أثار تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرجل الأعمال الأمريكي من أصل عراقي مارك سفايا (Mark Savaya) مبعوثًا خاصًا للولايات المتحدة إلى جمهورية العراق، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، نظرًا لخلفيته التجارية البحتة وغياب الخبرة الدبلوماسية التقليدية لديه.
ينحدر سفايا من عائلة كلدانية أمريكية، وهي من الجاليات العراقية التي استقرت في ولاية ميشيغن، حيث تعد منطقة ديترويت من أبرز مراكز الوجود الكلداني في الولايات المتحدة. نشأ مارك في بيئة تجمع بين قيم العائلة الصارمة وروح العمل التجاري التي اشتهرت بها الجالية الكلدانية، والتي تمتلك عددًا كبيرًا من المتاجر والمطاعم وشركات العقار. وقد ساهمت هذه النشأة في غرس حب الريادة والمجازفة لديه منذ سن مبكرة.
البدايات والنشأة في ديترويت
ترعرع سفايا في ديترويت وضواحيها، وبنى فيها لاحقًا إمبراطوريته التجارية. أسس عددًا من المشاريع الناجحة، أبرزها سلسلة متاجر Leaf & Bud، وهي من أكبر شبكات بيع القنب الطبي والترفيهي في ميشيغن. كما أطلق شركة Future Grow Solutions المتخصصة في أنظمة الزراعة العمودية عالية الكفاءة، ومجموعة Savaya Ventures Group التي تضم استثمارات في العقارات والتسويق والعلامات التجارية الفاخرة.
ويُعرف سفايا بأسلوبه المبتكر في التسويق وبقدرته على تحويل العلامات التجارية إلى قصص نجاح تجذب الشباب ورواد الأسواق الجديدة.
العلاقة مع ترامب ودعمه السياسي
برز اسم مارك سفايا في الأوساط السياسية الأمريكية بعد أن أصبح أحد الداعمين البارزين للرئيس ترامب خلال حملة انتخابات 2020. ساهم بتمويل الحملة بمبالغ كبيرة، ولعب دورًا مهمًا في تعبئة الجالية الكلدانية والمجتمع المسلم في ميشيغن لصالح ترامب، ما أكسبه تقديرًا داخل الدوائر المقربة من الرئيس.
شارك سفايا في فعاليات ومناسبات سياسية حضرها شخصيات من الدائرة الضيقة لترامب، والتُقطت له صور مع أفراد من عائلة ترامب ورجال أعمال مؤثرين مثل إيلون ماسك وجاي دي فانس.
التعيين كمبعوث خاص إلى العراق
في 19 أكتوبر 2025، أعلن الرئيس ترامب رسميًا عن تعيين مارك سفايا مبعوثًا خاصًا إلى العراق، مؤكدًا أن خلفيته الكلدانية وفهمه العميق للعلاقات العراقية الأمريكية يجعلان منه شخصية مناسبة لتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة.
وأشار ترامب في بيانه إلى أن سفايا “يمتلك رؤية تجارية ودبلوماسية جديدة قادرة على بناء الجسور بين بغداد وواشنطن”، واصفًا إياه بأنه “شخص يفهم المنطقة، ويمثل صوت النجاح الأمريكي القادم من الجاليات المهاجرة”.
الجدل وردود الفعل
لاقى التعيين ردود فعل متباينة؛ إذ رحب مؤيدو ترامب بالخطوة معتبرين أن خلفية سفايا كرجل أعمال ناجح ومنتمي للجالية العراقية ستمنحه قدرة خاصة على التواصل وبناء الثقة مع الأطراف العراقية.
في المقابل، انتقدت شخصيات دبلوماسية سابقة القرار، مشيرة إلى أن سفايا يفتقر إلى الخبرة السياسية والخارجية، وأن تعيينه يعكس سياسة ترامب في تفضيل الموالين الشخصيين على الدبلوماسيين المهنيين.
أما سفايا، فقد علّق على تعيينه عبر منصة X (تويتر سابقًا) قائلاً:
“يشرفني أن أخدم بلدي في هذا الدور التاريخي، وسأعمل على تعزيز العلاقات الأمريكية العراقية بروح التعاون والاحترام المتبادل تحت قيادة الرئيس ترامب.”
يمثل صعود مارك سفايا نموذجًا فريدًا يجمع بين الهوية المهاجرة والنجاح التجاري والطموح السياسي. ومن شأن تجربته الجديدة كمبعوث خاص إلى العراق أن تشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة رجال الأعمال الأمريكيين من أصول شرق أوسطية على لعب أدوار سياسية مؤثرة في واشنطن والمنطقة على حد سواء.