إضاءة صخرة الروشة

بيروت – 25 أيلول/سبتمبر 2025
شهدت منطقة الروشة في بيروت مساء اليوم تجمعًا جماهيريًا حاشدًا لأنصار حزب الله، أضيئت خلاله صخرة الروشة الشهيرة بصور الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله ونائبه هاشم صفي الدين. الفعالية جاءت في إطار إحياء الذكرى الأولى لاغتيالهما بغارات إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

خلفية المناسبة

الاحتفال تزامن مع اقتراب الذكرى الأولى لاغتيال نصر الله (27 أيلول/سبتمبر 2024) وصفي الدين (3 تشرين الأول/أكتوبر 2024)، اللذين قُتلا في غارات إسرائيلية عنيفة خلال التصعيد العسكري الذي امتد من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى أيلول/سبتمبر 2024، وأدى إلى مقتل أكثر من أربعة آلاف لبناني وتشريد عشرات الآلاف.
الفعالية تضمنت بث كلمة قديمة لنصر الله وحضور آلاف المناصرين، في تحدٍ مباشر لتعميم حكومي صدر قبل أيام يمنع إضاءة الصخرة أو عرض صور ضوئية عليها باعتبارها رمزًا وطنيًا وسياحيًا.

انقسام شعبي حاد

الحدث أثار ردود فعل متناقضة على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع البيروتي:

  • مؤيدون: اعتبروا الإضاءة تكريمًا للشهداء ورمزًا للوحدة في مواجهة إسرائيل. انتشرت هاشتاجات مثل #صخرة_الروشة و#صورة_الأمين، ووصفت المشاهد بـ”المهيبة”.
  • معارضون: اعتبروا الخطوة “استفزازًا” و”خطفًا لرمز بيروت”. سياسيون وناشطون أكدوا أن الروشة رمز وطني لا يجوز توظيفه سياسيًا أو حزبيًا، فيما وصفت النائبة السابقة رولا الطبش الفعالية بأنها “استفزاز لأهل بيروت والحريريين”.

وشهد المكان تدافعًا محدودًا بين القوى الأمنية وبعض المناصرين، قبل أن يُضبط الوضع من دون تسجيل حوادث كبرى.

مواقف سياسية متباينة

  • رئيس الحكومة نواف سلام: أدان بشدة، واصفًا الحدث بـ”تصرف مستنكر”، وطلب من وزارات الداخلية والدفاع والعدل اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.
  • حزب الله (وفيق صفا): ظهر في تسجيل مصوّر قائلاً: “جايين نضويها”، في إشارة إلى تحدي قرار المنع، بينما لم يصدر الحزب بيانًا رسميًا.
  • النائب فؤاد مخزومي: هاجم الحزب معتبرًا أن ما جرى “خطف للدولة والرموز الوطنية” ودعا الحكومة لاستعادة هيبتها.
  • القوات اللبنانية: وصفت الفعالية بأنها “تشويه لرمز بيروت” ودليل على “ضعف الدولة”.
  • النيابة العامة: أعلنت فتح تحقيق في مخالفة القرار الحكومي.

يكرّس هذا الحدث الانقسام الداخلي حول دور حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية، ويطرح تساؤلات حول حدود سلطة الدولة على الرموز الوطنية في ظل استمرار التجاذبات بعد الحرب مع إسرائيل.

الروشة بين رمزيتها الوطنية وصراع الرموز الحزبية

تمثل صخرة الروشة في بيروت أحد أبرز المعالم الطبيعية والسياحية التي ارتبطت بصورة العاصمة اللبنانية عالميًا، بعيدًا عن الاصطفافات السياسية والطائفية. لكن مشهد إضاءتها بصور حسن نصر الله وهاشم صفي الدين في ذكرى اغتيالهما ألقى الضوء على التوتر القائم بين هوية لبنان الوطنية ومشاريع القوى السياسية المختلفة.

من جهة، يرى مناصرو حزب الله أن الفعالية امتداد لخط المقاومة في مواجهة إسرائيل، وتخليد لذكرى قيادات “استشهدت” في الحرب الأخيرة، مؤكدين أن بيروت “تتزين بصور المقاومين”. ومن جهة أخرى، اعتبر معارضون أن ما جرى محاولة لـ”أسر” رمز العاصمة وتحويله إلى منصة سياسية، في تجاوز للرمزية الجامعة التي تمثلها الروشة.

سياسيًا، أعاد المشهد إنتاج الانقسام اللبناني التقليدي بين محور “المقاومة” ومحور “الدولة”، حيث اعتبرت الحكومة ما حصل “تحديًا سافرًا” لقراراتها، بينما اعتبره الحزب تعبيرًا عن إرادة جماهيرية أقوى من القرارات الرسمية.

الحدث يطرح سؤالًا أعمق: هل ما زال للبنان رموز وطنية جامعة بعيدة عن الاصطفاف الحزبي؟ وهل تستطيع الدولة حماية هذه الرموز في ظل هشاشتها السياسية والانقسامات الطائفية؟

الجواب يبقى مرهونًا بما ستؤول إليه التحقيقات والإجراءات الحكومية المقبلة، وما إذا كان التوتر سينحصر في سجال سياسي وإعلامي، أم أنه سيأخذ منحى تصعيديًا على الأرض في ظل الظروف الإقليمية الدقيقة.

Join Whatsapp