منشد المقاومة جاسوس الموساد: سقوط محمد هادي صالح يهز حزب الله من الداخل
في تطوّر صادم وغير مسبوق، اهتزّت أوساط “محور المقاومة” في لبنان على وقع فضيحة أمنية مدوّية بطلها أحد أبرز منشدي “حزب الله”، محمد هادي صالح، الذي ألقت السلطات اللبنانية القبض عليه بتهمة التخابر مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “الموساد”، وتسريب معلومات حساسة عن مواقع وقيادات داخل الحزب.
بداية القصة: بلاغ مالي يكشف خيانة كبرى
القضية بدأت بطريقة غير متوقعة، عندما تقدّم صاحب محل “Wish” في الضاحية الجنوبية بشكوى احتيال مالي ضد محمد هادي صالح، متّهمًا إياه بالمماطلة في تسديد مستحقات مالية. وأثناء احتجاز صالح داخل المحل لمحاولة استرداد المبلغ، أقدم صاحب الشكوى على تفتيش هاتفه المحمول ليُصدم بمراسلات بين صالح وشخص يُدعى “لويس”، أحد عملاء الموساد، مما دفعه فورًا إلى إبلاغ السلطات اللبنانية.
في 28 مارس، ألقت السلطات القبض على محمد هادي صالح وبدأت التحقيقات الأمنية معه، والتي سرعان ما كشفت عن مستوى صادم من التورّط في خيانة وطنية وأمنية.
تفاصيل التهم: خيانة عظمى بأبعاد دموية
تحقيقات المحكمة العسكرية اللبنانية، التي يقودها القاضي فادي عقيقي، أظهرت أن صالح لم يكن مجرد متعاون عرضي، بل كان عميلاً فعّالًا يعمل تحت أسماء مستعارة مثل “محسن”، “أبو داوود” و”علي”. وبحسب لائحة الاتهام، قام بتسريب إحداثيات دقيقة لمواقع ومراكز تابعة لحزب الله، بما في ذلك:
- مواقع تخزين صواريخ وأسلحة في الضاحية الجنوبية والبقاع.
- أماكن اختباء قيادات ميدانية بارزة داخل الحزب، بينهم القيادي حسن بدير ونجله، اللذين قُتلا لاحقًا في غارات إسرائيلية.
- بيانات عن وسائل النقل، آليات الدعم اللوجستي، وأسماء شخصيات ناشطة ضمن تشكيلات الحزب.
الأخطر من ذلك أن المعلومات التي سلّمها ساعدت بشكل مباشر في تنفيذ عمليات اغتيال استهدفت عدداً من رفاقه، الذين سبق وأن ظهر معهم في صور ومنشورات حزبية، في ما يبدو الآن أنه تمهيد لخيانة مدروسة من الداخل.
خلفية عائلية ملوثة بالخيانة
محمد هادي صالح لم يكن مجرد عنصر عادي في الحزب، بل كان من الأسماء البارزة في الساحة الدينية والثقافية داخل البيئة الشيعية المقاومة. كان يُعرف بـ”أخ الشهيد”، فيما خدم والده سابقًا في جهاز التعبئة التابع لحزب الله. يُذكر أيضًا أن أحد أقربائه هو الشهيد قاسم صالح، ما منحه موقعًا اجتماعيًا متقدّمًا وثقة شبه مطلقة من القيادات الحزبية.
هذه الثقة استغلها محمد صالح جيدًا لاختراق مفاصل الحزب، وعاد في الفترة الأخيرة لمحاولة الاندماج مجددًا في التشكيلات العسكرية كغطاء لجمع مزيد من المعلومات، وفق ما كشفته التحقيقات.
المال مقابل الوطن: 23 ألف دولار ثمن دماء رفاقه
المقابل المالي الذي حصل عليه محمد هادي صالح من الموساد لم يتجاوز 23 ألف دولار، ما يعكس مأساوية الموقف: ثمن زهيد في مقابل خيانة وطنية دمويّة أودت بحياة مقاتلين وشخصيات مؤثرة داخل حزب الله.
صدمة داخل جمهور المقاومة
الشارع اللبناني، وخاصة البيئة المؤيدة لحزب الله، تلقى الخبر بذهول وغضب شديد، خاصة أن المتهم كان يؤدي أناشيد تحاكي الشهادة والتضحية، ويشارك في مناسبات تأبينية لرفاقه الذين ساهم هو نفسه في تصفيتهم من خلال تمرير المعلومات للعدو.
وسائل التواصل الاجتماعي ضجّت بالغضب والاستهجان، وبرزت ردود فعل تتهم بيئة الحزب بالتقصير الأمني، وعدم التحقق من خلفيات الأفراد حتى ضمن الدوائر القريبة والمثقفة، كما أشار كثيرون إلى أن “العدو الحقيقي أحيانًا لا يأتي من الخارج، بل من داخل البيت نفسه”.
خيانة تكشف هشاشة داخلية
قضية محمد هادي صالح تمثّل واحدة من أخطر الاختراقات الأمنية التي تطال حزب الله منذ سنوات، ليس فقط بسبب طبيعة المعلومات التي تم تسريبها، بل لأن الفاعل كان محسوبًا على وجوه “الثقة” داخل الحزب، ما يفتح الباب لتساؤلات أكبر حول حجم الاختراق الحقيقي الذي قد يطال التنظيم من الداخل.
المحاكمة مستمرة، والفضيحة تتفاعل، لكن المؤكد حتى الآن أن خيانة بهذا الحجم لن تمر من دون تداعيات أمنية وسياسية عميقة في لبنان والمنطقة.