تصريح توم باراك حول لبنان وبلاد الشام
خلفية التصريحفي 12 يوليو 2025
أدلى المبعوث الأمريكي الخاص للبنان وسوريا، توم باراك، بتصريح لصحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، حذر فيه من أن لبنان قد “يعود ليصبح بلاد الشام من جديد” إذا لم يتحرك لمعالجة قضايا داخلية، لا سيما مسألة سلاح حزب الله. وأشار إلى أن “السوريون يقولون إن لبنان هو منتجعنا البحري”، معبراً عن إدراكه لإحباط الشعب اللبناني من الوضع الراهن. يأتي هذا التصريح في سياق زيارات باراك الأخيرة إلى لبنان (7 و8 يوليو 2025)، حيث قدم مقترحاً أمريكياً لتسوية سياسية وأمنية تركز على نزع سلاح حزب الله وتطبيق القرار الأممي 1701.
- الدلالات التاريخية والسياسية:
- مصطلح “بلاد الشام”: يشير إلى المنطقة التاريخية التي شملت سوريا، لبنان، الأردن، وأجزاء من فلسطين/إسرائيل تحت الحكم العثماني. استخدام هذا المصطلح يحمل دلالات رمزية، إذ يلمح إلى إمكانية فقدان لبنان لاستقلاله السياسي وسيادته، ودمجه ضمن كيان إقليمي أوسع تحت هيمنة قوى مثل سوريا أو غيرها.
- “منتجعنا البحري”: هذا التعبير يعكس وجهة نظر سورية محتملة ترى لبنان كجزء جغرافي وسياسي مكمل لها. هذه العبارة تستحضر ذكريات الوجود السوري في لبنان (1976-2005)، مما يثير حساسيات لبنانية عميقة.
- التهديد الوجودي: باراك ربط استقرار لبنان بنزع سلاح حزب الله، محذراً من أن عدم التحرك قد يؤدي إلى فقدان السيادة لصالح قوى إقليمية مثل سوريا أو إيران، أو حتى تحت ضغط إسرائيلي.
- السياق الإقليمي:
- التصريح يعكس التوترات الإقليمية المعقدة، حيث تتصارع قوى مثل إسرائيل، إيران، وسوريا على النفوذ في لبنان.
- المقترح الأمريكي الذي قدمه باراك يهدف إلى تحقيق استقرار عبر نزع سلاح حزب الله، لكنه يواجه تعقيدات بسبب الدعم الإيراني للحزب والديناميات الداخلية اللبنانية.
- عودة النفوذ السوري، كما يشير التصريح، قد تكون مرتبطة بتعزيز الدور الإقليمي لسوريا بعد استقرار نسبي داخلي أو دعم خارجي.
- الشرعية القانونية لتغيير الحدود:
- القانون الدولي: تغيير حدود دولة ذات سيادة مثل لبنان يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، الذي يكفل سيادة الدول وحقها في الوجود المستقل (المادة 2، الفقرة 4). أي محاولة لدمج لبنان في كيان “بلاد الشام” ستتطلب موافقة الدولة اللبنانية أو قراراً أممياً، وهو أمر غير مرجح في السياق الحالي.
- الواقع السياسي: التغيير الفعلي للحدود يتطلب قوة عسكرية أو سياسية كبيرة، مثل احتلال أو ضغوط إقليمية هائلة. سوريا، في وضعها الحالي، لا تملك القدرة العسكرية أو الاقتصادية لفرض مثل هذا السيناريو، لكن التصريح قد يكون تحذيراً من نفوذ سياسي أو اقتصادي متزايد.
- الجدوى: احتمال تغيير الحدود ضئيل جداً في الوقت الحاضر بسبب التوازنات الإقليمية والدولية. لكن التصريح قد يكون موجهاً كضغط سياسي لدفع لبنان نحو تنازلات، خصوصاً في قضية سلاح حزب الله.
- مدى استفزاز التصريح للبنانيين:
- الحساسيات التاريخية: اللبنانيون، بمختلف طوائفهم، يعتزون باستقلال لبنان الذي تحقق رسمياً عام 1943. أي إشارة إلى فقدان السيادة أو العودة إلى “بلاد الشام” تثير مخاوف من العودة إلى حقبة الاحتلال السوري أو فقدان الهوية الوطنية.
