جنازة زياد الرحباني

زياد الرحباني يرحل… والدولة تصحو متأخرة!

بيروت – في مشهد مؤثر ومهيب، ودّع لبنان والعالم العربي الموسيقار والمسرحي الكبير زياد الرحباني، في جنازةٍ جمعت بين الحزن العميق والتكريم الرفيع، وحضرها كبار الشخصيات السياسية والفنية إلى جانب الآلاف من محبيه.

انطلقت مراسم التشييع ظهر الإثنين من مستشفى خوري في شارع الحمراء ببيروت، حيث تجمهر الآلاف منذ الصباح الباكر لوداع صاحب الصوت الجريء والمواقف الثابتة. وقد احتشد المشيعون على جانبي الطريق، حاملين صوره، ملقين الورود والزهور على نعشه وسط تصفيق حار، اختلط بالدموع والزغاريد في مشهد نادر.

ظهور نادر لفيروز وحزن عميق في كنيسة بكفيا

رغم التكهنات حول غيابها، حضرت السيّدة فيروز، والدة الراحل، إلى صالون كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة – بكفيا، وجلست بصمت موجع إلى جانب ابنتها ريما الرحباني، تتلقى العزاء وتودع ابنها الأكبر بنظرات تختصر دهراً من الوجع.

وكانت لحظة وصول النجمة ماجدة الرومي من أقسى اللحظات، حيث انهارت باكية أمام فيروز، وقبّلت يدها في محاولة للتخفيف من ألمها.

كما ظهرت الممثلة اللبنانية كارمن لبّس بلحظات مؤثرة، إذ كانت من أوائل الحاضرين، ورفضت مغادرة النعش لحظة وداع زياد، واحتضنته وهي تبكي بحرقة.

حضور سياسي وفني واسع

شهدت الجنازة مشاركة عدد من أبرز الشخصيات اللبنانية، يتقدمهم رئيس الحكومة نواف سلام، الذي حضر لتقديم واجب العزاء. كما حضر كل من النجوم راغب علامة، نجوى كرم، وكارول سماحة، مؤكدين أن زياد كان رمزًا وطنيًا وثقافيًا لا يُعوّض.

تكريم رسمي من الدولة اللبنانية

من جهته، منح رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزيف عون، الموسيقار الراحل وسام الأرز الوطني من رتبة “كومندور”، تقديرًا لمسيرته الفنية وإرثه الثقافي الكبير.

كما نعاه كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة، إضافة إلى عدد من الوزراء والنواب، مؤكدين أن غياب زياد ليس خسارة لعائلته فحسب، بل للوطن بأكمله.

مطالبات بإعلان الحداد الوطني

تزامنًا مع مراسم الجنازة، عبّر عدد من الفنانين والمثقفين اللبنانيين عن رغبتهم بإعلان يوم حداد وطني على روح زياد، لما شكّله من قيمة فنية وفكرية استثنائية. وكانت الفنانة حنان الحاج علي من أوائل المطالبين بذلك، من خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعي نال تفاعلًا كبيرًا.

مسيرة زياد الرحباني لا تُنسى

ولد زياد الرحباني في 1 يناير 1956، ونشأ في كنف واحدة من أعظم العائلات الفنية في لبنان. لكنه سرعان ما أثبت استقلاليته، وأطلق مسيرته الخاصة التي مزجت بين الموسيقى الشرقية والغربية، وارتكزت على نقد اجتماعي ساخر وسياسي جريء.

أعماله المسرحية مثل “نزل السرور” و*”بالنسبة لبكرا شو؟”* أصبحت من كلاسيكيات المسرح العربي، تمامًا كما أثّرت ألحانه وأغنياته في جيل كامل من الشباب الباحث عن المعنى والثورة والهوية.

توفي زياد صباح السبت عن عمر يناهز 69 عامًا، بعد صراع مع تليّف حاد في الكبد. وأصدر مستشفى خوري بيانًا أكد فيه وفاته في التاسعة صباحًا، معبرًا عن حزنه العميق لفقدان “فنان استثنائي شكّل بصمة فارقة في تاريخ الفن والمسرح والموسيقى اللبنانية”.

يستمر تقبّل التعازي اليوم وغدًا في كنيسة رقاد السيدة – بكفيا.

رحل زياد، لكن صوته لا يزال يتردد في الأزقة، ونصوصه لا تزال تُعرض على خشبات الوعي العربي. في وداعه، بكَت بيروت، لكن التاريخ سيتذكر جيدًا أن زياد الرحباني لم يكن مجرد فنان… بل كان صوتًا، وموقفًا، وذاكرة شعب.

Join Whatsapp