أزمة أوكرانيا وتحديات السلام: بين الموقف الأوكراني والتصعيد السياسي
تشهد مفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا حالة من الجمود السياسي المتزايد، لا سيما في ضوء التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والتي أكد فيها مجددًا موقف بلاده الرافض للاعتراف بشرعية الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم. في مقابلة نشرتها وول ستريت جورنال، قال زيلينسكي بوضوح: “أوكرانيا لن تعترف قانونيًا باحتلال القرم. لا يوجد ما نتحدث عنه هنا.”
هذا التصريح أثار ردود فعل قوية، كان أبرزها من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اعتبره “ضارًا جدًا بجهود السلام”، وألقى باللوم على ما وصفه بـ”تصعيد خطابي غير ضروري” من جانب القيادة الأوكرانية.
ترامب ينتقد موقف زيلينسكي: القرم أصبحت من الماضي
في بيانه المطوّل، وصف ترامب التصريحات الأوكرانية بأنها تعرقل المفاوضات الجارية، مشيرًا إلى أن القرم “فُقدت قبل سنوات في عهد أوباما، ودون إطلاق رصاصة واحدة”، ملمحًا إلى أن أوكرانيا لم تُبدِ في حينها أي مقاومة حقيقية. وأكد أن الواقع الجيوسياسي الجديد يجب أن يُؤخذ بعين الاعتبار في أي تسوية سلمية، معتبرًا أن “لا أحد يطلب من زيلينسكي الاعتراف بالقرم كأرض روسية، لكن استمرار الإنكار يطيل أمد الحرب”.
بين التمسك بالسيادة وضغوط التسوية
ترى أوكرانيا أن أي تنازل عن القرم يُعد خيانة لمبادئ السيادة الوطنية، خاصة مع التضحيات البشرية والاقتصادية الهائلة التي قدمتها منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022. ومع ذلك، فإن الضغط الدولي، وتحديدًا من قبل بعض القوى الغربية والأصوات المؤثرة مثل ترامب، يشير إلى ضرورة الواقعية السياسية والانفتاح على تسوية قد تشمل التنازل عن بعض المطالب في مقابل إنهاء الحرب.
هل تقترب المفاوضات من نقطة حاسمة؟
يشير ترامب في حديثه إلى أن “الصفقة قريبة جدًا”، لكنه يصف زيلينسكي بأنه “رجل لا يملك أوراقًا للعب بها”، داعيًا إياه إلى اتخاذ القرار الحاسم. ويؤكد أنه، رغم نفيه وجود أي علاقة بروسيا، يرغب في إنهاء هذا النزاع الذي يتسبب في مقتل آلاف الجنود أسبوعيًا، حسب وصفه.
المشهد الدولي: ترقّب وحذر
رغم التصريحات المتفائلة بشأن قرب التوصل لاتفاق، لا تزال التحديات الجوهرية ماثلة، أبرزها:
- مطلب أوكرانيا بانسحاب كامل للقوات الروسية
- إصرار روسيا على الاعتراف الدولي بالمناطق التي ضمتها
- الانقسام في مواقف الداعمين الدوليين لأوكرانيا
سلام ممكن أم جبهة جديدة؟
تُظهر تصريحات ترامب جانبًا من الضغوط السياسية الأمريكية التي قد تؤثر في مسار المفاوضات، إلا أن الواقع الميداني والمواقف المبدئية من كلا الطرفين لا توحي بأن اتفاقًا وشيكًا سيتم دون تنازلات مؤلمة. وبينما يراهن البعض على “عودة محتملة لترامب” وقدرته على إنهاء الحرب، يبقى مصير أوكرانيا معلّقًا بين رغبتها في استعادة أراضيها بالكامل، ورغبة المجتمع الدولي في وقف نزيف الدم المستمر.