The Norwegian Nobel Committee has decided to award the Nobel Peace Prize for 2025 to Maria Corina Machado.

ماريا كورينا ماتشادو تحصد جائزة نوبل للسلام وتكرّس الأمل بالديمقراطية

أوسلو – في حدث لافت يعكس رمزية النضال السلمي في مواجهة الاستبداد، أعلنت اللجنة النرويجية لجائزة نوبل للسلام يوم 10 أكتوبر 2025 فوز السياسية والناشطة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو، الملقبة بـ”المرأة الفولاذ”، بالجائزة المرموقة تقديراً لجهودها المتواصلة في الدفاع عن الديمقراطية والحقوق المدنية في بلادها.

اللجنة وصفتها بأنها “مناضلة شجاعة حافظت على شعلة الديمقراطية متقدة وسط ظلام الاستبداد”، مشيرة إلى أنها نجحت في إبقاء الحلم بالحرية حياً لدى ملايين الفنزويليين رغم التهديدات والاضطهاد.

من هي ماريا كورينا ماتشادو؟

ماريا كورينا ماتشادو، من مواليد كراكاس عام 1967، هي مهندسة صناعية وناشطة سياسية بارزة. اشتهرت منذ مطلع الألفية الجديدة بمواقفها الصلبة ضد نظامي الرئيس الراحل هوغو تشافيز وخلفه نيكولاس مادورو.
تنحدر من عائلة ذات تاريخ وطني عريق، إذ تُعد من نسل المركيز دي تورو، أحد شخصيات الاستقلال الفنزويلي.

دخلت الحياة العامة عام 2002 حين شاركت في تأسيس منظمة “سوماتي” لمراقبة الانتخابات وتعزيز الشفافية، وسرعان ما برز اسمها كصوت معارض. في عام 2010 فازت بمقعد في البرلمان محققة رقماً قياسياً من الأصوات، قبل أن يُقصيها النظام عام 2014 بتهمة “الخيانة”.

لم تتراجع بعد ذلك، بل أسست حزب “فينيتي فنزويلا” وسعت لتوحيد صفوف المعارضة، لتصبح لاحقاً أبرز وجوه الحراك الديمقراطي. ورغم منعها من الترشح في انتخابات 2024، قادت حملة تمهيدية واسعة فازت خلالها بـ92% من الأصوات، قبل أن تدعم المرشح إدغاردو غونزاليز أوروتيا، ما عزز مكانتها كقائدة قادرة على التضحية بالمكاسب الشخصية من أجل وحدة الصف.

رقم قياسي في الترشيحات

شهدت جائزة نوبل للسلام لعام 2025 رقماً قياسياً جديداً في عدد الترشيحات وصل إلى 338 اسماً، من بينهم 244 فرداً و94 منظمة. وجاء ترشيح ماتشادو مدعوماً من شخصيات أميركية بارزة، بينها وزير الخارجية الحالي ماركو روبيو، إضافة إلى جامعات ومنظمات حقوقية عبر مؤسسة Inspira América.

أسباب فوزها بالجائزة

اللجنة النرويجية أكدت أن اختيارها لماتشادو جاء تماشياً مع وصية ألفريد نوبل، التي تنص على تكريم من يسهمون في تعزيز “الأخوّة بين الشعوب” ونشر السلام.

أبرز الأسباب:

  • توحيد المعارضة: حولت صفوفاً منقسمة إلى حركة متماسكة، خاصة بعد الانتخابات التمهيدية لعام 2024.
  • المقاومة السلمية: رفعت شعار “الصناديق لا الرصاص”، وأشرفت على حملة وطنية شارك فيها أكثر من 800 ألف متطوع لكشف التلاعب الانتخابي.
  • الشجاعة المدنية: رغم المخاطر الشخصية والعيش في الخفاء، بقيت داخل البلاد لإلهام المواطنين.
  • رمز عالمي للديمقراطية: في وقت يشهد تراجعاً في التجارب الديمقراطية عالمياً، مثلت نموذجاً على أن التغيير السلمي هو الطريق الوحيد للسلام الحقيقي.

ردود الفعل الدولية

  • ماريا كورينا ماتشادو: عبرت عن صدمتها وامتنانها في فيديو بثه غونزاليز، وقالت: “أهدي هذه الجائزة إلى الشعب الفنزويلي… إنها تذكير بما لا يزال أمامنا من طريق نحو الحرية”.
  • الأمم المتحدة: أشادت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالفوز، معتبرة أنه “تكريم للمجتمع المدني الفنزويلي”.
  • المعارضة الفنزويلية: رأت في الجائزة “انتصاراً معنوياً” ودعماً دولياً لنضالها.
  • البيت الأبيض: وصف القرار بأنه “سياسي أكثر منه سلامي”، في إشارة إلى الطابع الرمزي للفوز.
  • إعلام النظام الفنزويلي: قلّل من قيمة الجائزة، واعتبرها “مؤامرة يمينية مدعومة من الغرب”.

التداعيات المتوقعة

الجائزة التي تبلغ قيمتها نحو 11 مليون كرونة سويدية (مليون دولار تقريباً) ستُسلّم في أوسلو يوم 10 ديسمبر 2025. غير أن حضور ماتشادو شخصياً يبقى غير مؤكد نظراً لوضعها الأمني الدقيق.

سياسياً، من المتوقع أن يزيد هذا التكريم من الضغوط الدولية على نظام مادورو، وأن يعزز موقف المعارضة في معركتها من أجل انتقال سلمي للسلطة.

فوز ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام لا يمثل مجرد انتصار شخصي، بل هو تكريس لصوت ملايين الفنزويليين الذين يطالبون بالديمقراطية عبر الوسائل السلمية. إنها لحظة فارقة تضع فنزويلا مجدداً في دائرة الاهتمام العالمي، وتذكر بأن قوة المدنيين، وإن بدت ضعيفة أمام جبروت الأنظمة، قادرة على تغيير المسار وإبقاء شعلة الأمل متقدة.

Join Whatsapp