بقلم ليلى ناصر وكالة أسنا للأخبار ASNA
واشنطن – 10 نوفمبر 2025
في خطوة وُصفت بأنها تحول دبلوماسي غير مسبوق، استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض، في أول لقاء رسمي بين قادة البلدين منذ عقود، ما يمثل نقطة انعطاف كبرى في العلاقات بين واشنطن ودمشق بعد سنوات من القطيعة والعقوبات.
رفع العقوبات وعودة الحوار
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تعليق عقوبات قانون قيصر المفروضة على سوريا، باستثناء بعض المعاملات المرتبطة بروسيا وإيران.
وأكدت الوزارة أن “الولايات المتحدة تظل ملتزمة بسوريا مستقرة وموحدة وسلمية”، في حين قال ترامب إن “إلغاء العقوبات يمنح سوريا فرصة جديدة للعظمة”.
من جانبه، أكد الرئيس الشرع في مقابلة مع فوكس نيوز أن بلاده “دخلت عهدًا جديدًا بعد النظام السابق”، مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستركز على الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع الولايات المتحدة.
من التحالفات القديمة إلى التحالف الدولي
كشف مسؤول في البنتاغون لقناة الجزيرة أن سوريا ستنضم رسميًا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، مؤكدًا عدم وجود نية لنشر قوات أمريكية في دمشق.
كما اتفق الجانبان على المضي في تنفيذ اتفاق 10 مارس، الذي ينص على دمج قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري.
المتحدث باسم الخارجية الأمريكية وصف هذا التحول بأنه “انتقال ضخم من تبعية إيران إلى شراكة في مكافحة الإرهاب”.
اتفاقات أمنية وإعادة رسم التوازنات
ناقش الرئيسان ملف الاتفاق الأمني مع إسرائيل لتعزيز الاستقرار في الجنوب السوري.
وقال الشرع إن “إسرائيل تحتل الجولان ولن ندخل في محادثات مباشرة الآن”، لكنه أشار إلى أن واشنطن “قد تساعد في الوصول إلى نوع من المفاوضات لاحقًا”.
ويرى مراقبون أن هذا اللقاء يعكس تحولًا في تموضع دمشق الإقليمي، مع دعم عربي واضح من السعودية والإمارات للقيادة الجديدة في سوريا.
تحولات إقليمية ودعم خليجي
زيارة الشرع لواشنطن جاءت بعد لقاءين تمهيديين في الرياض ونيويورك خلال العام الجاري، ما يعكس توافقًا عربيًا أمريكيًا على إعادة إدماج سوريا في النظام العربي من بوابة التحالف الدولي ضد الإرهاب.
ويرى محللون أن الخطوة قد تؤدي إلى توازن جديد في الإقليم إذا تم تنفيذ بنود الاتفاقات الاقتصادية والأمنية.
ترامب: نريد أن تنجح سوريا
قال الرئيس الأمريكي في ختام اللقاء:
“نريد أن تنجح سوريا وبقية الشرق الأوسط، وأنا واثق أن الرئيس الشرع قادر على تحقيق ذلك. استقرار سوريا ونجاحها أمر بالغ الأهمية لجميع دول المنطقة”.
وأكدت الخارجية السورية أن اللقاء استمر أكثر من ساعة، ووُصف بأنه “تاريخي وبنّاء”، حيث ناقش الجانبان مستقبل العلاقات الثنائية وملفات الأمن الإقليمي وإعادة الإعمار.
ماذا بعد؟
يرى مراقبون أن العلاقات السورية – الأمريكية تدخل اليوم مرحلة الاختبار العملي.
فبينما تسعى دمشق إلى استثمار الانفتاح دون المساس بسيادتها، تواجه إدارة ترامب تحديات داخلية من الكونغرس المعارض لتخفيف العقوبات دون إصلاحات سياسية.
ومع تزايد الحديث عن خارطة طريق جديدة تشمل الأمن والازدهار والسلام، يبقى السؤال المطروح:
هل سيكون لقاء الشرع وترامب بداية شراكة استراتيجية طويلة، أم هدنة سياسية مؤقتة تفرضها الظروف؟



