وزير الخارجية ‎#يوسف_رجي

في لحظة إقليمية بالغة الحساسية، أطلق وزير الخارجية اللبناني سلسلة مواقف غير مسبوقة عبر قناة الجزيرة، حملت رسائل سياسية واضحة إلى الداخل والخارج في آن واحد، وكشفت حجم الضغوط التي يتعرّض لها لبنان على وقع الحديث عن عملية عسكرية إسرائيلية واسعة.

تحذيرات خارجية… ولبنان في “دائرة الخطر”

أولى الإشارات التي تستدعي التوقّف قوله إن جهات عربية ودولية وجّهت إلى لبنان تحذيرات جدية من استعداد إسرائيل لشنّ هجوم واسع. هذا النوع من التصريحات يندر سماعه من مسؤول لبناني على هذا المستوى، ويعكس إدراكًا رسميًا بأن هامش المناورة السياسية يضيق، وأن الحرب لم تعد سيناريو بعيدًا كما كان يُروَّج.

ويأتي ذلك في ظل اتساع رقعة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، وتزايد الضغوط الأميركية والغربية على بيروت لضبط حدودها الجنوبية.

دبلوماسية استباقية لتجنّب الضربة

الوزير شدّد على أن اتصالات دبلوماسية مكثّفة تجريها السلطات اللبنانية مع عواصم عربية وغربية بهدف تحييد لبنان ومرافقه الحيوية عن أي ضربة إسرائيلية محتملة. هذه اللغة تعكس محاولة رسمية للتأكيد أن الدولة – لا الحزب – تتولّى التواصل الخارجي، في رسالة موجّهة للمجتمع الدولي بأن بيروت تحاول فعل ما بوسعها لتجنّب الانزلاق إلى الحرب.

العودة إلى اتفاقية الهدنة… وليس “سلاماً”

وفي خطوة لافتة، أعلن الوزير أن بيروت تسعى إلى العودة لاتفاقية الهدنة الموقّعة مع إسرائيل عام 1949، مؤكدًا أن معاهدة السلام ليست مطروحة حاليًا. هذه المقاربة توحي بأن لبنان يحاول تثبيت قواعد اشتباك قديمة بدل الذهاب نحو تسوية سياسية شاملة تُعدّ حاليًا مستحيلة في ظل الانقسام الداخلي.

انتقاد مباشر لسلاح حزب الله

أما التصريح الأكثر إثارة للجدل، فتمثّل في قوله إن سلاح حزب الله أثبت عدم فعاليته في الدفاع عن لبنان أو إسناد غزة، بل جلب الاحتلال الإسرائيلي إلى الداخل اللبناني. هذا الموقف يشكل تحولًا في خطاب الدولة اللبنانية التي كانت تتجنب في السابق تحميل الحزب مسؤولية التصعيد العسكري.

وكشف الوزير كذلك أنّ الدولة تتحاور مع حزب الله لإقناعه بتسليم سلاحه لكنه يرفض، وهي إشارة تُرسل إلى الخارج بأن الدولة تحاول فرض سيادتها، لكنها تصطدم بموازين القوى الداخلية.

مواجهة مفتوحة مع إيران

وفي لهجة غير معتادة رسميًا، اتّهم الوزير إيران بأن دورها سلبي جدًا في لبنان والمنطقة، وبأن سياسات طهران أحد مصادر عدم الاستقرار، مؤكداً أن لبنان “منفتح على الحوار مع إيران شرط توقفها عن التدخل في شؤونه الداخلية”.

كما دعا طهران إلى وقف تمويل تنظيم غير شرعي داخل لبنان، في إشارة واضحة إلى دعمها لحزب الله.

قراءة في خلفيات التصعيد

هذه السلسلة من التصريحات تحمل دلالات عدة:

  1. محاولة رسم تمايز رسمي عن حزب الله في وقت تتعاظم فيه الضغوط الغربية على لبنان.
  2. توجيه رسالة تطمين للعرب والغرب بأن لبنان لا يسعى للحرب بل للعودة إلى قواعد الهدنة.
  3. التمهيد لاحتمال تحميل الحزب وإيران مسؤولية أي حرب مقبلة، في إطار إعادة صياغة الموقف الرسمي اللبناني.
  4. الإشارة إلى انقسام داخلي كبير بين الدولة والحزب، قد يُستثمر دوليًا في أي مفاوضات لاحقة.

وزير الخارجية اللبناني لم يطلق مواقف عابرة، بل رسم عبر تصريحاته ملامح استراتيجية جديدة تسعى الدولة من خلالها إلى النأي بلبنان عن الحرب، مع تحميل حزب الله وإيران جزءًا من مسؤولية التوتر القائم.

وفي ظل وجود تحذيرات من عملية عسكرية إسرائيلية واسعة، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة دقيقة عنوانها:
“دبلوماسية اللحظة الأخيرة لوقف الانفجار… أو للتحضير لما بعده.”

Join Whatsapp