- الانقسامات الداخلية: التصريح يضع اللبنانيين في موقف حساس، حيث يدعم البعض (خصوصاً القوى المعارضة لحزب الله) نزع السلاح كوسيلة لتعزيز السيادة، بينما يرى آخرون (مؤيدو حزب الله) أن التصريح تهديد خارجي يهدف إلى إضعاف المقاومة ضد إسرائيل.
- الإحباط الشعبي: باراك أشار إلى إحباط الشعب اللبناني، وهو أمر حقيقي في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية المستمرة منذ 2019. لكن استخدام هذا الإحباط كجزء من خطاب يلمح إلى فقدان السيادة يُنظر إليه كاستغلال للأزمة اللبنانية.
ردود الفعل
- ردود الفعل الرسمية:
- الحكومة اللبنانية ردت على مقترح باراك بما وُصف بـ”الرد الإيجابي والمسؤول”، لكنها لم تلتزم بجدول زمني لنزع سلاح حزب الله، مما يعكس الحذر في التعامل مع الضغوط الأمريكية.
- حزب الله ومصادر مقربة منه عبرت عن استياء من التصريح، معتبرة أنه يهدف إلى الضغط على المقاومة وتقويض دورها في الدفاع عن لبنان.
- ردود الفعل الشعبية والإعلامية:
- على منصة إكس، أثار التصريح جدلاً واسعاً. بعض اللبنانيين اعتبروه تهديداً مباشراً للسيادة الوطنية، بينما رأى آخرون أنه تحذير واقعي من مخاطر استمرار الوضع الحالي.
- وسائل إعلام لبنانية، مثل الميادين وسيريا تي في، ركزت على التصريح كجزء من ضغوط أمريكية-إسرائيلية لنزع سلاح حزب الله، بينما اعتبرته صحف أخرى، مثل النهار، تحذيراً من التدخلات الإقليمية.
- ردود الفعل الشعبية عكست انقساماً بين من يرون في التصريح تدخلاً أجنبياً ومن يرونه دعوة لإصلاح داخلي.
هل من الممكن استخدام تهديد تغيير الحدود كأداة ضغط؟
- إمكانية التهديد: استخدام تهديدات بتغيير الحدود أو فقدان السيادة كأداة ضغط سياسي ليس جديداً في العلاقات الدولية. في حالة لبنان، يمكن أن يكون التصريح محاولة لدفع الأطراف اللبنانية، خصوصاً حزب الله، إلى الامتثال للمقترحات الأمريكية. لكنه يحمل مخاطر تصعيد التوترات الداخلية والإقليمية.
- الجدوى: التهديد بتغيير الحدود غير واقعي عملياً في الوقت الحاضر بسبب القيود القانونية والسياسية، لكنه قد يكون فعالاً كخطاب رمزي لإثارة المخاوف ودفع اللبنانيين نحو اتخاذ قرارات تحت الضغط.
- المخاطر: مثل هذه التصريحات قد تزيد من الانقسامات الداخلية في لبنان، وتعزز من خطاب المقاومة لدى حزب الله، الذي قد يصور نفسه كحامي السيادة ضد التهديدات الخارجية.
تصريح توم باراك مثير للجدل بسبب دلالاته التي تثير مخاوف اللبنانيين من فقدان السيادة.
تغيير حدود لبنان أو دمجه في كيان “بلاد الشام” غير قانوني بموجب القانون الدولي وغير مرجح عملياً في الوقت الحاضر، لكنه يُستخدم كتهديد رمزي للضغط على لبنان لتنفيذ إصلاحات، خصوصاً نزع سلاح حزب الله. التصريح استفز العديد من اللبنانيين بسبب حساسياتهم التاريخية والسياسية، وأثار انقسامات بين مؤيدي المقاومة وداعمي الإصلاحات السيادية.
ردود الفعل عكست هذا الانقسام، مع مخاوف من أن التصريح قد يفاقم التوترات الداخلية والإقليمية. يُنصح بمراقبة التطورات السياسية والردود الرسمية لتقييم تأثير التصريح على المدى الطويل.