في خضم التوترات الاقتصادية المتصاعدة، كشفت الخزانة الأميركي عن سلسلة من التصريحات المهمة التي تلقي الضوء على المسار المقبل لسياسات الرسوم الجمركية الأميركية، وعلى رأسها علاقة هذه الرسوم بخطط الإصلاح الضريبي، ومواقف الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
فرص لتخفيف الضرائب بتمويل من الرسوم الجمركية
أكدت الخزانة الأميركية أن هناك فرصة جيدة لتخفيف ضريبة الدخل ضمن مشروع قانون ضريبي مرتقب، مشيراً إلى إمكانية استخدام دخل الرسوم الجمركية كمصدر لتمويل هذه الإعفاءات. هذا التوجه يعكس مسعى مزدوجاً: تحفيز الاقتصاد من جهة، وتخفيف العبء عن المواطنين والشركات من جهة أخرى.
ترامب ورسائل متضاربة للأسواق
في المقابل، انتقد وزير الخزانة أداء الرئيس ترامب، مشيراً إلى أنه “يخلق حالة من عدم اليقين الاستراتيجي في المفاوضات التجارية”. هذه الضبابية انعكست بشكل مباشر على أسواق المال، حيث تراجعت أسهم شركة أمازون بنسبة 2.1% بعد هجوم البيت الأبيض على خطتها لعرض تكلفة الرسوم الجمركية على المنتجات — وهي خطوة وصفتها الإدارة بـ”العدائية”.
تحركات دولية ومحادثات مع الشركاء التجاريين
أعلنت وزارة الخزانة الاميركية عن محادثات مع ما لا يقل عن 17 شريكًا اقتصاديًا خلال الأسابيع المقبلة، مع التأكيد أن دول آسيا كانت الأكثر استعدادًا للتفاوض، بينما اعتبر أن التفاوض مع الهند أسهل من غيرها. كما أشار وزير الخزانة الاميركية إلى وجود محادثات مهمة جارية مع اليابان، في إطار السعي إلى اتفاقات جمركية طويلة الأجل.
تحذيرات للصين ورسالة للأسواق
في رسالة موجهة إلى الصين، قال وزير الخزانة إن الرسوم الجمركية الصينية الحالية غير مستدامة، محذرًا من أن استمرارها قد يؤدي إلى فقدان 10 ملايين وظيفة في الاقتصاد الصيني، ما يُعد ورقة ضغط استراتيجية في المفاوضات الثنائية.
رسوم على السيارات وخطة انتقال الشركات
في سياق متصل، أفادت متحدثة باسم البيت الأبيض أن ترامب سيوقّع أوامر تنفيذية تتعلق بالرسوم على السيارات، ما يعكس تصعيدًا جديدًا في الملف الصناعي. وقد ربط الوزير هذه الخطوة بخطة ترامب الهادفة إلى توفير حوافز كاملة للشركات لنقل عملياتها إلى أميركا، في إطار سياسة إعادة التصنيع المحلي.
هل تتأثر سلسلة التوريد؟
رغم هذه التغيّرات، طمأن الوزير الأسواق بقوله: “لا نتوقع حدوث صدمات في سلسلة التوريد“، مشيرًا إلى أن الخطط الموضوعة تأخذ في الحسبان استقرار الإمدادات العالمية، لا سيما في قطاع السيارات والتكنولوجيا.
بين وعود الإعفاءات الضريبية، وتصعيد الرسوم الجمركية، ومواقف ترامب المتقلبة، يبدو أن الولايات المتحدة تدخل مرحلة اقتصادية دقيقة، عنوانها الأساسي: الضغط الاستراتيجي مقابل التحفيز الداخلي. لكن في ظل تباين الرسائل، يبقى التحدي الأكبر هو استعادة ثقة الأسواق وتحقيق توازن مستدام بين الانفتاح التجاري وحماية الاقتصاد الوطني.