أمام تكثيف شحنات الأسلحة الغربية إلى كييف تعمد موسكو إلى تكييف استراتيجيتها في أوكرانيا مستهدفة مواقع أساسية من مخازن أسلحة وجسور وسكك حديد، ومواصلة، في الوقت نفسه، هدفها المتمثل بالسيطرة على جزء من أراضي هذا البلد، وفق تحليل لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” من باريس.
 
فبعد اجتماع الثلثاء في ألمانيا بين نحو أربعين دولة، كرس لتعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا، أكد الجيش الروسي أمس أنه دمر خلال ضربة “كمية كبيرة” من الأسلحة التي سلمتها الولايات المتحدة ودول أوروبية لكييف.
 
وعشية ذلك، ألحق صاروخ أطلقته القوات الروسية أضرارا بجسر وخط للسكك الحديد على محور طرقات استراتيجي يربط منطقة أوديسا في أوكرانيا برومانيا، وفق ما قال مدير السكك الحديد الأوكرانية السكنجر كاميشين.
 
والاثنين، استهدفت منشآت السكك الحديد في منطقة فينيتسيا في وسط البلاد الغربي، وهي مركز ربط رئيسي للخطوط الداخلية في اوكرانية فضلا عن الخارج.
 
ورأى المدير المساعد لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية جان-بيار مولني اننا “ندخل مرحلة جديدة. فقد أعلنت الدول الغربية تكثيف مساعداتها العسكرية، لذا سيسعى الجانب الروسي إلى ضرب هذه القدرات وقدرة الأوكرانيين على التزود بالأسلحة”.
 
وقال المدير العام لمعهد المتوسط للدراسات الاستراتيجية باسكال اوسور: “تهدف المساعدة الغربية إلى السماح للقوات الأوكرانية بالصمود أمام عمليات القصف الروسية مما يشكل نبأ غير سار للروس. وهم يحالون تحجيم هذه القدرة”.
 
في هذه الأجواء، لم يكن تدمير شريان حيوي  يربط رومانيا في أوكرانيا وليد الصدفة.
 
وقال المدير العام لمجموعة الأبحاث الرومانية “نيو ستراتيجي سنتر” جورجج سكوتارو إن الروس “يريدون قطع تدفق المساعدات خصوصا المحروقات التي ترسلها الدول الغربية إلى أوكرانيا وكانت تمر عبر رومانيا”.
 
وكان ريتشارد د. هوكر من مركز الدراسات الأميركي “اتلانتيك كاونسل” تحدث عن هذا الاحتمال في 21 نيسان، متوقعا قطع سبل التواصل قريبا ولا سيما تلك المستخدمة لتزويد القوات الأوكرانية.
 
ويبقى الآن معرفة إلى أي حد سيمضي الروس. وقال مسؤول عسكري فرنسي: “يستهدفون منشآت للسكك الحديد، ولا يستهدفون قوافل”.
 
ورأى بنجامن ينسن من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن هامش المناورة المتاح للروس للتأثير على نقل العتاد إلى أوكرانيا قد يكون محدودا لأسباب جغرافية.
  
وقال: “في أسوأ الأحوال” سيتكيف الغربيون باعتمادهم على “شحنات أصغر يصعب رصدها (..) حتى لو تطلب ذلك وقتا أطول، على أن تجمع بعد ذلك في مكان واحد في حال شن عملية واسعة النطاق”.
 
“الخطوط اللوجسيتية الأوكرانية مكشوفة”
ويعزز ذلك هدف الروس الرئيسي المتمثل بتحقيق مكاسب على الأرض في شرق أوكرانيا، في قلب النزاع.
 
وأكد مولني: “يواصلون الجهود على الجبهتين عبر استهداف الشرايين الاستراتيجية والسيطرة على أجزاء من البلاد”.
 
ورأى أوسور أن قصف الشرايين الاستراتيجية من طرقات والسكك الحديد “يكسب موسكو وقتا ثمينا”.
 
وأضاف: “لا يتطلب ذلك استخدام الكثير من القنابل، وهذا أسرع، مثلا، من تدمير خاركيف بالكامل وأكثر فاعلية. فيتم عزل مسرح العمليات واحباط معنويات القوات المعزولة والمحاصرة ومنع حصولها على وسائل المقاومة لأطول فترة”.
 
وكشف المسؤول العسكري الفرنسي ان “الوحدات الأوكرانية المنتشرة في دونباس تعاني طول خطوطها اللوجستية، وهذه الخطوط مكشوفة أيضا”.
 
وبعد 64 يوما على بدء الهجوم الروسي، لا تزال مسألة توفير مساعدة كبيرة في مجال الدفاعات الجوية التي تطالب بها كييف بشكل شبه يومي، معلقة. لكن إلى متى؟
 
وسأل أوسور: “في حال سقطت خاركيف في الصيف وحصل تقدم سريع كيف نضمن إقامة جبهة جديدة قابلة للصمود؟ كل ذلك رهن بتحصين الضفة الغربية لدنيبر، ولا يمكن أن يحصل ذلك من دون تعزيز قدرات الدفاع الجوية الأوكرانية”.
 
في لندن، دعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إلى “مضاعفة الدعم المقدم الى أوكرانيا” على صعيد “الأسلحة الثقيلة والدبابات والطائرات” من دون أن تعطي تفاصيل حتى الآن.
 
وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس أمام البرلمان الروسي من أي تدخل خارجي متوعدا برد روسي “سريع ومدمر”، من دون الخوض في التفاصيل.

Join Whatsapp