بقلم: ليلى ناصر – وكالة أسنا للأخبار ASNA
لحظة تاريخية في الشرق الأوسط… توقيع “اتفاق غزة” وبدء أوسع عملية تبادل أسرى
شرم الشيخ – تل أبيب – غزة | وكالة أسنا للأخبار
شهدت المنطقة، اليوم، منعطفاً تاريخياً غير مسبوق مع توقيع اتفاق شامل لوقف الحرب في غزة وبدء تنفيذ أكبر عملية تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، في صفقة أطلق عليها اسم “صفقة طوفان الأقصى”، وسط أجواء احتفالية وتصريحات دولية تحدثت عن “فجر سلام جديد” في الشرق الأوسط.
أبرز محطات اليوم الحاسم:
- تبادل الأسرى والجثامين:
أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن الإفراج عن 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء وتسليم جثامين 4 آخرين إلى الصليب الأحمر.
في المقابل، أفرجت إسرائيل عن 1986 أسيراً فلسطينياً، بينهم 154 تم ترحيلهم إلى مصر، وفق مكتب إعلام الأسرى التابع لحماس.
ووثّقت عدسات الصحافة مشاهد مؤثرة لوصول الحافلات التي تقل المحررين إلى رام الله وغزة، حيث استقبلتهم حشود غفيرة بالزغاريد والدموع والرايات الفلسطينية. - قمة شرم الشيخ والتوقيع على الوثيقة التاريخية:
برعاية الرئيس المصري وبحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعماء من قطر وتركيا، شهد منتجع شرم الشيخ توقيع “وثيقة دعم اتفاق غزة”، التي وُصفت بأنها حجر الأساس لسلام دائم في المنطقة.
وأكد الرئيس المصري أن هذه اللحظة “فارقة في تاريخ الشرق الأوسط”، مشدداً على أن حل الدولتين هو الطريق الوحيد لتحقيق سلام حقيقي وعادل. - الخطاب الدولي – ترامب يعلن نهاية الحرب:
في خطاب ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي، أعلن ترامب أن “الحرب في غزة انتهت”، واصفاً هذا اليوم بأنه “فجر تاريخي لمستقبل الشرق الأوسط“.
وأشاد بدور مصر وقطر وتركيا والسعودية والإمارات في إنجاح الاتفاق، بينما وجّه اتهاماً مباشراً لإيران بأنها “الدولة الأخطر في العالم”، مشيراً إلى أن “الضربات الأمريكية دمرت برنامجها النووي بالكامل”.
كما وعد ترامب بدعم إعادة إعمار غزة “شرط أن تكون منزوعة السلاح”. - ردود الفعل:
- إسرائيل: شكر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ترامب واصفاً إياه بـ”أعظم صديق عرفته إسرائيل”، مؤكداً التزام حكومته بإعادة جثامين جميع الرهائن.
- حماس: رحبت بالصفقة ووصفتها بأنها “انتصار لصمود الشعب الفلسطيني”، لكنها دانت في بيان رسمي “التعذيب الوحشي” الذي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية.
- الجيش الإسرائيلي: طالب المقاومة بالالتزام التام ببنود الاتفاق وضمان إعادة جميع جثامين الرهائن.
- دور الصليب الأحمر:
أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها أشرفت على عملية التبادل، وسهّلت عودة 20 رهينة إسرائيلية و1809 معتقلين فلسطينيين، مع إجراء مقابلات إنسانية مع كل المفرج عنهم قبل نقلهم.
خلفية الصفقة:
جاءت هذه التطورات عقب تصعيد عسكري كبير، قال ترامب إنه “تطلب توجيه ضربات دقيقة إلى منشآت نووية إيرانية لتهيئة الظروف المناسبة للسلام”.
كما لعبت الضغوط الإقليمية والدبلوماسية المكثفة التي قادتها مصر وقطر دوراً محورياً في التوصل إلى الاتفاق النهائي.
“صفقة طوفان الأحرار”.. بين انتصار المقاومة ومشروع السلام الأمريكي
بين مشاهد الفرح في شوارع غزة ورام الله، وتصفيق النواب في الكنيست الإسرائيلي، يطفو على السطح سؤال جوهري: هل ما حدث انتصار للمقاومة أم فخّ سياسي للسلام؟
بالنسبة للفلسطينيين، تمثل الصفقة انتصاراً واضحاً للمقاومة وصمودها. فبعد شهور من الحرب، أثبتت حماس وسرايا القدس أن ورقة الأسرى تظل أقوى أوراق الضغط على الاحتلال، وأن تحرير المئات من السجون الإسرائيلية هو إنجاز استراتيجي لا يقل أهمية عن أي مكسب ميداني.
إنها لحظة معنوية كبرى تُعيد الأمل لعائلات الأسرى، وتضخ دماءً جديدة في عروق القضية الفلسطينية.
لكن في المقابل، تُسوّق الإدارة الأمريكية المشهد بوصفه انتصاراً لرؤيتها السياسية. فترامب يقدم نفسه كـ”صانع سلام الشرق الأوسط الجديد”، بعد أن أعلن نهاية الحرب وتدمير البرنامج النووي الإيراني.
الحديث عن “غزة منزوعة السلاح” و”اتساع اتفاقات أبراهام” يكشف أن واشنطن لا تكتفي بتهدئة الجبهات، بل تسعى إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة تحت شعار “السلام عبر القوة”.
في هذا المفترق، تبقى القضية الفلسطينية بين المطرقة والسندان:
هل هي بداية واقعية لحل الدولتين، أم مقدمة لتذويب القضية ضمن “السلام الأمريكي الموسّع”؟
هل سيقود الإفراج عن الأسرى إلى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية، أم أنه مجرد استراحة سياسية قصيرة قبل جولة جديدة من الصراع؟
صفقة التبادل تحمل بلا شك بُعداً إنسانياً مؤثراً يخفف آلام آلاف العائلات، لكنها أيضاً تفتح فصلاً جديداً في معركة الإرادات.
فالانتصار الحقيقي لن يكون في من أطلق الأسرى، بل في من يستطيع تحويل هذه اللحظة التاريخية إلى مشروع سياسي يحقق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني، ويمهّد لسلام عادل لا يُفرض من الخارج، بل يُبنى على الحقوق.