لبنان: سباق مع الزمن بين مشروع الدولة والفوضى المسلحة
وكالة أسنا للأخبار ASNA – بيروت – في مشهد يختلط فيه الأمل بالحذر، تخوض الدولة اللبنانية معركة مصيرية لاستعادة سيادتها ونزع السلاح غير الشرعي المنتشر في المخيمات الفلسطينية والمناطق الخارجة عن إطار الدولة.
الشارع اللبناني يعيش حالة ترقب بعد إعلان خطة حكومية، بدعم من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للبدء بسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، بدءًا من بيروت، ثم في البقاع والشمال والجنوب. هذه الخطة، التي وصفت بـ”الخريطة الأمنية الجريئة”، تشكل بارقة أمل وسط دوامة الانهيار السياسي والاقتصادي التي يعاني منها لبنان.
لكن هذه المبادرة تواجه مقاومة شديدة من قوى الممانعة، وفق ما صرح به رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي أكد أن هذه الأطراف تسعى إلى إفشال خطة جمع السلاح عبر تحريض بعض الفصائل الفلسطينية على رفض تسليمه، فضلاً عن محاولات ممارسة ضغوط على مسؤولين سياسيين وأمنيين لبنانيين لتأجيل أو تعطيل الخطة.
على الأرض، يشير مصدر أمني لبناني إلى أن “هناك تحركات مكثفة لضمان تنفيذ الخطة في بيروت، حيث تم وضع جدول زمني واضح للبدء بجمع السلاح في المخيمات، تمهيدًا لتوسيعه لاحقًا إلى مناطق أخرى، خصوصًا تلك التي كانت خارج سلطة الدولة”.
في السياق الإقليمي والدولي، تتزايد مؤشرات الدعم للبنان، بقيادة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، الذي يحظى بثقة عربية ودولية واسعة باعتباره شخصية قادرة على إدارة المرحلة الانتقالية نحو دولة القانون والمؤسسات. مسؤولون أمريكيون وعرب أشاروا إلى أن دعم العماد عون يتخطى الأطر التقليدية، ليشمل مساعدة فنية ولوجستية وخططًا لتأهيل القوى الأمنية، بما يضمن فرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
على المستوى الشعبي، يتصاعد الأمل بإمكانية استعادة الدولة، خصوصًا بعد سنوات من الانهيار الاقتصادي والمعيشي. مواطنون في بيروت عبّروا لـوكابة أسنا للأخبار ASNA عن خشيتهم من أن تتراجع الدولة تحت وطأة الضغوط السياسية، لكنهم في الوقت نفسه يرون في الدعم الدولي للجيش اللبناني والرئيس العماد عون فرصة تاريخية لاستعادة الأمن والاستقرار.
مصدر سياسي في بيروت أشار إلى أن “التحرك الحالي لا يمكن فصله عن التحولات الإقليمية والدولية التي تضغط على القوى التي كانت تهيمن على لبنان، وعلى رأسها حزب الله”. وأضاف: “هناك فرصة فعلية لإنهاء حالة اللا دولة، شرط أن تحافظ الدولة اللبنانية على قرارها وألا تتراجع تحت أي ضغط”.
في هذا السياق، يعتبر المراقبون أن التساهل أو التراجع عن خطة جمع السلاح سيشكل ضربة قاضية للعهد الجديد، وسينسف الآمال اللبنانية والدولية بعودة لبنان إلى موقعه الطبيعي كدولة ذات سيادة، ما قد يفتح الباب أمام مزيد من الانهيار السياسي والاقتصادي.
في المقابل، يرى مؤيدو خطة الدولة أن نجاحها سيفتح المجال أمام إعادة بناء الوطن على أسس جديدة، ترتكز على الاستقرار والسيادة واحترام القانون، بعيدًا عن هيمنة السلاح غير الشرعي والمصالح الإقليمية التي مزقت لبنان لعقود.
معركة لبنان اليوم لم تعد مجرد خلاف داخلي، بل أصبحت معركة بين مشروع الدولة ومشروع الفوضى المسلحة. وكل تأخير في تنفيذ خطة جمع السلاح قد يؤدي إلى ضياع هذه الفرصة النادرة التي يوفرها الدعم الدولي والعربي للبنان، بقيادة العماد جوزيف عون، لرسم ملامح دولة قادرة على حماية مواطنيها وصون سيادتها.
يبقى السؤال الذي يطرحه الشارع اللبناني:
هل تنجح الدولة في كسر حلقة السلاح غير الشرعي والفوضى؟ أم أن قوى الممانعة ستتمكن مرة أخرى من إبقاء لبنان أسير الأزمات؟