصة التي نعرفها عن هذا الكرتون كانت تدور حول رجل عجوز مشعوذ عرفناه باسم (شرشبيل) يعيش في قلعة على أطراف الغابة برفقة قطّه (هرهور)، و يسعى جاهداً للقضاء على كائنات زرقاء صغيرة تسكن في بيوت من فطر وسط قرية داخل الغابة و تُدعى هذه الكائنات بـ (السنافر) يعيشون بسلام متعاونين ويمتلكون صفات عدة مختلفة وكان منهم: (سنفور الحاكم، وبابا سنفور الّذي كان يرشدهم للطّريق الصحيح دائماً، وسنفور المفكّر، وسنفور الأكول، وسنفور الرسّام، وسنفور المازح، وسنفور الشّاعر، وسنفور الموسيقي والعازف، ومنهم العبقريّ، والمغرور والّذي كان يبتعد عنهم لشدّة غروره، وهناك أيضاً سنفورة الجميلة، وسنفور المغامر، وسنفورالطّفل).

وقد كان شرشبيل وقطّه يقومون بتدبير المكائد للسنافر المحبّة للمرح و المشاكسة وملاحقتهم باستمرار، ويحاول مدفوعاً بجشعه لأكلهم حتى يتمكّن من الحصول على قوى سحرية بحسب اعتقاده، وكان يتوقع أيضاً أنه بحصوله عليهم يستطيع تحويلهم إلى ذهب، وقد نجح في أسر بعضهم مرّات عدة لكن سرعان ما كان يلوذ السنافر بالفرار ويستطيعون الهرب من قبضته…هذه هي القصة التي عرفناها في شاشات التلفاز منذ طفولتنا..لكن ماذا لو كان للواقع رأي آخر؟

الرواية الأصلية

عندما تنقلب الأدوار، ويغدو الخير شر والشر خير، كما هو الحال في رواية السنافر الأصلية في الكتب، والمسلسل الكرتوني الذي عرفناه منذ طفولتنا في التلفاز..هنا يتوجب علينا أن نعود قليلاً إلى الوراء وإلى القرن الثاني عشر أو الثالث عشر بالتحديد، ونتوقف قليلاً ونسأل..ماذا لو كان شرشبيل هو ذاته (غراغامل) ذاك الرجل الكاهن الفقير طيب القلب والودود الذي وُلد في بلدة صغيرة بإسبانيا و تم التخلي عنه في سن الرابعة من قبل والدته بسبب الفقر، و وضعته على سلّة عند مدخل الدير وعندما وجده رجال الدين تبنوّه وقاموا بتربيته حتى أصبح يافعاً و أصبح كاهن الدير وأقسم أن يحمي بيته المقدس من أي كيان أو كائن حاول أن يسيء إليهم مع مساعدة من هم في أمس الحاجة إليه ويقضي على كل أنواع الشر ؟

ماذا لو كان القط (هرهور) هو نفسه  الملاك عزرائيل Azrael (كما جاء في النسخة الامريكية) ويعمل جاهداً مع شرشبيل للقضاء على الشر في كل مكان ؟

ربما أكثر ما يثير الدهشة، هو أن شرشبيل وقطّه هرهور (عزرائيل) في الرواية الأصلية يمثّلان الجانب الصالح، ويعيشان في كنيسة اسمها برج الجرس الأسود، أما السنافر تمثل الجانب الشيطاني السيء، وهي أرواح شريرة تسكن الغابات و تتكاثر في أيام اكتمال القمر بالتعاويذ السحرية وبراءتها الظاهرة هي مجرد زي لإخفاء الشر على الأرض، و تمثل السنافر بحسب الرواية الأصلية الخطايا السبع المميتة: (الشهوة المتمثلة بسنفورة، الشراهة، الغضب، الجشع، الحسد، الكسل، الغرور) و المعروفة أيضاً باسم الذنوب “الكاردينالية” وهي تصنيف لمعظم شرور النفس البشرية مخبأة في كائنات زرقاء لطيفة ويرتدون جميعهم قبّعات بيضاء، ماعدا بابا سنفور الذي كان يرتدي قبعة حمراء لأنه هو رأس كل الذنوب والشرور ويمثّل الشيطان..ولهذا كان شرشبيل يسعى لملاحقة السنافر وقتلهم بكل الطرق لإخفاء كل أنواع الشر على الأرض، وكان يقول دوماً: “أنا أكره السنافر.. سوف أقضي عليكم حتى لو كان هذا آخر عمل في حياتي”.

إلى أن جاء بيير كوليفورد عام 1958، وهو رسّام بلجيكي، وقام برسم شخصيّات كرتونيّة للأطفال سمّاها السنافر وحرف أطوار القصة الخيالية الأصلية وأعاد هيكلتها في إطار متناقض مع حقيقتها، وأوهمنا أن شرشبيل هو الرجل الشرير المشعوذ والسنافر هم الكائنات الطيبة البريئة..على عكس ما جاء في الرواية الأصلية.

Join Whatsapp