زيارة المبعوثة الأميركية إلى لبنان: رسائل سياسية ودلالات استراتيجية
في زيارة حملت الكثير من الرسائل السياسية والاقتصادية، التقت المبعوثة الأميركية في إدارة ترامب إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس مع الرئيس اللبناني العماد جوزاف عون في قصر بعبدا. جاءت هذه الزيارة في وقت يشهد فيه لبنان أزمات متراكمة على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وسط تجاذبات إقليمية ودولية تؤثر بشكل مباشر على وضعه الداخلي.
رسائل أميركية واضحة: الضغط على حزب الله وإيران
من خلال تصريحاتها، أكدت المبعوثة الأميركية التزام الولايات المتحدة بمواجهة نفوذ حزب الله في لبنان والمنطقة. وأشارت إلى أن واشنطن تعمل على التأكد من أن الحزب لن يكون جزءًا من الحكومة اللبنانية بأي شكل من الأشكال، وأنه يجب نزع سلاحه وهزيمته عسكريًا. هذا الموقف يعكس السياسة الأميركية المتشددة تجاه الحزب، والذي تعتبره واشنطن منظمة إرهابية وتتهمه بزعزعة الاستقرار الإقليمي.
إضافة إلى ذلك، شددت المسؤولة الأميركية على أن إدارة الرئيس دونالد ترامب كانت تمارس ضغوطًا غير مسبوقة على إيران، بهدف منعها من تمويل وكلائها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله. وأكدت أن الهدف الأساسي هو منع طهران من امتلاك سلاح نووي ومن مواصلة دورها التخريبي في الشرق الأوسط، على حد تعبيرها.
الفساد والإصلاحات: دعم مشروط للحكومة اللبنانية
في سياق آخر، حملت الزيارة رسائل واضحة حول الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد، إذ أكدت المبعوثة الأميركية أن بلادها تأمل في أن ينجح لبنان في التخلص من الفساد الذي أنهك اقتصاده، معتبرة أن واشنطن ملتزمة بدعم الحكومة الجديدة بشرط التزامها بالإصلاحات والشفافية.
وأضافت أن الولايات المتحدة لا تريد للبنان أن يكون دولة معتمدة على المساعدات، بل تسعى لرؤيته كدولة متقدمة تجذب الاستثمارات العالمية، مما يعكس رغبة واشنطن في تعزيز نفوذها الاقتصادي داخل البلاد، في ظل التنافس الدولي على النفوذ في لبنان، وخاصة مع دخول الصين وروسيا على خط الاستثمارات الإقليمية.
إعادة نشر القوات الإسرائيلية: التزام أميركي بالترتيبات الأمنية
في نقطة أخرى لافتة، أشارت المسؤولة الأميركية إلى أن هناك التزامًا أميركيًا بترتيبات أمنية تتعلق بإعادة نشر القوات الإسرائيلية، في إشارة إلى مفاوضات تمت بين الولايات المتحدة ولبنان وإسرائيل. وذكرت أن 18 فبراير هو الموعد المحدد لتنفيذ إعادة الانتشار الإسرائيلي، مما يعكس دور واشنطن كوسيط في بعض الملفات الأمنية بين لبنان وإسرائيل.
دلالات الزيارة: تأكيد للنفوذ الأميركي أم تصعيد جديد؟
تحمل هذه الزيارة دلالات مهمة على أكثر من صعيد:
- استمرار الضغط الأميركي على حزب الله وإيران، ومحاولة فرض عزلة سياسية واقتصادية على الحزب داخل لبنان.
- دعم مشروط للحكومة اللبنانية، حيث تريد واشنطن أن ترى خطوات ملموسة في مكافحة الفساد قبل تقديم أي دعم مالي أو سياسي كبير.
- رسائل إلى الحلفاء الإقليميين، خاصة مع تصاعد المواجهة الأميركية-الإيرانية في المنطقة، مما يجعل لبنان ساحة أساسية لهذه التجاذبات.
يبدو أن واشنطن تسعى لتعزيز نفوذها في لبنان عبر الضغوط السياسية والاقتصادية، في محاولة لإعادة تشكيل المشهد اللبناني بما يتناسب مع استراتيجيتها في الشرق الأوسط. لكن يبقى السؤال: هل ستنجح هذه السياسات في تحقيق أهدافها، أم أن المشهد اللبناني المعقد سيظل عصيًا على الحسابات الأميركية؟