هجوم إسرائيلي يستهدف قيادات من حماس في الدوحة

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة: خلفياته وتداعياته على مسار المفاوضات

شهدت العاصمة القطرية الدوحة تطورًا خطيرًا مساء أمس بعد تنفيذ إسرائيل هجومًا جويًا استهدف قيادات من حركة حماس أثناء اجتماعهم لمناقشة مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. الانفجارات التي دوّت في أحياء سكنية بالعاصمة، وأكدتها وكالات أنباء عالمية، مثل رويترز وواشنطن بوست، سرعان ما تبين أنها غارات إسرائيلية دقيقة نُفذت عبر سلاح الجو والشاباك، وأعلن عنها مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل رسمي، في خطوة غير مسبوقة تستهدف مباشرة أراضي دولة وسيطة في قلب الخليج.

خلفيات العملية

الهجوم جاء بعد أيام من تصعيد ميداني في غزة، حيث أعلنت سرايا القدس وكتائب القسام تنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال في الشجاعية وراموت، ما رفع منسوب التوتر داخل الحكومة الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، كانت الدوحة تحتضن اجتماعات حساسة لوفد حماس برئاسة خليل الحية لمناقشة مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأخير بشأن التهدئة وتبادل الأسرى.
مصادر في حماس أكدت أن الاجتماع المستهدف كان مخصصًا لبحث الرد النهائي على المبادرة الأمريكية، ما يعني أن الضربة لم تكن فقط عسكرية بل سياسية تهدف إلى نسف أي إمكانية لتقدم المفاوضات.

الموقف القطري والدولي

  • الخارجية القطرية وصفت الهجوم بـ”الجبان والإجرامي”، مؤكدة أنه انتهاك صارخ لسيادة الدولة وتهديد مباشر لأمن المواطنين والمقيمين.
  • الأمم المتحدة، عبر أمينها العام أنطونيو غوتيريش، أدانت العملية واعتبرتها ضربة خطيرة لجهود الوساطة التي لعبت قطر دورًا محوريًا فيها.
  • موجة إدانات عربية ودولية واسعة صدرت من السعودية، مصر، الأردن، تركيا، إيران، الجزائر، المغرب، الكويت، سلطنة عمان، إضافة إلى فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، كندا، وإيطاليا، حيث جرى التشديد على أن الاعتداء يقوض الأمن الإقليمي وينتهك القانون الدولي.
  • البيت الأبيض أبدى استياءً واضحًا، مؤكدًا أنه تم إبلاغه بالعملية قبل وقت قصير فقط، فيما شدد الرئيس ترمب في اتصاله مع أمير قطر على أن مثل هذا الهجوم لن يتكرر، معتبراً ما حصل “حادثة مؤسفة قد تفتح الباب أمام فرصة سلام”.

التداعيات على المفاوضات

  • تقويض جهود الوساطة: مصادر أمريكية وقطرية كشفت أن العملية قطعت جلسات كانت متقدمة في ملف صفقة التبادل، وهو ما أكدته صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي اعتبرت الهجوم حكمًا بالموت على المخطوفين لدى حماس.
  • تعزيز خطاب حماس: الحركة أعلنت أن محاولة اغتيال وفدها المفاوض “جريمة متعمدة لإفشال أي اتفاق”، مؤكدة تمسكها بمطالبها بوقف العدوان والانسحاب من غزة وإتمام تبادل أسرى حقيقي.
  • توسيع دائرة الصراع: استهداف دولة مثل قطر، التي تُعد حليفًا استراتيجيًا لواشنطن وشريكًا رئيسيًا في جهود التهدئة، ينذر بفتح جبهة سياسية جديدة قد تعقد الحسابات الإقليمية والدولية.
  • انقسام داخل إسرائيل: تسريبات من القناة 12 الإسرائيلية أظهرت تحفظات من الموساد ورؤساء الأركان بشأن العملية، معتبرين أن استهداف الدوحة في هذا التوقيت كان متهورًا ويضر بمسار التفاوض.

قراءة في المشهد

الهجوم على الدوحة لا يمكن فصله عن الأزمة العميقة داخل إسرائيل بين ضرورة تحقيق إنجاز عسكري ضد حماس وبين ضغوط العائلات الإسرائيلية المطالبة بعودة المخطوفين. كما أنه رسالة مباشرة من نتنياهو بأن لا مكان آمن لقادة الحركة، حتى في دول الخليج. إلا أن هذه المغامرة العسكرية قد ترتد سياسيًا على تل أبيب، بعد أن وحّدت الدول العربية والإسلامية في إدانتها، ووضعت إسرائيل في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي.

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ليس مجرد ضربة عسكرية، بل هو تحول استراتيجي خطير يضرب أسس الوساطة ويعيد ترتيب أولويات الإقليم. وإذا كان الهدف إضعاف حماس أو الضغط على المفاوضات، فإن النتيجة الفعلية قد تكون عكسية: تشديد عزلة إسرائيل الدولية، وتثبيت صورة نتنياهو كمن يقوّض أي أفق للسلام. وفي ظل هذا المشهد المتفجر، تبقى المفاوضات في مهب الريح، بانتظار ما إذا كانت القوى الكبرى قادرة على إعادة الإمساك بخيوط التهدئة، أم أن المنطقة تتجه إلى تصعيد مفتوح بلا ضوابط.

Join Whatsapp