ما هو “ملف إبستين” ولماذا يثير كل هذا الجدل؟
يُعدّ “ملف إبستين” من أكثر القضايا إثارة للجدل في العقود الأخيرة، ليس فقط بسبب طبيعة الجرائم التي ارتبطت به، بل بسبب شبكة العلاقات الواسعة التي كشفتها التحقيقات، والتي طالت رجال سياسة وأعمال ونخب عالمية. يعود الاهتمام المتجدد بالملف إلى محاولات الكشف عن من تورّطوا في هذه الشبكة، وسط تساؤلات كثيرة عن حجم التعتيم والمصالح الكبرى التي ربما تسعى لدفن الحقيقة.
من هو جيفري إبستين؟
جيفري إبستين هو رجل أعمال أميركي وممول شهير، وُلد عام 1953 وانتحر في زنزانته عام 2019 بعد اعتقاله بتهم تتعلق بالإتجار الجنسي بالقاصرات. على مدى سنوات، بنى إبستين شبكة علاقات واسعة شملت رؤساء دول، أمراء، أكاديميين، ومشاهير، وكان يمتلك جزيرة خاصة في الكاريبي، يعتقد أنها كانت تستخدم كموقع لارتكاب جرائم الاستغلال الجنسي.
ما هو “ملف إبستين”؟
مصطلح “ملف إبستين” يشير إلى الوثائق والتحقيقات الرسمية والمراسلات والشهادات التي جمعتها جهات إنفاذ القانون والمحاكم الأميركية حول نشاطات إبستين، وشركائه، وضحاياه، وزواره المثيرين للجدل. يتضمن الملف أيضاً:
- سجلات الطيران الخاصة بطائرته (المعروفة بـ “لوغ بوكس”)، والتي تحتوي على أسماء شخصيات معروفة يُزعم أنهم زاروا جزيرته الخاصة.
- وثائق المحكمة في قضايا مدنية وجنائية رفعتها ضحايا ضد إبستين وشريكته السابقة غيلاين ماكسويل.
- صور وفيديوهات تمت مصادرتها يُقال إنها توثق ممارسات فاضحة لبعض الشخصيات.
- مذكرات وشهادات سرية تم الكشف عنها مؤخرًا.
لماذا كل هذا الاهتمام بالملف؟
- تورط شخصيات نافذة: الملف يُلمّح إلى أن قادة سابقين، أمراء (مثل الأمير أندرو)، رجال أعمال كبار، وحتى بعض المسؤولين الحكوميين، زاروا إبستين أو تعاملوا معه.
- التستر الرسمي: هناك تساؤلات خطيرة حول كيفية تفادي إبستين للمحاسبة لسنوات، مما يشير إلى احتمال وجود تواطؤ مؤسساتي.
- ظروف وفاته الغامضة: انتحاره المزعوم داخل زنزانته في ظروف مثيرة للشك (كاميرات توقفت، حراس نائمون) دفع البعض للاعتقاد بأن هناك من “أسكته” خوفًا من كشف أسرار خطيرة.
- التورط الدولي: إبستين لم يكن يعمل داخل أميركا فقط، بل نسج شبكة واسعة تمتد إلى أوروبا، الشرق الأوسط، وجزر البحر الكاريبي.
آخر التطورات في الملف (حتى يوليو 2025):
- إفراج المحكمة عن دفعة جديدة من الوثائق في أوائل عام 2024، كشفت عن أسماء إضافية لزوار جزيرة إبستين، بينهم رجال أعمال معروفون في مجال التكنولوجيا والإعلام.
- توسيع التحقيق الفيدرالي حول ما إذا كان إبستين يعمل بمفرده أو كجزء من شبكة أوسع للتجنيد والابتزاز.
- مطالبات بإعادة التحقيق في وفاته بعد ظهور تسجيلات تشير إلى أن إبستين عبّر عن خوفه من “القتل داخل السجن”.
- تزايد شهادات الضحايا الجدد ممن بدؤوا بالتقدم بشهاداتهم بعد محاكمة شريكته غيلاين ماكسويل (التي حُكم عليها بالسجن 20 سنة).
- وثائق تربط بين إبستين ومؤسسات خيرية وأكاديمية كبرى كانت تُستخدم – كما يُزعم – كغطاء لعلاقاته مع النخبة.
ما هو أخطر ما في الملف؟
- الابتزاز السياسي: يُعتقد أن إبستين كان يسجّل ضيوفه في أوضاع محرجة لاستخدامها لاحقًا في الضغط أو الابتزاز.
- تورط القُصّر: الملف يُظهر نمطًا ممنهجًا لتجنيد فتيات قاصرات، بعضهن بعمر 13 عامًا، للاستغلال الجنسي.
- تواطؤ رسمي: مدّعون عامون، محققون، وموظفون فيدراليون اتُّهموا بغض النظر عن نشاطاته رغم الدلائل الكثيرة.
- السكوت العالمي: صمت العديد من الشخصيات البارزة التي ورد اسمها في الملف دون نفي مباشر أو دفاع قانوني علني، ما يثير المزيد من الشبهات.
“ملف إبستين” ليس مجرد قضية فردية بل مرآة قاتمة تعكس مدى تداخل المال، السلطة، والجنس في أعلى مستويات المجتمع العالمي. كلما انكشفت تفاصيل أكثر، تزداد الشكوك بأن هناك من ما زال يعمل بنشاط لدفن الحقيقة، لأن فتح الملف بالكامل قد يُحدث زلزالًا سياسيًا عالميًا.