صفقة السلام أم صفقة الإبادة؟ قرار حماس يربك العالم
أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة علنية حادة على وسائل التواصل الاجتماعي وضع فيها حركة حماس أمام مهلة نهائية لقبول ما وصفه بـ«مقترح سلام» لإعادة الهدوء إلى غزة، مهدداً بأن عدم القبول سيؤدي إلى ردّ عسكري قاسٍ وغير مسبوق. من جهتها، أعلنت حماس بشكل رسمي عن قبول مشروط لجزء من المقترح—لا سيما ما يتعلق بتبادل الأسرى وإدارة مؤقتة لقطاع غزة—مبينة أن قضايا أخرى تتطلب مشاورات وطنية وحقوقية أوسع قبل الحسم النهائي.
ما قاله ترامب (الملخّص)
في منشور علني طلب ترامب من حماس أن توافق على الاتفاقية قبل «الأحد الساعة 6 مساءً بتوقيت واشنطن»، وهدّد بأن فشل القبول سيؤدي إلى «الجحيم» على حماس، داعياً في الوقت نفسه الفلسطينيين المدنيين إلى الانتقال إلى مناطق أكثر أماناً داخل غزة تحضيراً لأي عمل عسكري محتمل. كما عرض المقترح إطاراً يتضمن وقفاً فورياً لإطلاق النار، تبادلاً كاملاً للأسرى، انسحاباً مرحلياً لقوات إسرائيلية، وتسليم إدارة غزة إلى سلطة انتقالية بدعم عربي ودولي.
ما أعلنته حماس (الملخّص)
أصدرت حركة حماس بياناً رسمياً قالت فيه إنها أطلعت الوسطاء على موقفها بعد مشاورات داخلية وخارجية. البيان أشار إلى نقاط رئيسية:
- الموافقة على إطلاق سراح جميع الأسرى (حيّاً ورفات) وفق معادلة التبادل الواردة في اقتراح ترامب، بشرط توفر «الظروف الميدانية اللازمة» لتنفيذ ذلك.
- الاستعداد للدخول فوراً في مفاوضات عبر الوسطاء لبحث تفاصيل تطبيق الاتفاق.
- الموافقة على تسليم إدارة القطاع إلى هيئة فلسطينية مستقلة من تقنيين (technocrats) مدعومة عربياً وإسلامياً، بينما تُترك القضايا المصيرية الأخرى (مثل الحقوق الثابتة والفلسطينية) للموقف الوطني الشامل.
نقاط المفتاح والتحليل
- قبول جزئي مقابل شروط موسّعة — موقف حماس يمثل محاولة موازنة: استجابة سريعة للضغوط الدولية لوقف النار وإطلاق الأسرى، مع الإبقاء على سقف مطالب وطنية وقانونية تتطلب إجماعاً فلسطينياً أوسع قبل التنازل عن حقوق سياسية أو أمنية جوهرية.
- الضمانات والتنفيذ الميداني — تعهد حماس بإطلاق الأسرى «وفق الصيغة» مرتبط بشرط توفير ظروف ميدانية وآلية مراقبة واضحة. هذا ما سيجعل جولة المفاوضات التالية تقنية صعبة: من يضمن التنفيذ، ومن سيسير عمليات النقل والإشراف والعودة؟ وجود وسطاء إقليميين (مصر وقطر وتركيا) سيكون محورياً.
- البعد الإقليمي والدولي — إعلان ترامب أن «كل الدول وقّعت» على المقترح يهدف إلى إظهار إجماع دولي يدعم خطة مؤقتة لإدارة غزة، لكن في الواقع هناك تباينات في المواقف حول شروط نزع السلاح والرقابة الدولية وطبيعة السلطة الانتقالية. دول الوساطة (مصر وقطر وغيرها) عبرت عن تفاؤل حذر وطلبت نقاشاً إضافياً.
- مخاطر تصاعد العنف — تهديدات ترامب الصريحة بعمل عسكري واسع إذا لم تُلبَّ الشروط تشكّل سيفًا معلقًا؛ ذلك أن أي فشل تقني أو عملي في تنفيذ تبادل الأسرى أو عدم التزام أحد الأطراف قد يطيح بالاتفاق ويعيد الحرب. إعلان حماس عن استعداد تفاوضي يقلل احتمال الانفجار الفوري لكنه لا يلغي المخاطر.
السيناريوهات المتوقعة
- السيناريو الإيجابي (تفاوض وتنفيذ): دخول الوساطات فوراً لتأمين آليات تبادل أسرى واضحة ومراقبة دولية لوقف إطلاق النار، يليها انتقال مؤقت لإدارة القطاع وتدفق مساعدات إنسانية واسعة.
- السيناريو المتردد (تأجيل وحوار طويل): اتفاق على مبادئ عامة فقط مع تأجيل الحلول العملية لقضايا الإدارة والحقوق، مما يترك الوضع هشّاً وربما يعيد التصعيد لاحقاً.
- السيناريو السلبي (فشل وتنفيذ القوة): إذا اعتُبر الرد الحركي أو الفشل في التنفيذ ذريعة، قد تشهد المنطقة موجة عنف جديدة واسعة النطاق، مع تبعات إنسانية وسياسية خطيرة.
تصريحات ترامب وبيان حماس تفتح نافذة دبلوماسية حرجة قد تؤدي إلى تهدئة مؤقتة أو إلى تصعيد خطير، بحسب سرعة الوسطاء ودقة آليات التنفيذ والضمانات. موافقة حماس الجزئية لخطوط أساسية—خاصة بند إطلاق الأسرى—توفر فرصة يجب أن تُستثمر بحذر وبإشراف دولي وإقليمي، لأن أي فراغ في الضمانات قد يحول هذه الفرصة إلى مأزق.