ليلى ناصر – وكالة أسنا للأخبار ASNA
ديربورن، ميشيغان ــ 19 نوفمبر 2025
شهدت مدينة ديربورن، التي تضم أكبر تجمع للأمريكيين من أصل عربي في الولايات المتحدة، توتراً ملحوظاً يوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025، إثر تنظيم مجموعة صغيرة من النشطاء المعادين للإسلام احتجاجاً أطلقوا عليه اسم «الأمريكيون ضد أسلمة المدينة».
بدأ الاحتجاج في حوالي الساعة الثالثة عصراً بالتوقيت المحلي عند تقاطع شارع ميشيغان مع شارع شيفر، ثم تحرك المتظاهرون باتجاه مبنى بلدية ديربورن حيث كان مقرراً عقد جلسة لمجلس المدينة مساءً. ورفع المتظاهرون، الذين لم يتجاوز عددهم بضع عشرات، لافتات وصلباناً خشبية ورددوا هتافات مثل «شوارعنا شوارعنا»، و«أمريكا أمة مسيحية»، و«لن نستسلم للإسلام أبداً».
في المقابل، تجمع مئات الأشخاص من أبناء الجالية المسلمة والعربية والسكان المحليين للرد سلمياً على الاحتجاج، رافعين شعارات الوحدة والحب والتعايش، ومشكلين سلاسل بشرية لحماية المصاحف ومنع أي تصعيد.
محاولة إحراق المصحف نقطة الاشتعال الرئيسية
تصاعد التوتر بشكل كبير عندما حاول أحد النشطاء البارزين، وهو جيك لانغ (أحد المحكومين في أحداث 6 يناير ومرشح حالياً لمجلس الشيوخ)، صب سائل قابل للاشتعال على نسخة من المصحف ثم صفعها بلحم خنزير، في استفزاز واضح للمعتقدات الإسلامية. تدخل عدد من الشبان المسلمين بسرعة واستعادوا المصحف، مما أدى إلى اندلاع مشادات بالأيدي وتبادل للدفع والشجار الجسدي البسيط، دون وقوع إصابات خطيرة بفضل تدخل الشرطة.
دور الشرطة وغياب الاعتقالات
نشرت شرطة ديربورن، التي يشكل المسلمون نسبة كبيرة من أفرادها، أعداداً كبيرة من العناصر لفض الاشتباكات وتشكيل حواجز بشرية بين الطرفين. وتمكنت الشرطة من تأمين خروج المتظاهرين المعادين للإسلام دون تسجيل اعتقالات كبيرة، وفقاً للتقارير الأولية.
خلفية الاحتجاج وردود الفعل
تأتي هذه التظاهرة في سياق متصاعد من الخطاب المعادي للإسلام في الولايات المتحدة، حيث تُستهدف ديربورن بشكل متكرر بسبب نسبة سكانها العرب والمسلمين التي تتجاوز 50%. وكان منظمو الاحتجاج قد انتقدوا بشكل خاص بث الأذان عبر مكبرات الصوت خمس مرات يومياً، معتبرين ذلك «تغييراً ثقافياً غير مقبول».
من جانبها، دعت منظمات مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) في ميشيغان إلى تجاهل الاستفزاز وعدم التصعيد، مشيدة بضبط النفس الذي أبداه أبناء الجالية. كما أعرب بعض منظمي الاحتجاج الأصلي، مثل المرشح الجمهوري لمنصب الحاكم أنتوني هدسون، لاحقاً عن دهشته من الاستقبال «الإيجابي» من بعض السكان، داعياً إلى الحوار بدلاً من التقسيم.
وفي جلسة مجلس المدينة مساء الثلاثاء، استمر حضور الطرفين مع دعوات متكررة من المسؤولين المحليين إلى احترام التنوع والتعايش السلمي الذي تُعرف به ديربورن منذ عقود.
يُعد هذا الحدث حلقة جديدة في سلسلة التوترات المتعلقة بالهجرة والدين والهوية في الولايات المتحدة، لكنه بقي محصوراً ولم يتحول إلى أعمال عنف واسعة النطاق.



