بقلم ليلى ناصر
عمدة ديربورن اللبناني الأصل لن يعتذر
ديربورن – في أولى جلسات المجلس البلدي منذ العاصفة التي أثارها، لم يقدم عمدة دياربورن عبدالله حمود اعتذاراً للمواطن الذي وصفه بـ”الإسلاموفوبي” وطلب منه مغادرة المدينة، ملوماً وسائل الإعلام في بيان معد مسبقاً.
لم تكن قاعة مجلس مدينة ديربورن تتسع للحضور، الثلاثاء، في مشهد يعكس حدة الجدل الذي اندلع منذ الجلسة المثيرة في التاسع من سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما هاجم العمدة حمود (35 عاماً) المواطن تيد بارهام، بعد اعتراض الأخير على إطلاق اسم شخصية عربية على شارع بشكل فخري.
البيان: تماسك في مواجهة “التضليل”
وقف حمود ليقرأ بياناً معداً، أشاد فيه بتنوع المدينة وتسامحها، قائلاً: “نحن نطبق المثالية القائلة بأن الأشخاص من جميع الخلفيات، وجميع المعتقدات، يمكنهم العيش بسلام واحترام كجيران.” وأضاف، في إشارة إلى التغطية الإعلامية للواقعة: “لهذا السبب تم وصمنا واستهدافنا منذ عقود، قبل العناوين المُضخمة لهذا الأسبوع. لطالما كان هناك أنصار لتقسيم وتشويه مدينتنا.”
لكن البيان خلا من أي إشارة مباشرة إلى الحادثة أو إلى بارهام، وهو ما رأى مراقبون أنه إصرار على الموقف رغم تداعيته.
بارهام: “أحبوا أعداءكم”
قبل بيان العمدة، تحدث بارهام، الذي يعمل قساً، مؤكداً أنه لا ينوي رفع دعوى قضائية رغم الضغوط، قائلاً: “اطلبوا البركة لمن يلعنونكم.. أحبوا كارهيكم.” وأضاف: “أعتقد أن هناك كراهية كثيرة في مجتمعنا الآن… وأود أن أقول ذلك فيما يتعلق بحزب الله أيضاً، وبالسيد سبلاني، وبإسرائيل. أحبوا كارهيكم.”
جذور العاصفة
تعود جذور الأزمة إلى قرار فخري من قادة مقاطعة واين بوضع لافتة اسم “أسامة سبلاني” – ناشر “صحيفة صدى الوطن العربية الأمريكية” وعضو قاعة مشاهير الصحافة في ميشيغان – على شارع وارين. وفي جلسة 9 سبتمبر، اعترض بارهام على اللافتة بسبب تصريحات سابقة نسبها لسبلاني أشاد فيها بحزب الله وحركة حماس، قائلاً: “أشعر أن وجود هذه اللافتة يشبه تسمية الشارع باسم حزب الله أو حماس.”
رد حمود آنذاك بعنف: “أنت islamophobe (معاد للإسلام). وعلى الرغم من أنك تعيش هنا، أريدك أن تعرف أنني كعمدة أشعر انك غير مرحب بك هنا. وسننظم للاحتفال عندما تغادر المدينة.”
ردود فعل متباينة وانقسام واضح
في جلسة الثلاثاء، انقسمت آراء المتحدثين بين مؤيد للعمدة ومعارض. فبينما أشاد بعض السكان بقيادته، انتقده آخرون مثل جيف ديفيس الذي قال: “بصفتك عمدة، يجب أن تكون موحداً، لا أن تذكي نار الانقسام. كانت اللغة المستخدمة مهينة ومثيرة للفتنة.”
بدوره، تحدّى القس ناثان هايز الصورة النمطية، متحدثاً عن مساجد عرضت المساعدة بعد انهيار سقف كنيسته، قائلاً: “أشعر بالتعب من الدفاع باستمرار عن هويتنا الحقيقية التي تختلف عما يُعرض في مقاطع التواصل الاجتماعي.”
بينما ركز أنطوني ديجان على الجوهر السياسي، مطالباً بإجابة واضحة: “السؤال الحقيقي لهذه البلاد لمدينة دياربورن هو: أين تقف تحديداً من حماس وحزب الله؟”
سياق انتخابي
يأتي هذا الجدل في توقيت حاسم، حيث يستعد حمود لخوض انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل أمام منافسه ناجي المدهجي. ويبدو أن البيان، رغم محاولة تهدئة الأجواء، يؤكد أن العمدة يفضل خطاباً يركز على تماسك المدينة في مواجهة ما يصفه بالهجمات الخارجية، عوضاً عن التراجع عن تصريحاته المثيرة للجدل.
البيان الذي طال انتظاره لم يحقق المصالحة التي قد يتطلع إليها البعض في مدينة تفتخر بتنوعها. بدلاً من الاعتذار، اختار العمدة حمود الدفاع عن سجل المدينة في التسامح وإلقاء اللوم على وسائل الإعلام، تاركاً سؤالاً حول قدرة خطاب الوحدة على رأبة صدع قد يحتاج إلى أكثر من مجرد كلمات معدة مسبقاً.