فضيحة احتيال تهز برامج الرعاية الاجتماعية في مينيسوتا

وكالة أسنا للأخبار – ASNA

مينيابوليس – 28 ديسمبر 2025

تشهد ولاية مينيسوتا الأمريكية واحدة من أضخم فضائح الاحتيال في تاريخ برامج الرعاية الاجتماعية، بعد أن كشفت تحقيقات فيدرالية عن شبكات منظمة استولت على مئات الملايين، وربما مليارات الدولارات، من أموال دافعي الضرائب عبر برامج الرعاية الصحية والتغذية والإسكان. وبينما تشير التحقيقات إلى أن معظم المتهمين من أصول صومالية، يؤكد قادة الجالية أن هذه الجرائم تمثل أقلية ولا تعكس الغالبية الساحقة من أبناء الجالية الملتزمين بالقانون.

ووفقاً للمدعي الفيدرالي جو تومبسون، فإن حجم الاحتيال المحتمل في 14 برنامجاً من برامج “ميديكايد” منذ عام 2018 قد يتجاوز 9 مليارات دولار، من أصل 18 مليار دولار تم صرفها خلال تلك الفترة. ووصف تومبسون ما جرى بأنه “صادم”، مشيراً إلى أن الاحتيال اتخذ طابعاً “صناعياً”، حيث جرى إنشاء شركات وهمية لتقديم خدمات غير موجودة، وتحويل الأموال إلى سيارات فارهة وعقارات في كينيا وتركيا، إضافة إلى رحلات دولية فاخرة.

أبرز المخططات الاحتيالية

1. برنامج “إطعام مستقبلنا” (Feeding Our Future):
يُعد هذا البرنامج أكبر مخطط احتيال مرتبط بجائحة كوفيد-19 في الولاية، إذ تم الاستيلاء على نحو 250 مليون دولار كانت مخصصة لتغذية الأطفال. وحتى ديسمبر 2025، أُدين أكثر من 50 شخصاً من أصل 78 متهماً، بينهم مؤسسة المنظمة أيمي بوك التي صدر بحقها حكم بالسجن بعد إدانتها بتهم الاحتيال والرشوة. وأظهرت التحقيقات استخدام الأموال في شراء ممتلكات فاخرة.

2. برامج رعاية الأطفال والتوحد:
كشفت التحقيقات عن فواتير وهمية لخدمات رعاية أطفال غير موجودة، إضافة إلى استغلال برامج علاج التوحد عبر تجنيد أطفال دون تشخيص حقيقي مقابل رشى للآباء. وفي سبتمبر 2025، وُجهت أول تهمة في مخطط احتيال مرتبط بالتوحد بقيمة 14 مليون دولار، تلتها في ديسمبر تهم جديدة بملايين الدولارات.

3. خدمات الإسكان والرعاية المنزلية:
شهد إنفاق برنامج “خدمات استقرار الإسكان” قفزة من 21 مليون دولار في عام 2021 إلى 104 ملايين دولار في 2024، تبين أن معظمها كان احتيالياً. وفي عام 2025، وُجهت تهم لعدة أشخاص بسرقة مئات الآلاف من الدولارات لكل متهم، ما دفع الولاية إلى إيقاف البرنامج في أكتوبر الماضي.

كما كشفت تحقيقات حديثة في ديسمبر 2025 عن مراكز رعاية أطفال فارغة تلقت ملايين الدولارات دون وجود أي نشاط فعلي، من بينها مركز حصل على 1.9 مليون دولار خلال عام واحد، ما أثار غضباً واسعاً ومطالبات بمحاسبة حاكم الولاية تيم والز.

أبعاد سياسية ومجتمعية

سياسياً، استغل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القضية لمهاجمة الجالية الصومالية، واصفاً مينيسوتا بأنها “مركز لغسل الأموال الاحتيالي”، ومعلناً إنهاء الحماية المؤقتة من الترحيل للصوماليين وتنفيذ مداهمات. وقد أثارت هذه التصريحات مخاوف داخل الجالية التي تضم نحو 80 ألف شخص، معظمهم مواطنون أمريكيون أو مقيمون قانونيون يعملون في مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم.

في المقابل، أدان قادة الجالية الصومالية هذه الجرائم واعتبروها “خيانة”، مؤكدين أنها تسيء إلى سمعة الأغلبية الشريفة وتغذي التمييز. ودعت النائبة إلهان عمر، المنحدرة من أصول صومالية، إلى محاسبة المتورطين دون تعميم، مشددة على أن التحقيقات لم تثبت وجود روابط مباشرة بدعم الإرهاب، رغم وجود تحقيقات حول تحويلات مالية إلى الصومال قد تكون وصلت بشكل غير مباشر إلى جماعة الشباب.

إجراءات رسمية وتحقيقات مستمرة

من جانبه، أعلن حاكم الولاية تيم والز تعيين “مسؤول مكافحة الاحتيال” وإجراء تدقيقات خارجية شاملة، إلى جانب إقرار قوانين جديدة خلال عام 2025 لتعزيز الرقابة على برامج الرعاية. ولا تزال التحقيقات الفيدرالية مستمرة، مع إدانة أكثر من 60 شخصاً حتى الآن، وتوقعات بتوجيه المزيد من التهم في الأشهر المقبلة.

وتسلط هذه القضية الضوء على ثغرات خطيرة في نظام الرعاية الاجتماعية الأمريكي، خصوصاً في ما يتعلق بالرقابة والمتابعة، كما تفتح نقاشاً واسعاً حول كيفية تحقيق التوازن بين دعم الفئات المحتاجة ومكافحة إساءة استخدام المال العام، من دون تعميم الاتهامات على جالية كاملة تساهم في بناء المجتمع الأمريكي.

Join Whatsapp