تداعيات اتفاق «المرحلة الأولى» لوقف إطلاق النار في غزة — ما فرص أن يصبح حقيقة بعد معاناة أكثر من مليوني فلسطيني؟
بقلم: ليلى ناصر – خاص
في 9 تشرين الأول / أكتوبر 2025 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن توقيع ما وصفه بـ«المرحلة الأولى» من خطة هدنة بين إسرائيل وحركة حماس، تتضمن وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار، وانسحاباً جزئياً للقوات الإسرائيلية إلى «خطوط متفق عليها»، إضافةً إلى تبادل الأسرى والرهائن وإطلاق سراح المحتجزين الأحياء خلال 72 ساعة، مع تدفق مكثف للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
يأتي الإعلان بعد عامين من القتال والحصار، في لحظة تُعدّ اختباراً حقيقياً لقدرة الأطراف على الانتقال من الاقتتال إلى التهدئة، ومن الأزمة الإنسانية إلى مسار تسوية محتملة.
دلالات الاتفاق السياسية والإنسانية
رغم طابعه المؤقت، يمثل الاتفاق انفراجاً دبلوماسياً وإنسانياً طال انتظاره، يفتح الباب أمام إدخال المساعدات وإنقاذ آلاف المدنيين في غزة الذين يعيشون أوضاعاً مأساوية منذ أكثر من عامين.
كما يشير إلى رغبة أميركية في تحقيق إنجاز سياسي ملموس في الشرق الأوسط، ومحاولة إسرائيلية لاحتواء ضغوط داخلية بشأن ملف الرهائن، واستجابة حماس للضغوط الإقليمية والدولية.
العوامل الحاسمة في نجاح التنفيذ
- مصادقة الحكومة الإسرائيلية: لا يزال الاتفاق بانتظار موافقة رسمية من حكومة نتنياهو، وسط اعتراضات من أطراف اليمين المتشدد.
- الخلاف حول قوائم الأسرى والمفرج عنهم: بند شديد الحساسية قد يؤخّر عملية التنفيذ الفعلي.
- آلية المراقبة الميدانية: غياب قوة رقابة دولية أو ضمانات أمنية واضحة قد يؤدي إلى خروقات متكررة.
تداعيات إقليمية ودولية
نجاح الهدنة سيمنح مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة دفعة دبلوماسية جديدة، ويفتح الباب أمام دور أوروبي محتمل في إعادة الإعمار.
في المقابل، فإن فصائل إقليمية أخرى تراقب بحذر أي اتفاق قد يُضعف نفوذها أو يغيّر موازين القوى في المنطقة.
العقبات أمام تحول الهدنة إلى سلام دائم
الاتفاق لا يجيب عن أسئلة جوهرية تتعلق بـسلاح حماس وشكل الحكم في غزة بعد الهدنة.
كما أن الهشاشة السياسية في كل من إسرائيل وفلسطين، وغياب الثقة المتبادلة، يشكلان عقبتين مركزيتين أمام أي استقرار دائم.
إلى ذلك، قد تُعقّد الدعوات الدولية إلى المساءلة والعدالة المشهد السياسي وتؤخر أي تسوية نهائية.
تقييم فرص النجاح
التقديرات الواقعية تشير إلى أن فرص تنفيذ المرحلة الأولى (الهدنة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات) متوسطة إلى مرتفعة بفضل الزخم الدولي والإقليمي، في حين أن فرص التحول إلى سلام دائم تبقى منخفضة إلى متوسطة نظراً لتعقّد الملفات الجوهرية المرتبطة بالحكم والسيادة والسلاح.
توصيات للرصد والدعم
- متابعة قرار الحكومة الإسرائيلية النهائي وجدول التنفيذ.
- ضمان فتح المعابر الإنسانية وتأمين المساعدات بشكل مستدام.
- إنشاء آلية مراقبة دولية مستقلة تضمن الالتزام ببنود الاتفاق وتمنع العودة إلى التصعيد.
يمثل اتفاق «المرحلة الأولى» خطوة أولى في طريق طويل وشائك نحو التهدئة في غزة.
قد لا يكون سلاماً شاملاً بعد، لكنه بداية أمل لوقف معاناة أكثر من مليوني فلسطيني أنهكتهم الحرب. نجاحه يتوقف على صدق النوايا، وضمانات التنفيذ، وإرادة الأطراف في تحويل الهدنة من هدنة اضطرار إلى سلامٍ مستدام.